أكد التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات حول المؤسسات والمقاولات العمومية أن هناك ما يزيد عن 708 مؤسسات ومقاولات عمومية وفروع تملك فيها الحكومة مساهمات في رأسمالها تواصل إثقال كاهل المالية العمومية للمغرب، باستثناء خمس مؤسسات عمومية كبرى فقط التي تسهم بحوالي 48,9 في المائة من مجموع التحويلات التي قام بها قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية نحو الميزانية العمومية للدولة. وكشف المصدر أن تحويلات المؤسسات والمقاولات العمومية لفائدة خزينة الدولة تتم من قبل عدد ضئيل من هذه الهيئات، حيث إن أرباح المساهمات والحصص من الأرباح يبقى مصدرها الأساس هو "اتصالات المغرب" التي تمتلك الدولة 30 في المائة من رأسمالها، ومجموعة المكتب الشريف للفوسفاط وصندوق الإيداع والتدبير. وأورد تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن المقارنة بين التحويلات المتبادلة بين الدولة وبين المؤسسات والمقاولات العمومية، خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2010 و 2014، توضح أن الكفة تميل، بشكل هيكلي، إلى فائدة هذه الأخيرة. وأكدت الوثيقة أن المستوى الذي بلغه أداء المقاولات العمومية يبرز أن هذا القطاع لم يتطور وفق منظور إستراتيجي منسجم ومحدد بشكل واضح على المديين المتوسط والبعيد، مشيرا إلى أن التحولات الأساسية التي عرفها القطاع ارتبطت بظروف تاريخية خاصة أو بنوعية ومؤهلات أصحاب القرار أو بضرورة الاستجابة لمتطلبات محددة. وأثار التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات حول المؤسسات والمقاولات العمومية الانتباه إلى أنه بدأت تظهر، من مطلع العشرية الجارية، على القطاع مؤشرات نمو بطيء؛ كما يدل على ذلك التراجع على مستوى الاستثمارات المنجزة، وارتفاع المديونية، وتزايد تحويلات الموارد العمومية من الدولة لفائدة المؤسسات والمقاولات العمومية. وأضاف التقرير: "على الرغم من أن القطاع عرف عدة إصلاحات وسجل نجاحات حقيقية، فإن الإشكاليات المرتبطة بحجمه وقيادته الاستراتيجية، وكذا بحكامته وعلاقاته مع الدولة تظل مطروحة". وشدد المصدر ذاته على أن دور الدولة ك"مساهم" يظل غير محدد وغير واضح، علما أن وزارة الاقتصاد والمالية يفترض فيها تجسيد هذا الدور بالنظر إلى أنها تتوفر على بنية لليقظة والقيادة من أجل مواكبة المؤسسات والمقاولات العمومية في تطبيق إستراتيجياتها وتحسين أدائها والارتقاء بها إلى مستوى من التنظيم والمراقبة الداخلية يؤهلها لاعتماد تدبير يقوم على النتائج والأداء. واعتبر التقرير أن دور الدولة ك"مخطط" يبقى أيضا غير محدد بالشكل الكافي، مشيرا إلى أن القيادة الإستراتيجية من لدن الوزارات ذات الاختصاص القطاعي غير مؤطرة قانونا، إذ إن الممارسات تعرف تباينا من قطاع إلى آخر؛ وذلك حسب الثقافة السائدة في كل وزارة على حدة، وحسب مهارات المسؤولين المعنيين ومستوى الأهمية التي يولونها لهذه المقاولات.