الدوري الماسي: البقالي يحل ثانيا في سباق 3000 متر موانع خلال ملتقى شيامن بالصين    أكرا/غانا: اختيار فوزي لقجع نائبا أول لرئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم    توقيف أب تلميذ اقتحم إعدادية بساطور    الكرفطي ينتقد مكتب اتحاد طنجة: بدل تصحيح الأخطاء.. لاحقوني بالشكايات!    بنعبد الله: حكومة أخنوش ضعيفة سياسياً وأطفأت النقاش العمومي... وطال صبرنا لرحيلها    بنكيران: وفد حماس لم يحصل على التأشيرة لدخول المغرب وجمعنا أزيد من مليون درهم حتى الآن    المباراة الوطنية الخامسة عشر لجودة زيت الزيتون البكر الممتازة للموسم الفلاحي 2024/2025    بنكيران: "العدالة والتنمية" يجمع مساهمات بقيمة مليون درهم في يومين    الكلية متعددة التخصصات بالناظورتحتضن يوما دراسيا حول الذكاء الاصطناعي    أدوار جزيئات "المسلات" تبقى مجهولة في جسم الإنسان    أخنوش يمثل أمير المؤمنين جلالة الملك في مراسم جنازة البابا فرانسوا    مناظرة جهوية بأكادير لتشجيع رياضي حضاري    تتويج 9 صحفيين بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في المجال الفلاحي والقروي    العثور على جثة بشاطئ العرائش يُرجح أنها للتلميذ المختفي    بواشنطن.. فتاح تبرز جاذبية المغرب كقطب يربط بين إفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة    جديد نصر مكري يكشف عن مرحلة إبداعية جديدة في مسيرته الفنية    الجامعي: إننا أمام مفترق الطرق بل نسير إلى الوراء ومن الخطير أن يتضمن تغيير النصوص القانونية تراجعات    جيدو المغرب ينال ميداليات بأبيدجان    المغرب يرفع الرهان في "كان U20"    برهوم: الشعب المغربي أكد أنه لا يباع ولا يشترى وأن ضميره حي ومواقفه ثابتة من القضية الفلسطينية    بدء مراسم جنازة البابا في الفاتيكان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    مؤتمر "البيجيدي" ببوزنيقة .. قياديان فلسطينيان يشكران المغرب على الدعم    الملك محمد السادس يهنئ رئيسة تنزانيا    المغرب يرسّخ مكانته كمركز صناعي إفريقي ويستعد لبناء أكبر حوض لبناء السفن في القارة    إطلاق مشروعي المجزرة النموذجية وسوق الجملة الإقليمي بإقليم العرائش    البشر يواظبون على مضغ العلكة منذ قرابة 10 آلاف سنة    هولندا.. تحقيقات حكومية تثير استياء المسلمين بسبب جمع بيانات سرية    شبكات إجرامية تستغل قاصرين مغاربة في بلجيكا عبر تطبيقات مشفرة    هولندا تقرر تمديد مراقبة حدودها مع بلجيكا وألمانيا للتصدي للهجرة    من تندرارة إلى الناظور.. الجهة الشرقية في قلب خارطة طريق الغاز بالمغرب    تصفية حسابات للسيطرة على "موانئ المخدرات" ببني شيكر.. والدرك يفتح تحقيقات معمقة    تتويج الفائزين في مباريات أحسن رؤوس الماشية ضمن فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب 2025    كرانس مونتانا: كونفدرالية دول الساحل تشيد بالدعم الثابت للمغرب تحت قيادة الملك محمد السادس    ماذا يحدث في بن أحمد؟ جريمة جديدة تثير الرعب وسط الساكنة    بدء مراسم تشييع البابا فرنسيس في الفاتيكان    ولاية أمن الدار البيضاء توضح حقيقة فيديو أربعة تلاميذ مصحوب بتعليقات غير صحيحة    لقاء يتأمل أشعار الراحل السكتاوي .. التشبث بالأمل يزين الالتزام الجمالي    الشافعي: الافتتان بالأسماء الكبرى إشكالٌ بحثيّ.. والعربية مفتاح التجديد    المرتبة 123 عالميا.. الرباط تتعثر في سباق المدن الذكية تحت وطأة أزمة السكن    المعرض الدولي للنشر والكتاب يستعرض تجربة محمد بنطلحة الشعرية    فعاليات ترصد انتشار "البوفا" والمخدرات المذابة في مدن سوس (فيديو)    الصين تخصص 6,54 مليار دولار لدعم مشاريع الحفاظ على المياه    الهلال السعودي يبلغ نصف نهائي نخبة آسيا    وثائق سرية تكشف تورط البوليساريو في حرب سوريا بتنسيق إيراني جزائري    الجهات تبصِم "سيام 2025" .. منتجات مجالية تعكس تنوّع الفلاحة المغربية    من فرانكفورت إلى عكاشة .. نهاية مفاجئة لمحمد بودريقة    جريمة مكتملة الأركان قرب واد مرتيل أبطالها منتخبون    العالم والخبير في علم المناعة منصف السلاوي يقدم بالرباط سيرته الذاتية "الأفق المفتوح.. مسار حياة"    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    متدخلون: الفن والإبداع آخر حصن أمام انهيار الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي والحروب    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موسم للا تعلاط: منافعُ تُشْهَدُ..وذكرى تَتَجَدَّدُ
نشر في هسبريس يوم 15 - 03 - 2017

يصادف موسم الصالحة للاتعلاط هذه السنة 2017-1438 الذكرى 230 ولعل من نافلة القول التذكير بأنها من أشهر العابدات الصوفيات فِي الجنوب المغربِي على الإطلاق، تشكلت محبتها في الوجدان الروحي للسوسيين، منذ عهود مضت، وقرون خلت، إلَى درجة جعلتني لا أبالغ إن قلت بأنه: لا يوجد لها نظير عندهم مقارنة مع العابدات الأخرى منذ تشرف سوس بالإسلام إلَى الآن.
حياتها وشيء من أخبارها:
هي فاطمة بنت محمد، من بني علا الهلالية وأصلها من بني عبلة فرع من بني الحسن قربة تاسكدلت توفيت عام 1207ه الموافق ل: 1793 ميلادية قال عنها معاصرها الحضيكي فِي كتابه الطبقات [2/463]: "رابعة زمانها كانت رضي الله عنها اليوم من الصالحات القانتات الصابرات الخاشعات، الذاكرات لله كثيراً العابدات، قد انتشر صيتها، وعم بلاد السوس والغرب، وأثنى عليها الناس، وفشا وذاع ذكرها بالولاية والصلاح عند الخاصة والعامة في جميع الناس.." والعجيب أنها تأخرت عن وفاة الحضيكي ب 18 سنة ورغم ذلك ترجم لها، ورفع من قيمتها مما يدل على شدة شهرتها فِي الصلاح منذ وقت مبكر من حياتها.
وذكر عنها الحضيكي بعض الكرامات منها أنها تحضر مع الأولياء الصالحين والصالحات في بيعة بعض ملوك المغرب، ولا شك أنها كانت عالمة وفقيهة؛ لأن مؤرخ هلالة العلامة المرحوم سيدي محمد البقدري ذكر فِي كتابه تاريخ قبائل هلالة [ص/ 289] أن لها قصائد شعرية كثيرة باللغة الأمازيغية السوسية فِي موضوع التوسل، والنصائح، ومدح الرسول..".
ذكرى موسم تعلاط هذه السنة 2017 يصادف الذكرى 183:
أخبرنِي فقيه مدرسة تعلاط سيدي الحاج محمد أن الاحتفال بموسم تعلاط بدأ العمل به حسب الروايات الشفوية بعد وفاتها ب: 48 سنة، والصالحة المذكورة توفيت سنة 1207 هجرية، فيتعين وفق هذا التقدير أن يكون أول احتفال بموسم تعلاط وقع سنة 1255 هجرية، فتكون ذكرى هذه السنة 1438 الموافق ل: 2017 تصادف الذكرى 183، أما ذكرى الوفاة فتختلف عن ذكرى الموسم فتنبه.
