يتحسّس المئات من مسؤولي المقاولات العمومية ومنشآتها رؤوسهم، وذلك مع قرب إصدار المجلس الأعلى للحسابات تقريرا جديدا حولها، يرصد الاختلالات التي طبعت تحويل الدولة مئات الملايير من السنتيمات لها، قصد القيام بمهامها الاستثمارية. التقرير يهم عشرات المنشآت والمقاولات العمومية، ويقوم خلاله المجلس الأعلى للحسابات بمهمة تقييم الإستراتيجية والحكامة في القطاع، الذي يعتبر من أهم الدعامات الرئيسة للاقتصاد المغربي. وفي الوقت الذي تشير المعطيات الأولية إلى أنهم خلصوا إلى دور القطاع في الاستثمار العمومي، إلا أن قضاة المجلس، الذي يرأسه الوزير الأول الأسبق إدريس جطو، سجلوا أنه "لا زال يعاني من مجموعة من النقائص". ويأتي في مقدمة النقائص التي سيشملها افتحاص دقيق، ويرتقب أن يسقط عقبها مسؤولون كبار في مقاولات الدولة، كثرة التحويلات المالية من الدولة إلى المؤسسات العمومية، والتي تفوق 300 مليار سنتيم سنويا، في وقت تم تسجيل ضعف نسبة المردودية، والتي لا تتجاوز 3 بالمائة. من جهة ثانية، يتميز القطاع، حسب ما وقف عليه قضاة المجلس، بثقل مديونية المؤسسات والمقاولات العمومية، مؤكدين "تراكم متأخرات الضريبة على القيمة المضافة لفائدة هذه المؤسسات بحوالي 28 مليار درهم". وبعدما نبه المجلس ضمن توصياته التي ستصدر قريبا إلى ضعف التناغم الإستراتيجي بين هذه المؤسسات والسياسات العمومية للدولة، لفت الانتباه إلى ما وصفها ب"اختلالات في الحكامة"، قبل أن يقترح مجموعة من التوصيات التي من شأنها حسبه أن تساهم في تحسين أداء هذا القطاع الحيوي. من جهة أخرى، ولتجنب الانتقادات التي توجه لأدائه، وعدم تفعيل ما جاء في تقاريره السابقة حول مؤسسات الدولة، يستعد المجلس الأعلى للحسابات للقيام بمهام تتبع مآل التوصيات الصادرة عنه، قصد التأكد من مدى اتخاذ هذه الأجهزة التدابير اللازمة بشأنها. وفي هذا الصدد، يعتزم المجلس إصدار أول تقرير منفرد، يضم بصفة حصرية تتبع التوصيات الصادرة عنه، إذ أنجز عدة مهمات تخص تقارير خاصة أصدرها سابقا، ومنها تقارير عن القرض العقاري والسياحي CIH، والصندوق المركزي للضمان CCG، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والوحدات الصحية التابعة له. وفي هذا السياق تشمل التقارير الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل وتنمية الكفاءات ANAPEC، والمركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية، والتعاون الوطني، والملك العام البحري، ومؤسسة "باستور" المغرب، بالإضافة إلى الوكالة الحضرية للرباط وسلا.