نظمت بالكلية المتعددة التخصصات بخريبكة ندوة علمية أكاديمية حول موضوع " التعليم الجامعي بين الحق والواجب" وذلك بالمدرج الرسمي للكلية يوم الخميس 05 يونيو 2014، وقد افتتحت الندوة التي قام بتسييرها الدكتور مصطفى زعيتراوي بكلمة للسيد عميد الكلية الدكتور علي باجا التي تحدث فيها للمقاربة بين مفهومي الحق و الواجب، وبكلمة تقديمية تلتها المسؤولة عن الندوة الدكتورة ليلى الخلفي أستاذة باحثة بالكلية المتعددة التخصصات بخريبكة بينت من خلالها أن شأن كل عمل مهني يشيد التدريس صرحه على ركيزة مفاهيمية أساس تسجل فعلا إنسانيا يؤرخ لماهية الإنسان ووجوده، وإذا كان العمل المهني فاعلية اجتماعية موجهة لتأسيس فعل نافع فإن فعل التعليم وأثره ينفرد بتحديده المتميز يوجهه نسق إبستيمولوجي معقد، لهذا كان التدريس هو سلاح نهضة الشعوب لكنه تنظمه أهداف واحدة بين مؤسسات تسمى مدارس تكوينات جامعات وشبهت التدريس ببندقية لها شكل جميل مغري لكن حاملها إذا لم يحسن استعمالها ترتد إليه فتسفكه، وحاملها إنسان متعدد فهو الأستاذ وهو الطالب حيث كلهم يشتركون في حمل الرسالة التعليمية وترسيخ واقع معين وكلها تشترك أيضا في الأفاق المستقبلية والرؤية الممكنة التي تسعى إلى تجاوز هفوات السابق وكلها تتجرع نتائج الحلم بالغد والتخطيط. ولأهمية هذا السلاح وطنيا عربيا ودوليا انحرفت مساحته كبيرة بين هموم العصر الحديث كإشكالية كبيرة وفق عناوين لها الاختلاف والتعدد تقرأها على صفحة الانترنيت بين صفحات المجلات والجرائد على طاولة المسؤولين حيث أفردت لها منظمة اليونيسكو جزءا من اهتمامها وهرع لمناقشتها وزراء دول الخليج تخوفا من القادم المجهول وهو التخوف الذي أفرز بنودا تؤطرها رؤية شمولية قاربت الموضوع من كل أمكنته في إطار نقد الذات الذي تتميز بموضوعيته وجدليته، لأن فاعلية النظر تستدعي أهمية النظر في كل متحقق بعمليات تصحيح يمتد حضورها باستمرار من أجل التأسيس لفعل جديد، أي التأسيس لمرحلة أخرى لها ميكانيزمات أكثر استعدادا لتحديات الغد. نقد الذات أيضا لم يحرج دولة كبيرة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية وهي تطرح موضوع التعليم في الثمانينات لتنتهي مناقشته بتقرير تغلفه نظرة صادمة اختارت له عنوان يستحق الثناء هذا العنوان هو" أمة في خطر" وخطورتها واقع تعليمي سائد يتماها بمآزقه الكثيرة تترجمه إحدى فقرات التقرير الذي يقول" لو قامت أمة معادية بفرد أداء تعليمي قليل الجودة على الشعب الأمريكي كما هو الحال في النظام التعليمي السائد لاعتبرنا ذلك مدعاة للحرب ولكن كل ذلك يحدث الآن ومن خلالنا وقد سمحنا به" إنه وجه من أوجه النقد الكثيرة ومعه حيرة السؤال ومعه سؤال الذات إنها ذاتنا المتعددة تقول الأستاذة ليلى الخلفي وتقول أيضا نحن الأساتذة ونحن الطلبة ونحن أيضا المسؤولين نلتقي اليوم بأنفسنا حينما نجعل سؤالنا مهنة التدريس وهو موضوع متاهة وهو حقل مساءلة لاتنتهي لهذا رأينا تقول الأستاذة ليلى إلى تسييج حدوده بالاهتمام بالتدريس الجامعي فقط محاور ثلاثة. وثنائية لطرفين مثلا زمنين حق وواجب فالحق هو الواجب الثابت المؤكد والواجب هو اللازم المتفق أي مافرض القانون فعله فردا جازما وضمن هذه المعادلة الرياضية نقرأ مهنة التدريس في مستوياتها المختلفة : المستوى الأول خاص بضمانات وشروط الممارسة في التعليم العالي، والمستوى الثاني وهو المستوى التكويني " الأوندراماكتوجي " تم مستوى القيم والمعايير أي مايشكل أخلاقيات المهنة لأن الفعل النافع ماهو إلا تفاعل الجانبين التكويني والأخلاقي أما الحور الثالث والأخير فسيتعلق بالطالب قنديل الغد وأمل الأمة ماذا نريد منه أخلاقيا وعلميا هل نختم مسار تحصيله بشهادة فقط أم نرسخ فيه تحصيلا ممتدا تمتد معه الحياة ولا تتوقف: ماذا تقدم له؟ وكيف؟ ولماذا؟. ولعل كلمة الدكتورة ليلى الخلفي تتقاطع كليا مع مادهب له التقرير التمهيدي للندوة الذي بين أن العدالة المرجوة في كل المجتمعات هي النابعة من التوازن بين الحق والواجب. فالحق في الحرية والتعبير عن الرأي والرفاهية والصحة والتعليم هي مطالب يومية ضرورية وهو ماركزت عليه كل القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان. وبالمقابل على الفرد والمؤسسات أن يقوم كل بالواجب المطلوب منه أمام نفسه وأمام المجتمع وأمام الوطن، لأن في مقابل الحقوق يأتي تتميم الواجبات. ولأن قطاع التعليم يجب أن يكون ورشا دائما للتقييم والتقويم، حيث أن الخطأ في القطاعات الأخرى قد يكلف ضياع سنة بينما يعصف في قطاع التعليم بمصير جيل وربما لأجيال، ولأن التعليم تعامل مع بشر، يأتون من مستويات اجتماعية مختلفة، ومشارب وميولات متباينة فماهي الآليات للتعامل مع الجميع سواسية؟ وهل حاجتنا هي تكوين أجيال تعطي في كل المجالات أو مجرد حملة شهادات يطلبون أكثر مما يعطون؟ وهل التعليم رسالة نطلب من حاملها التضحية ونكران الذات أم هو مهنة أيضا يجب أن نحيطها بضمانات ونوفر لها شروط الممارسة؟ وإذا كان الكل يتحدث عن أزمة التعليم، فهل هناك أزمة في التعليم ذاته أم أنه ضحية لأزمات متعددة اقتصادية، سياسية، اجتماعية وبنيوية؟ وهل تراجع نتائج الإصلاحات المتعاقبة نابع من فشل في ذاتها أم لأنها وضعت بشروط نجاح منعدمة؟ ثم ماهو تأثير تنامي فلسفة الحق وتغييب فلسفة الواجب على منظومة التعليم الجامعي؟ ولأن الجامعة كانت على مر الزمن مسرحا لتطارح الأفكار وللتحليل والاجتهاد ولتقديم البدائل، وفي محاولة لإثراء النقاش حول المسألة التعليمية بالمغرب، فقد دعت اللجنة المنظمة ثلة من الأساتذة لمناقشة محاور الندوة التي لامست حاجيات التكوين والمسؤولية البيداغوجية وأي طالب نريد؟ وضمانات وشروط الممارسة في التعليم الجامعي. حيث من خلال محور أي طالب نريد؟ ركز الدكتور عبد الوحيد قوشيح أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بعين الشق الدارالبيضاء على ضرورة الربط بين الطالب الجامعي و سوق العمل كمقاربة تسويقية ,باعتبار ان الطالب يحمل مهارات(منتوج على حد تعبير الأستاذ) هذه المهارات التي يجب أن تغلف أحسن تغليف ( يقوم التغليف على ركائز من بينها طريقة الكلام , طريقة اللباس و اتقان اللغات ...) ثم تقييم المادة العلمية للطالب ...هذا الطالب يجب أن يتوفر على مجموعة من الشروط من بينها :الإرادة و الاختلاف, سرعة الاندماج, سهولة التواصل و أخد المبادرة وتحديد الأهداف والتخطيط وطالب الدكتور عبد الوحيد قوشيح بتوفير مستوى أكاديمي جيد يضاهي تجارب عالمية رائدة كالتجربة الألمانية وختم بكلام جميل "حيط الرمل ماتقيسو ماتخربق ليه ساسو". ومن خلال محور ضمانات وشروط الممارسة في التعليم الجامعي ركز الدكتور محمد أبو النصر أستاذ البيولوجيا بكلية العلوم بنمسيك الدارالبيضاء، كاتب جهوي للنقابة الوطنية للتعليم العالي وعضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ركز في مستهلها لدور السياسات العمومية ودور التعليم العمومي رغم مشكل الإملاءات العالمية باعتبار أن التعليم يكفله دستور المملكة ولأنه حق من حقوق الانسان وتحت عليه جل المواثيق الدولية وكدا اتفاقية حقوق الطفل حيث أشار إلى أنه ينبغي قبل التكلم عن الحق والواجب يجب التحدث عن المسؤولية، وهي في الحقيقة مسؤوليات تتشارك فيها جميع القوى الفاعلة انطلاقا من الاباء فواضعو البرامج ثم صناع القرار الدولة والإدارة ثم الملقين الاساتذة وصولا إلى المتلقي الطالب بالرغم من مشاكل الاكتضاض والنقل والسكن والمنح الجامعية ومشاكل التحرش الجنسي والابتزاز والتمييز بين الطلبة على أساس عرقي أوديني أو خلقي مع التبليغ على الغش ترسيخا لقيم المساواة. لأن التعليم ليس بسلعة كما يقول الأستاذ وحث على اجتهاد الأساتذة والثقة في النفس، والدقة في الوقت، وتحيين معلوماتهم وعدم الدخول في الصراعات والحزازات الجانبية في ما بينهم خدمة للتعليم الجامعي والمنظومة التعليمية برمتها. وقد اختتمت الندوة التي مرت في جو من الهدوء والمسؤولية وبمناقشة عامة بين الأساتذة والطلبة والحضور بالخروج ببعض التوصيات العامة التي تساهم في ربط المسؤولية بالمحاسبة وإيجاد البحث عن التعليم المنتج.