ولا يخفى أن الموسم أسس بسبب المكانة الاجتماعية للصالحة للا فاطمة تعلاط وليس ببعيد أن يكون صلاحها يتداوله الخلف عن السلف ويدور على الألسنة، وتواترت كراماتها بين الخواص، ومن ثَم شاع زهدها وورعها بين العباد فِي البلاد، فاندفع فضلاء الهشتوكيين وعلماؤُها وأهلُ الخير إلى استحداث هذا الموسم، عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سن سنة حسنة فله أجرها..إلخ، وما زالت هذه السنة الحميدة باقية إلَى اليوم، وما من عام والحمد لله إلا والذي بعده خير منه .
وقد كان الموسم يعج بكبار القراء في المغرب ويتنافسون فيه صقلاً لمواهبهم وتحفيزا لهم على مزيد من الطلب، وربما يمتحنون أثناء القراءة لتمييز أوراشي من إِمْزْوِي وهذا ما نبه إليه المختار السوسي لما قال عن موسم تعلاط في المعسول [3/270] عاطفا على سائر مواسم هشتوكة "فصارت تلك المواسم للطلبة مثل الامتحانات كل سنة في هذا العصر الحاضر..".
مشاركة مدارس قرآنية بمدينة العيون السنة الماضية 2016:
من الأخبار السارة التي تثلج الصدور أن عدداً من المدارس القرآنية المتوافدة على الموسم تتزايد، فقد جرت العادة بمشاركة عدد من المدارس القرآنية والعلمية بجهة أكادير بمدنها الخمس، بل امتدت المشاركة لتشمل جهة مراكش الحوز، كمدرسة بوعنفير بشيشاوة، والصويرة والحوز، وبلغ تأثيرها إلَى دكالة وعبده ورززات، والدار البيضاء، وفي السنة الماضية 2016 انضمت مدارس في العمق الصحراوي إلَى المشاركة وسجلت مدرسة قرآنية نفسها تحت رقم 81 باسم مجموعة طلبة ولاية عيون الساقية الحمراء ووادي الذهب، لابسين أقمصة صحراوية ويقرؤون بطريقة جماعية جميلة تتميزها لكنة صحراوية ظاهرة، ومن المرتقب هذه السنة أن تنضاف مدارس أخرى جديدة فِي الشمال وسيكتمل بذلك عِقد المدارس القرآنية بالمغرب بأكمله، مما سيجعل من موسم تعلاط الموسم الوطنِي للقراء، بعد كانت حكراً ولفترات طوال على جهتي سوس ومراكش، ومن شأن ذلك أن يلهب أسعار الكراء إلَى درجة تفوق الخيال أحياناً لتزايد الزوار وضيق المكان.
أثمان كراء المحلات والأراضي بتاعلاط هذه السنة 2017:
استقيت من معلومات محلية ما يفيد أن المشرفين على الطلبة كالفقهاء والمقدَّمين يكترون منازل متوسطة بثمن قدره 3000 تمتد لثلاثة أيام الأربعاء الخميس الجمعة، وإن كانت كبيرة ف 4000 درهم أما دون هذين الثمنين فكثير، بل هناك من يكتري أراضي خاوية على عروشها ب 1500 درهم، ويضع عليها المكتري خيمة طيلة مكثه في الموسم، وينتفع القاطنون وسكان المنطقة في هذا الموسم مادياً، ومنهم من يسلم منازله وأراضيه مجاناً دون مقابل رجاء لبركة الولية الصالحة.
موسم تعلاط بين الأمس واليوم:
كان موسم للاتعلاط يكتظ بالقراء والمحزبين حتى ضاقت رحاب المسجد بهم، فيتنابون فِي قراءة الأنصاب المعهودة بالتتابع، وربما يصادف أن تفتتح مجموعها القراءة وبجانبها أخرى سبقتها ولا يريد أي منها أن يتراجع، مما يسبب نوعا من الاختلاط فِي الأصوات، يُفقد المستمعين حلاوة القراءة الجماعية واستمروا على ذلك سنوات طوال، وربما تنتظر مجموعة أخرى توجد فِي زاوية بعيدة قد لا تصلها النوبة إلا في وقت متأخر من الليل فتسعى هي الأخرى إلَى القراءة ومن ثَم تتسابق أصوات المحزبين نحو عنان السماء، وتتناغم من جهة أخرى مع تلك الأصوات الروايات القرآنية الأخرى برواية ورش كالمكي والبصري وحمزة بالجمع غالباً، وبالإفراد نادراً، وكل هذا جعل البعض يرى عدم جواز ذلك شرعاً، مما مهد لظهور أقوال أخرى ترى بأن قراءة القرآن جماعة بدعة منكرة، ومن لغا فلا موسم له، فناسب أن يجتمع عقلاء القوم وأعيان المنطقة ومشاهير علمائها لإيجاد صيغة توافقية تعيد النظر فِي الأعراف السائدة والتقاليد المرعية للبنية العامة لتحزابت بموسم للاتعلاط.
