ركزت الصحف العربية اليوم الخميس اهتمامها على ردود الفعل حول القمة العربية ، التي اختتمت أشغال دورتها ال28 أمس الأربعاء بالبحر الميت بالأردن، وانشغالات ملوك ورؤساء الدول المشاركة بعدد من القضايا الملحة وخاصة القضية الفلسطينية ، والتعبير عن إرادتهم للعودة إلى العمل العربي المشترك، فضلا عن تحليلها لإعلان عمان وأهم التوصيات التي جاءت فيه. ففي مصر، كتبت جريدة (الأهرام ) في افتتاحيتها بعنوان "مصر وفلسطين" أن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام القمة العربية في الأردن، جاءت لتضع النقاط فوق الحروف، وتجيب عن تساؤلات كانت قد رددتها أصوات عديدة مؤخرا، حول الموقف المصري من القضية الفلسطينية. وقالت إن الرئيس أكد، بما لا يدع مجالا للشك، أن القضية الفلسطينية هي الأولى والمركزية في قلب وعقل كل عربي، ومن ثم فلا مجال للتشكيك في مدى أهمية تلك القضية بالنسبة للعرب جميعا، مؤكدة أن هذه القضية وإن كانت لا يمكن فصلها عن بقية التطورات الإقليمية أو غيرها من الأزمات والصراعات التي تزداد اشتعالا يوما بعد يوم، إلا أنها مع ذلك هي التي تحتل الأولوية على غيرها. وأولى الركائز في هذه القضية، تشير الصحيفة، هي أن الهدف الأول من أي تسوية مستقبلية، هو إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، ، والثانية، أن "مصر لن تتوقف أبدا عن السعي لتحقيق الحل الشامل والعادل في فلسطين، من خلال التواصل مع كل الأطراف الدولية لاستئناف المفاوضات الجادة بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني". وأضافت أن الركيزة الثالثة، والتي جاءت كلمة الرئيس المصري، فهي أن مصر تؤمن بضرورة العمل العربي المشترك، ليس في ما يتعلق بقضية الشعب الفلسطيني فقط، بل في كل القضايا العربية الأخرى، وأن استعادة الجسد العربي عافيته أصبحت أمرا حتميا لمواجهة ما يهدد أمتنا العربية من مخاطر، ومن هنا فإنه "لا غنى عن مشاركة كل مؤسسات العمل العربي المشترك فى هذا السعي". ومن جهتها ،كتبت جريدة (الوطن) تحت عنوان "قمة بلا قيمة" أنه على الرغم من الأزمات الطاحنة التي تعصف بالمنطقة العربية وتفجر الأوضاع الميدانية في بلدان عدة، فإنه "يقال أن قمة البحر الميت أظهرت إجماعا بإعطاء القضية الفلسطينية الأولوية على أساس حل الدولتين وهو الحل الوحيد نظريا المقبول عربيا حتى الآن! وأن المبادرة العربية للسلام التي أطلقت في قمة بيروت عام 2002 هي المرجع الأساسي المقبول". وقالت إن ما صرح به وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بأن قرارات القمم العربية جميلة ولكن ليس لها انعكاسات على أرض الواقع، لأنه أمر يتكرر في كل القمم العربية، "هو الحقيقة الوحيدة التي يمكن الوثوق بها، فالقضية الفلسطينية مع الوقت تحولت إلى ساحة مزايدة، كل دولة تبحث فيها عن مصالحها، وفي المحصلة تدفع فلسطينالمحتلة ثمنا باهظا نتيجة هذه المعطيات في ضوء المتغيرات الهائلة التي حدثت في المنطقة". وأضافت ، الصحيفة، أن "حالة اليأس لدى المواطن العربي عند الحديث عن القضية الفلسطينية وتراجع ثقته بقمم العرب لم تكن من الفراغ، لأنه يعلم مسبقا نتائج ما يخرج عن هذه القمم، فهي مجرد حبر على ورق، ولا يوجد ترجمة حقيقية لقراراتها على أرض الواقع في تاريخها ربما باستثناء القمة التي تلت حرب أكتوبر عام 1973، وأنه رغم الاتفاق على مركزية القضية الفلسطينية إلا أنه يظل اهتماما شكليا يخلو من أي مضمون، فعجز النظام الإقليمي العربي عن حل الأزمات ووقف الانهيارات المتتالية