أرقام صادمة تلك التي كشف عنها تقرير حديث للمجلس الأعلى للحسابات، حول المديونية في المغرب، والتي اعتبر بأنها تشكل تهديدا للمالية العمومية، إذ سجل قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية ارتفاعا مستمرا لمديونيته منذ سنة 2000، ليبلغ حجمها في سنة 2015 ما مجموعه 245.8 مليار درهم وهو ما يشكل 25 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وأوضح المجلس، في تقرير حول "المؤسسات والمقاولات العمومية بالمغرب: العمق الاستراتيجي والحكامة"، أنه وبالمقارنة مع سنة 2004، فقد سجل حجم مديونية المؤسسات والمقاولات العمومية ارتفاعا بنسبة 321% وهو ما قد يشكل مصدر هشاشة للقطاع بكامله. وأضاف المجلس الذي يرأسه ادريس جطو، أن الارتفاع المضطرد لمديونية المؤسسات والمقاولات العمومية منذ سنة 2011، شكل إحدى المخاطر التي تهدد المالية العمومية، وذلك لالتزام ميزانية الدولة تحمل أقساط الديون المضمونة في حالة عدم قدرة بعض الهيئات على سداد ما بذمتها. وفيما يخص بنية مديونية المؤسسات والمقاولات العمومية، يقول المجلس، فإن الدين الخارجي أخذ في الارتفاع منذ سنة 2008، ومع نهاية سنة 2015، بلغ ما مجموعه 160 مليار درهم وهو ما يشكل 65 في المائة من مجموع دين المؤسسات والمقاولات العمومية، ويبلغ مجموع الدين المضمون من قبل الدولة 105 مليار درهم. وأشار المجلس أنه وبغض النظر عن أهمية الديون الجارية للمؤسسات والمقاولات العمومية، وعن وزنها مقارنة بالناتج الداخلي الخام 25 في المائة، فإن المكتب الشريف للفوسفاط، على الرغم من دوره المساهم في ميزانية الدولة، يعد من بين المؤسسات التي ساهمت في رفع مستوى هذه الديون، وذلك بهدف مواكبة استراتيجيته التنموية وتمويل برامجه الاستثمارية. وبخصوص التوصيات، فقد ذكر المجلس، أنه وبالنظر للارتفاع الذي عرفته مديونية المؤسسات والمقاولات العمومية خلال العشرية الأخيرة وكذا تراكمها على مستوى بعض منها على الخصوص، فإن هذا الجانب يستلزم وضعه ضمن الاهتمامات الرئيسية. و تعاني المقاولات العمومية من مديونية مفرطة على المستوى الخارجي بالنظر لمكانتها على مستوى الاقتصاد الوطني مما يستوجب وضع منظومة تتيح آليات دينامية للتتبع والمراقبة. وينبغي وضعها تحت قيادة الوزارة المكلفة بالاقتصاد والمالية، ويقترح أن تسند لهذه المنظومة، على الخصوص الإخبار في الوقت الفعلي، حول مديونية المقاولات العمومية وسلوكها في شكل لوحة قيادة يتم إعدادها بطريقة منتظمة؛ وتثبيت القواعد الاحترازية التي يتوجب على المقاولات العمومية التقيد بها فيما يخص التمويل الخارجي. علاوة على ذلك، الاعتماد على الآليات الكفيلة بالحد من المخاطر وتقليص كلفة الدين: تغطية مخاطر الصرف واللجوء إلى ضامنين آخرين غير الدولة والتسديد المسبق للديون الأكثر كلفة وتنويع عملات الاقتراض والمزج بين القروض المحلية والقروض الخارجية.