تحزابت بموسم تعلاط من التقليد العرفِي إلَى التقنين النظامي
أخبرني بعض المشرفين على الموسم أن تقنين تحزابت بدأ العمل به حوالَي سنة 2013 وما زال العمل به ساري المفعول إلَى الآن، وطريقة تنظيمه أن يعلن المشرف العام على ترتيب تلك المدارس أمام الملأ عن اسم المدرسة التِي ستبدأ في ربع الحزب الذي انتهى به التفويج في الموسم الماضي، حسب تتابع ربع الأحزاب وفق الترتيب القرآنِي .
وتبتدئ قراءة تحزابت من أذان صلاة العشاء ليوم الخميس وتستمر طوال الليل على طريقة التفويج فرقة بعد فرقة حتى أذان صلاة صبح يوم الجمعة فيكون ذلك إيذانا بانتهاء وقت تحزابت.
ومن طرائف ما وقع فِي سنة 2015 أن أحد المجموعات كانت تتلهف بشوق وشغف أن يصل دورها، وما إن وصل حتى فوجئوا بأذان صلاة الصبح، مما يعنى أن باب تحزابت قد سد، إلَى العام المقبل، وأن المشرف العام على المجموعات قد ألقى ورائه الإشراف إلقاء موسى للألواح، لكن مقدم المجموعة لَم يتمالك نفسه فسارع فبدأ على خلاف العادة قوله تعالَى فيلقاتل فِي سبيل الله، بعد الأذان وهو الربع الأخير من الحزب، والمصلون واقفون فِي الصف ينتظرون بعد أداء رغيبة الفجر انتهاءهم لأداء فريضة الصبح، لأن انتظار النوبة إلَى العام المقبل قد لا تتمكن تلك المجموعة مرة أخرى من تحقيق حلمها لأن برنامج المجموعات يلغى تلقائياً في كل سنة ولا عبرة بترتيب السنة الماضية لأن كل عام يتجدد فيه الترتيب.
وقد جرت العادة قديماً بالموسم أن يفتتح القراءة طلبة مدرسة تسكلدت لعراقتها وقربها من الضريح لكنها الآن اندثرت وحلت محلها مدرسة تعلاط، وهي التِي تفتتح باب تحزابت بمفاتيح استلهمتها من قدسية مكانها ثُم بعدها مدرسة تنالت تفاؤلاً ببركة العارف بالله سيدي الحاج لحبيب التنالتي، أما الآن فتضع اللجنة المشرفة لائحة تتضمن جميع المدارس التِي أبدت رغبتها في المشاركة بالتفويج داخل المقصورة وسجلت مدرسة إداومنو في السنة الماضية في الرتبة الثالثة بعد تعلاط وتنالت، ثُم مدرسة إيكونكا، وسيدي سعيد أومسعود أيت ميلك، وسيدي بوسحاب، وسيدي بورج إداوبوزيا، وسيدي سعيد الشريف، وسيدي بومزكيد، وسيدي عبد الله البوشواري، وسيدي ابراهيم أوعلي أيت وادريم، وتمزكيدا واسيف، وأيت اعزا، والمسجد الكبير تيكوين، وهكذا حتى انتهت اللائحة بمدرستَيْ زاوية أموال امتوكة بشيشاوة، وأزرو بأيت ملول، تحت رقم قياسي وصل إلَى 94 مدرسة، وذلك وفق جدول زمني دقيق يتم التناوب عليه طيلة ليلة الجمعة.