التي تشهدها المنطقة العربية وغياب الفعل العربي المؤثر، عوامل رئيسية في غياب الثقة الشعبية واعتماد التجاهل والسخرية بدلا عنها". أما جريدة (الجمهورية) فكتبت في مقال بعنوان " قمة السيسي- سلمان ورسائل القمة العربية" أن أنظار العالم اتجهت أمس إلى القمة العربية في الأردن وما حدث خلالها من لقاءات ومشاورات بين القادة والملوك والرؤساء العرب ،وتوقف المراقبون أمس ليس أمام لقاءات القمة الثنائية بين الزعماء العرب على هامش القمة، وخصوصا لقاء الرئيس المصري مع الملك سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين . وأشارت إلى أن الزعيمين بحثا سبل تعزيز العلاقات الإستراتيجية بين مصر والمملكة السعودية "باعتبارها حجر الزاوية في العمل العربي المشترك" . وفي البحرين، قالت صحيفة (البلاد) في افتتاحيتها أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة أظهر في كلمته أمس أمام القمة العربية بالأردن "إرادة صادقة لتقديم كل سبل العون لأشقائنا العرب الذين يواجهون تحديات ومخاطر تهدد أمنهم، أو يعانون من تدخلات تزعزع استقرارهم"، داعيا إلى التصدي بكل حزم لاعتداءات التنظيمات الإرهابية التي تهدد سلامة المجتمعات وحياة أبنائها. وكتبت الصحيفة أن عاهل البلاد أكد في هذه الكلمة رسائل تتمثل في التصدي للتنظيمات الإرهابية، ورفض استمرار احتلال إيران الجزر الإماراتية، وتثبيت وقف إطلاق النار في الأراضي السورية، والحفاظ على وحدة واستقرار اليمن والعراق وتخليصهما من التدخلات الخارجية، وتوحيد الصف الليبي، واسترداد الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة، ووضع استراتيجيات متكاملة للتعاون والتكامل تحقيقا للتنمية المستدامة. وعلى صعيد آخر، قالت صحيفة (الأيام) أن الخلية الإرهابية الأخيرة والخلايا الإرهابية السابقة التي تم ضبطها في البحرين تؤكد على أن مخطط تدمير المنطقة أكبر من إحداث فوضى وخراب بالبحرين، موضحة أن "التخفي تحت شعارات دينية، أو سفرات دينية، أو زيارات دينية ليست سوى إحدى وسائل التضليل، لذا فإن على أولياء أمور الشباب والناشئة مسؤولية متابعة ومراقبة أبنائهم، وتحذيرهم من الوقوع في فخ تلك الجماعات الإرهابية". وكتبت الصحيفة أن مرحلة الإعداد لهذه الأعمال الإرهابية، وكما أظهرت التحريات الأمنية، "استلزمت عددا من السفرات المباشرة وغير المباشرة إلى "راعية الإرهاب " بالمنطقة (إيران) والتي بلغت أكثر من 66 سفرة تم استغلالها من أجل التدريب على تنفيذ الأعمال الإرهابية والإجرامية، والغريب أن أغلبها أخذت صبغة السفرات الدينية، في محاولة للتضليل، وهي في حقيقتها واجهات لنشاط إرهابي بشع عانت ولا تزال تعاني منه دول العراق وسوريا ولبنان واليمن". وفي قطر، ركزت الصحف (الوطن) و (العرب) و(الشرق) و(الراية)، في افتتاحياتها وضمن مقالات رؤساء تحريرها ، على كلمة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد خلال القمة العربية 28 التي انعقدت أمس بالأردن ، مستعرضة أهم المواقف التي أبانت عنها حول عدد من القضايا المحورية التي كانت ضمن جدول أعمال القمة . فتحت عنوان "صاحب السمو.. ورؤية الواقعية والصراحة"، أشارت صحيفة (العرب) الى أن خطاب أمير البلاد، الذي تضمن خمسة محاور رئيسية هي فلسطين وسوريا وليبيا واليمن والإرهاب، "حمل مضامين السياسة الخارجية القطرية، القائمة على انتهاج الحلول السلمية في الأزمات"، وجدد تأكيد مواقف قطر من هذه الملفات. فبخصوص القضية الفلسطينية، استحضرت الصحيفة تأكيد الخطاب على أن