بات الحديث عن طرق تدبير النفايات بالمغرب يشغل بال الباحثين الجامعيين، إذ يصفون الإشكالية ب"القنبلة الموقوتة"، داعين إلى ضرورة التعامل معها بحكامة، ومطالبين المسؤولين السياسيين بضرورة الاعتماد على التقارير الجامعية عوض الاقتصار على "التقارير المفبركة". وفي هذا الإطار، قال فريد الزاهي، مدير المعهد الجامعي للبحث العلمي، إن البحث العلمي له رؤية عميقة ويمكنه أن يصل إلى نتائج مدبرة فيما يتعلق بطرق تدبير النفايات، مضيفا: "وبالتالي، يمكن أن يستفيد منه أصحاب القرار عوض الاقتصار على استعمال التقارير المفبركة والسريعة التي يقوم بها خبراؤهم المعتمدون، ولا ينظرون إلى ما تنتجه الجامعة من أبحاث واستقصاءات يمكن أن تكون قابلة لأن تفك فتيل القنبلة الموقوتة"، وفق قوله. وأكد الزاهي، في كلمة له خلال انعقاد الندوة الدولية حول موضوع "حكامة النفايات الحضرية.. الرهانات المجالية والاجتماعية" المنظمة من لدن الكلية متعددة التخصصات بخريبكة وجمعية الأبحاث في الهجرة البيئية والتنمية وشراكة مع المعهد الجامعي للبحث العلمي، أن قضية تدبير النفايات باتت من القضايا "الشائكة وذات الأبعاد المتعددة؛ فهي ليست قضية تدبير منزلي فقط، بل يرتبط الأمر أيضا بتدبير مجالي واجتماعي مرتبطة بالبيئة بمعناها الطبيعي وأيضا بمعناها الاجتماعي". ويرى الزاهي أن القضية تتطلب التعامل بحكامة قائلا: "الحكامة ليست هي قوانين فقط أو مجموعة من التدابير الفوقية المسكوكة والمسنونة التي يصادق عليها البرلمان؛ بل إن الحكامة هي، أولا وقبل كل شيء، تربية في البيت وفي الشارع ووعي اجتماعي وحضاري من خلاله تبدأ التدابير"، مفيدا بأن "الحكامة الحقيقية الفعلية هي التي تمكن من خلق صناعات خاصة بالفرز وإعادة التدوير". ويردف الأستاذ الباحث قائلا: "النفايات حينما نتعامل معها تعاملا براغماتيا فإننا نخفيها في مطارح غير مجهزة بشكل جيد، وفي كثير من الأحيان لا نهتم بما يسمى بالرسكلة أو إعادة تدويرها، ونترك الأمور لنوع من الاقتصاد الهامشي الذي تتغذى منه مجموعة من الأفراد وهم الفارزون؛ مما يخلق تهميشا مضاعفا هو عدم تنظيم هذا القطاع وإعطائه طابعا يدخل في الصناعة الاجتماعية وبالتالي في التدبير السياسي المجالي". ويرى المتحدث أن الأمر "يخلق الكثير من الهشاشة الاجتماعية والتلوث الهندسي الحضاري، إذ نجد المزابل قرب المنازل؛ وهو أمر لا يمكن أن نقبله في مغرب القرن الحادي والعشرين، لا جماليا ولا اجتماعيا ولا اقتصاديا". من جانبه، شدد مصطفى زعيتراوي، أستاذ باحث بالكلية متعددة التخصصات بخريبكة، على ضرورة مناقشة موضوع النفايات الحضرية من جانب الحكامة، قائلا إن "إشكالية النفايات بالمغرب يتم التطرق لها في الغالب من الزاوية التقنية". ويقول زعيتراوي إن النقاش حول سبل تدبير النفايات يجب أن يتدخل فيه كل الفاعلين بالقطاع العام والخاص وأيضا بالمجتمع المدني، قائلا: "حل الإشكال لا يقتصر على الجواب التقني؛ بل أيضا يجب الفهم من جوانب مختلفة، خاصة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتنظيمية". وركز علي باجا، عميد الكلية متعددة التخصصات بخريبكة، على ضرورة إيجاد طريقة لتدبير جميع أنواع النفايات سواء الصلبة أو السائلة من أجل تخفيض تأثيراتها. ونادى عميد الكلية متعددة التخصصات بخريبكة، في مداخلته، بوجوب وضع إستراتيجية من أجل حكامة جيدة في التعامل مع النفايات للحفاظ على البيئة من أجل الأجيال المقبلة.