لكن عدد المدارس التِي حضرت السنة الماضية تفوق 170 مجموعة مما يدل على أن التسجيل الرسمي شمل فقط نصف المجموعات وزيادة، أما الأخرى فتفضل القراءة خارج المقصورة فِي البيوت، والمنازل، والخيام.
استئناف التفويج عن طريق تحزابت هذا الموسم:
لا غرو أن المجهودات التي يقصد بها تحيين لوائح هذه السنة 2017 جارية على قدم وساق، ومن المتوقع أن تفتتح مدرسة تعلاط هذا الموسم بحزب "الله لا إله إلا هو" أو "جلالة" بتعبير القراء، وبه سيفتتحون هذه السنة إن شاء الله، لأن العام الماضي 2016 بدؤوا بالموطن الذي وصله التفويج سنة 2015 وهو ربع فطاف عليها طائف، واستمرت تحزابت طبقاً عن طبقاً حتى انتهت بصلاة الصبح عند قوله تعالَى "فليقاتل"، ومن ثَم ستبدأ هذه السنة بحزب: "إنما السبيل".
القراءة الجماعية طيلة الموسم فِي أرقام:
اتضح أن العام الماضي 2016 قرأ الحزابون 13 حزباً إلا ربع واحد بمعدل أربعة أرباع لكل حزب، يعني: كل 4 مجموعات تقرأ حزباً واحداً، فتحصل مما ذكر أن 13 حزباً قرأته 52 مجموعة ولابد أن ننقص من الجميع ربع واحد لنحصل على عدد المجموعات بالتحديد التِي التزمت بتفويج تحزابت في السنة الماضية 2016 وهي 51 مجموعة، مع العلم أن عدد المجموعات المسجلة بالجملة هي 91 مجموعة، بمعنى أن ما يقرب من نصف المجموعة لم يشاركوا، ولذلك يفضل غالبهم المنازل والخيام، وهناك بعض المدارس القرآنية الكبيرة تتعمد ختمه طيلة الموسم عن طريق تحزابت، وحبذا لو استدرك المشرفون ذلك هذه السنة واعتمدوا ثمن الحزب بدل الربع لمشاركة الجميع.
وتشير بعض الإحصائيات إلَى أن عدد الطلبة في السنوات الماضية وصل إلَى 15 ألف طالب، هذا دون عد الزوار والضيوف وأصحاب الحرف وعامة الناس، ولا يبعد أن يصلوا هذه السنة إلى 20 ألف طالب .
الدعاء الأول: وآخَر فِي الثلث الأخير من الليل
كثيرون يخفى عليهم أن الدعاء يكون مساء الخميس ليلاً، الأول: فِي الثانية عشرة ليلاً، والثانِي: بعده بساعتين فِي الثلث الأخير من الليل، ويعمد المشرف على تفويج المجموعات إلَى إشعار السادة القراء بالدعاء وهي عادة قديمة جداً دأب عليها السادة العلماء سلفاً عن خلف، فيتلئم الجميع متخشعين متضرعين رافعين أكفهم إلَى الباري جل وعلا أن ينصر أمير المؤمنين وسائر الأسرة الملكية ويدعون بعد ذلك لعامة الناس والزوار والمحبسين والضيوف، ثم تستأنف تحزابت حتى الثلث الأخير من الليل فيقومون للدعاء الثانِي، وغالباً ما يدعو فقيه مدرسة تعلاط سيدي الحاج محمد لعوامي، أو من يقدمه السادة الحاضرون ممن أنسوا منه إجابة الدعاء، فيجب على السادة الزوار أن يغتنموا هذه الأوقات المباركة لأن فيها ينزل ربنا إلَى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل فأعطينه، والملائكة تحف المجلس، والسادة القراء محيطون به من كل جانب، ولا يجب على العاقل أن يبتعد على مثل هذه المجالس .