قطر ملتزمة بالموقف العربي المستند الى الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية و"لا تزال تواصل جهودها لإنهاء حالة الانقسام لإعادة الوحدة للعمل الوطني الفلسطيني، وفقا لاتفاقيات الدوحة والقاهرة ". وفي الملف السوري نقلت الصحيفة عن كلمة أمير قطر تشديدها على ضرورة الالتزام بتنفيذ مقررات مؤتمر "جنيف 1" التي تنص على تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2336 الخاص بتيسير الوصول السريع والآمن للوكالات الإنسانية إلى جميع أنحاء سورية، مسجلة أيضا موقف قطر من الملف الليبي الداعي الى "الحوار والتوافق والتمسك بمخرجات الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات"، وأيضا موقفها من الملف اليمني المتماهي مع خط التحالف العربي الملتزم بدعم الشرعية الدستورية والحرص على استقلال اليمن ووحدة أراضيه. ومن جهتها، توقفت صحيفة (الشرق) عند الموقف من مكافحة الإرهاب، مشيرة الى أن كلمة قطر في القمة اعتبرت الإرهاب "قضية إستراتيجية ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية وثقافية، وبالطبع أمنية أيضا، وهي أخطر من أن تخضع للخلافات والمصالح السياسية والشد والجذب بين الأنظمة"، وفي ذلك ، برأي الصحيفة، توسيع لتحليل هذه الآفة من منطلق اعتبار "التنمية الإنسانية والتعليم والمشاركة في ثمار التنمية والمساواة أمام القانون والحرية المسؤولة" مفاتيح للجم الظاهرة . واعتبرت صحيفة (الوطن) أن مشاركة قطر في قمة الأردن، "تأتي ترسيخا لمبادئها الثابتة بضرورة وحدة الصف العربي، وترك الخلافات جانبا لأن المرحلة تتطلب التكاتف، وليس التكالب"، مستدركة بأن الخلافات العربية، "أمر صحي، وطبيعي ولكن الأمر غير الصحي، وغير الطبيعي، هو عدم مواجهة مشاكلنا، بل بخلق مشاكل". ومن جانبها رأت (الراية) أن تركيز الخطاب على قضية التعاون والتضامن العربي، في مقابل حالة التشرذم والانقسام العربي الراهن، يؤكد حرص قطر على أن تكون البلدان العربية متعاونة ومتماسكة في مواجهة التحديات الماثلة، معتبرة أن روح الأمل كانت حاضرة في كلمة قطر بإشارتها الى قدرة العرب على تجاوز أوضاعهم الراهنة وبأنه "لا توجد اختلافات أو خلافات تستعصي على الحل بين الأشقاء، وحتى وإن وجدت، على الرغم من كل الجهود، فلا يجوز أن تؤثر على مجالات التعاون التي تهم مواطني ومجتمعات الدول العربية". وبالأردن، كتبت صحيفة (الغد) أن انعقاد القمة العربية في الأردن "يعد إنجازا أردنيا وعربيا بامتياز"، مشيرة إلى أن الإنجاز الأكبر هو الحضور المميز لقادة وزعماء الدول العربية، لأن الاستجابة الكبيرة، تدل على عمق الإدراك لدى القادة العرب بأن التشرذم في العمل العربي في السنوات الماضية كانت له آثار سلبية كبيرة جدا على مصالح الدول الوطنية والمصالح القومية المشتركة. وأوضحت أن هذا الإدراك لهذه المخاطر يدل أيضا على رغبة صادقة من القادة العرب بضرورة العودة إلى العمل العربي المشترك، وإعادة إحياء روح العمل العربي المشترك، مشيرة إلى أنه بالرغم من التباين في الآراء حيال القضايا الاستراتيجية التي تهدد المنظومة العربية، إلا أن هناك توافقا على أهميتها وضرورة الولوج للعمل الجماعي لمعالجتها، والتأكيد على الثوابت العربية حيال القضايا المصيرية كالقضية الفلسطينية، وضرورة اتباع السبل السلمية في حل الخلافات العربية. وأضافت الصحيفة أن الإنجاز الذي تحقق في "قمة التوافق " يجب أن ينظر إليه بوصفه بداية للمهمة الملقاة على عاتق القادة العرب وليس نهايتها، وإن قمة عمان