حذر المجلس الأعلى للحسابات من النمو المتباطئ الذي باتت تعرفه المقاولات العمومية بالمغرب، مفيدا بأن الأمر يعود بشكل أساسي إلى التراجع الحاصل على مستوى الاستثمارات المنجزة وارتفاع المديونية وتزايد تحويلات الموارد العمومية من الدولة لفائدة المؤسسات والمقاولات العمومية؛ ناهيك عن الإشكاليات المرتبطة بحجمه وقيادته الإستراتيجية، وكذا بحكامته وعلاقاته مع الدولة التي تظل مطروحة. وأفاد المجلس ذاته، ضمن تقريره السنوي برسم 2015، بأن القطاع "لم يتطور وفق منظور إستراتيجي منسجم ومحدد بشكل واضح على المدى المتوسط والبعيد"، مؤكدا أن التحولات الأساسية التي عرفها "ارتبطت بظروف تاريخية خاصة أو بنوعية ومؤهلات أصحاب القرار أو بضرورة الاستجابة لمتطلبات محددة". وأشار المصدر نفسه إلى أن دور الدولة كمساهم يظل غير محدد وغير واضح، قائلا إن "وزارة الاقتصاد والمالية، والتي يفترض فيها تجسيد هذا الدور، لا تتوفر على بنية لليقظة والقيادة من أجل مواكبة المؤسسات والمقاولات العمومية في تطبيق إستراتيجياتها وتحسين أدائها والارتقاء بها إلى مستوى من التنظيم والمراقبة الداخلية يؤهلها إلى اعتماد تدبير يقوم على النتائج والأداء"، فيما دور "الدولة كمخطط"، هو الآخر "غير محدد بالشكل الكافي". وينبه التقرير إلى أنه "منذ سنة 2000 سجل قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية ارتفاعا مستمرا لمديونيته، إذ بلغ حجمها سنة 2015 ما مجموعه 245.8 مليارات درهم؛ وهو ما يشكل 25 في المائة الناتج الداخلي الخام"، وزاد: "وبالمقارنة مع سنة 2004 سجل حجم مديونية المؤسسات والمقاولات العمومية ارتفاعا بنسبة 321 في المائة؛ وهو ما قد يشكل مصدر هشاشة للقطاع بكامله". ويضيف التقرير: "يشكل الارتفاع المضطرد لمديونية المؤسسات والمقاولات العمومية منذ سنة 2011 أحد المخاطر التي تهدد المالية العمومية؛ وذلك لالتزام ميزانية الدولة بتحمل أقساط الديون المضمونة في حالة عدم قدرة بعض الهيئات على سداد ما بذمتها في ما يخص بنية مديونية المؤسسات والمقاولات العمومية". وفي ما يخص الدين الخارجي، أكد المصدر نفسه أنه في ارتفاع مستمر منذ سنة 2008، إذ بلغ عند نهاية سنة 2015 ما مجموعه 160 مليار درهم، "وهو ما يشكل 65 في المائة من مجموع دين المؤسسات والمقاولات العمومية"، وزاد: "ويبلغ مجموع الدين المضمون من قبل الدولة 105 مليارات درهم". في المقابل، يشير المجلس إلى أن أغلب مؤشرات قطاع المقاولات العمومية بالمغرب عرفت منحى تصاعديا سنة 2015، إذ وصل المبلغ الإجمالي للاستثمار بالقطاع 71.6 مليارات درهم، وزاد: "كما أنه مع نهاية 2014 بلغ رقم المعاملات 198 مليار درهم، وتم تحقيق قيمة مضافة بحوالي 72.7 مليارات درهم، ووصلت القدرة على التمويل الذاتي ما قدره 42.2 مليار درهم؛ فيما راكمت الأصول الإجمالية ما مجموعه 1.001 مليار درهم". ويؤكد التقرير أنه "ما بين 2010 و2014 بلغ مجموع تحويلات الموارد العمومية لفائدة المؤسسات والمقاولات العمومية 159.8 مليارات درهم، منها 104.5 مليارات درهم من الميزانية العامة للدولة، و34.5 مليارات درهم من الحسابات الخصوصية للخزينة، و20.6 مليارات درهم على شكل رسوم جبائية وشبه جبائية أو اقتطاعات إجبارية". وتتكون الحقيبة العمومية من 212 مؤسسة عمومية و44 مقاولة عمومية بمساهمة مباشرة من الخزينة و442 فرعا ومساهمة عمومية. ويشغل القطاع 129545 مستخدما تبلغ تكاليفهم 30.9 مليارات درهم. يذكر أن القطاعات التي استفادت أكثر من المجهود الاستثماري للمؤسسات والمقاولات العمومية هي على التوالي قطاع الطاقة والمعادن والماء والبيئة بنسبة 32.9 في المائة، متبوعا بقطاع البنيات التحتية والنقل بنسبة 25.2 في المائة، يليه قطاع السكن والتنمية المجالية الذي يستحوذ على نسبة 17.2 في المائة؛ فالقطاع المال بنسبة 11.3 في المائة.