الطلبة وموسم للاتعلاط بين المنفعة الدنيوية والأخروية
بالإضافة إلَى قراءة القرآن الكريم وتدريسه ومدارسته يعتبر موسم تعلاط مناسبة لشراء مستلزمات الطلبة السنوية كالكتب والمصنفات الطوال حيث تكثر في الموسم مصورات، ودفاتر لأسطار، أوفلا، وتنصين، ورموز القراءات، وجمع القرآن لأعجلي، وكتاب الطب لمحمد بن علي البعقيلي المشهور بالطب البعقيلي، فضلاً عن الصنصار، والدواة، والسمح، وأقلام القصب، والكرار المعروف محليا ب: "تمكراجت" أو أكراج كما سماه شيخنا سيدي صالح الإلغي في المدرسة الأولَى، وكذلك المتفقهة يقتنون تقارير المتون العلمية كالآجرومية وابن عاشر والزواوي والجمل والألفية وغيرها من المتون المتداولة فِي المدارس العتيقة، وإذا جاد المحسنون يجود الطالب على نفسه فيقتني أثواب الجلابيب أو الأقمصة دون نسيان التمر والحلاوى يُهدَى للأحباب والعائلة وتؤكل هذه المكسرات تبركاً بالمكان وتفاؤلاً بمكانة الصالحة للاتعلاط، وهناك من يأكله ناوياً الشفاء، وهذا الاعتقاد منغرس في أذهان المسنات ومن دونهن بمقدار، وهو صحيح بالذوق.
موسم للآتعلاط للطرق الصوفية:
يخطئ من يظن أن موسم تعلاط خاص بالطلبة والقراء فحسب، بل لأشقائهم الصوفية فيه منه نصيب ، ذلك أن موسم السادة الناصريين يبتدئ يوم الخميس الأول من فبراير الفلاحي، وبينه وبين موسم الطلبة شهر تقريباً، حيث يجتمع فيه عدد منهم سيما من أيت باها وباقِي مداشر وقرى اشتوكة، بشكل عام، وجهة أكادير بشكل أعم، وقد اجتمعوا كعادتهم هذه السنة 2017 فتراهم غارقين فِي أسرار الأذكار النبوية، وأنواع التوسلات، وقصائد أوزال، وابتهالات خاصة ممزوجة بالوعظ الشلحي الموزون، كل هذا مع رقائق مؤثرة، قَلَّ ألا تذرف عين من سمعها بالدموع، ومَجْمَعهم مجمع الخير والإفادة، يمتزج فيها ترقية السلوك، بتزكية النفوس، وتتلاقح الأرواح، مع ضيافة حسنة، وكرم حاتمي، وبالجملة فمجالس السادة الصوفية فيها المديح والاصغاء، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، ولو تجاوزنا عرضاً عن هذه الفوائد وننتقل وباستحياء الى أخبار الموائد لوجدنا أن هذه السنة عُدّت لهم موائد كبيرة تجاوزت سبعين فِي مجمع بهيج ضم حوالَي 600 مريد، والقصد من إيراد كل هذا للتشهير والتعريف به، وإلا فإن كثيراً من الناس استولَى على ظنهم موسم الطلبة وحده، وهو المتبادر إلَى الأذهان عند الإطلاق دون غيره.
دعاء الختم:
وفقا لما جرت به العوائد يبتدئ الدعاء صباح يوم الجمعة على الساعة الثامنة صباحاً بساحة المسجد حيث يجتمع الفقهاء والطلبة والزوار ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم جماعة، فيكون ذلك علامة لقرب الدعاء ومن ثَم يتقاطر السواد الأعظم من الضيوف، وما هو إلا كلمح البصر أو هو أقرب حتى تكون الساحة غاصة بهم، فيتقدم فقيه المدرسة للدعاء لأمير المؤمنين محمد السادس أعزه الله، ثُم يدعو لعامة المسلمين، وجرت العادة أن يتقدم بعد ذلك للدعاء أحد الفقهاء ذوي المكانة الاجتماعية بالمنطقة فيطيل الدعاء لكافة الشيوخ والعلماء والقراء والمحسنين ويرفع معه الجميع أكف الضراعة إلَى الباري جل وعلا أن يتقبل دعاءهم، ويقضى أغراضهم إنه سميع مجيب. حرر ببوكرى ليلة الأربعاء على الساعة 2:16 ليلاً.
*خريج المدارس العتيقة بسوس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.