في البحر الميت هي نقطة البداية التي يجب أن يتم البناء عليها. وفي السياق ذاته، ذكرت صحيفة (الرأي) أن قمة الأردن يمكن أن توصف بعد سنوات بأنها قمة الإنقاذ لوجود العمل العربي المشترك، ونجحت عمان من جديد في أن تكون علامة فارقة في مسيرة القمم العربية، وخاصة في العقود الأربعة الأخيرة. وأشارت إلى أن انعقاد القمة في الأردن سيمكن عمان من طرح مجموعة من الرؤى الخاصة بالمنطقة بشكل عام، وتتعلق بصورة جذرية بالملفين الفلسطيني والسوري، مضيفة إلى أنه من شأن (قمة عمان) أيضا أن تعيد تعريف الاصطفافات العربية بين موسكو وواشنطن. وأضافت أن العمل يبدأ فعليا بعد القمة من أجل المتابعة والتواصل تحت مظلة ما سيتم إقراره، مشيرة إلى أن الرئاسة الأردنية لمنظومة القمة تبدأ وتستمر حتى انعقاد القمة المقبلة، والمتابعة وتحويل النوايا الطيبة التي يمثلها الحضور في البحر الميت إلى مكتسبات سياسية يبقى ضمن المسؤوليات الأردنية التي تحتاج إلى كثير من العمل المتواصل والجهود المستمرة في الفترة المقبلة. بدورها، كتبت صحيفة (الدستور)، أن الأردن، الذي نجح في تنظيم "القمة" وفي ضبط إيقاعها، كان يدرك أن الملفات المطروحة "أكبر" من قدرة أي قمة على إنجازها، ولهذا كان حريصا على أبراز أهم الملفات التي تشكل خطرا داهما على العرب والمنطقة، ومنها ملف القضية الفلسطينيةوالقدس، وملف الإرهاب والتطرف، وملف الحروب التي تدور رحاها في أربعة بلدان عربية على الأقل. وأشارت الصحيفة إلى أن الأردن سيتحمل مهمة نقل نتائج القمة ومقرراتها ومتابعتها، سواء على صعيد العواصم العربية أو عواصم صناعة القرار في الإقليم والعالم. وبلبنان، اهتمت (الجمهورية) بالخصوص بمشاركة لبنان في القمة، مشيرة الى أن الحواس اللبنانية كلها "انشدت" نحو القمة "أملا في أن تزرع الأمل في سماء العرب في إمكانية تقريب المسافات وإعادة مد الجسور فيما بينهم". وأبرزت أن القمة "جالت" على الهموم والشجون العربية، بنبرة هادئة وموضوعية "بلا تشنجات"، قائلة إن لبنان كان له ما أرداد من القمة، "التي خصته في بيانها الختامي بحيز مهم للإعراب عن وقوفها الى جانبه والتضامن الكامل معه وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي له، ولحكومته ولكافة مؤسساته الدستورية، بما يحفظ وحدته الوطنية وأمنه واستقراره. وخلصت الى أن خطابات القادة العرب أبرزت المخاطر التي تتهدد الأمة، وأولها الارهاب الذي يتهدد كل المجتمعات العربية، كذلك الاوجاع التي تعصف من خاصرته السورية كما من اليمن والعراق. أما (الديار) فخصصت حيزا لكلمة الرئيس اللبناني ميشال عون، إذ أبرزت أنه "قفز فوق خطوط التوتر العالي التي تمتد من المحيط الى الخليج"، مشيرة الى أنه "حاذر الانزلاق الى الرمال المتحركة التي تتخبط فيها المنطقة وتجنب الخوض في صراع المحاور المشتعلة" كما راعى "قدر الإمكان" التوازنات اللبنانية "المرهفة، والحساسيات العربية المفرطة"، أما (الأخبار) فاهتمت بقانون الانتخابات النيابية الذي ما زال يثير كثيرا من الجدل بين الفرقاء السياسيين، مشيرة الى أنه وبعد سنتين وأربعة أشهر على التمديد الثاني للمجلس النيابي (2014)، تستعيد الكتل النيابية اللعبة نفسها. وخلصت الصحيفة الى أن الأحاديث الدائرة في الصالونات السياسية لم تعد تتناول القانون الجديد للانتخاب النيابية (مقررة في ماي المقبل) وتوقيته، بل سبل إمرار تمديد ثالث للمجلس نفسه بذريعة أن الخطر الوحيد الماثل أمامه بات الآن الفراغ، إذا لم يتفق الفرقاء على قانون جديد للانتخابات.