يبدو أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي ستكون لها انعكاسات على تقرير أنطونيو غوتيريس، الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، والذي سيقدّمه خلال أبريل المقبل؛ وذلك بعدما اختارت المملكة الابتعاد عن منطق الكرسي الفارغ الذي انتهجته لسنوات. وشكل الفراغ الذي خلّفه انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية فرصة مناسبة استعملتها الجزائر وجنوب إفريقيا في السنوات الأخيرة بالاتحاد الإفريقي ضد المغرب في ملف الصحراء، حيث باشرت مفوضية الأمن والسلم بقيادة السيدة زوما إرسال تقارير إلى الأمين العام الأممي السابق بان كي مون. هذه التقارير، حسب عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، كانت تظهر في تقريره الموجه إلى مجلس الأمن. كما أن هذه المفوضية دفعت بتعيين جواكيم شيسانو مبعوثا خاصا للاتحاد الإفريقي مكلف بملف الصحراء. واعتبر رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، بثلاثة أشهر قبل تقرير أنطونيو غوتيريس الأمين العام الأممي الجديد، تظهر مجموعة تحولات جديدة. وقال اسليمي، في تصريح لهسبريس، إن المغرب استطاع بعودته إلى الاتحاد الإفريقي الحد من مخاطر مناورات الجزائر في استعمال هذه المنظمة القارية للتأثير في تقرير الأمين العام الأممي، مسجلا عدم قدرة الجزائري إسماعيل شرقي مفوض الأمن والسلم الجديد المعوض لزوما، على المناورة، بالرغم من اجتماعه بممثل البوليساريو في الاتحاد الإفريقي خلال الأسبوع الماضي بعد الانسحاب المغربي الأحادي من المنطقة العازلة. من جهة ثانية، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط أن انسحاب المغرب الأحادي من المنطقة العازلة فيه نوع من الاستباق لما كان قادما في تقرير الأمين العام الأممي بخصوص تقييمه لما يجري، مؤكدا أنه "اليوم بدل أن يطالب، في تقريره، مجلس الأمن بالضغط على الطرفين المغرب والبوليساريو للانسحاب من المنطقة العازلة سيبقى في التقرير البوليساريو وحده". "إذا وقعت تطورات على الطريق البري التجاري بين المغرب وموريتانيا في المنطقة العازلة، فإن البوليساريو يتحمل مسؤوليتها وتكون عملا من أعمال العدوان المحرمة دوليا؛ بل إنه مطلوب من المغرب أن يُنبه الأمين العام الأممي ومجلس الأمن قبل قرار أبريل المقبل إلى أن استمرار انتشار مليشيات البوليساريو في المنطقة العازلة فيه تهديد للأمن والسلم الدوليين وعمل من أعمال العدوان"، يقول اسليمي الذي شدد على ضرورة "تنبيه مجلس الأمن والأمين العام الأممي إلى أن المغرب يحتفظ بحق الدفاع الشرعي عن النفس، طبقا لمقتضيات المادة ال51 من الميثاق ما دامت القوات الأممية غير قادرة على القيام بمهامها في المنطقة العازلة"، مبرزا "أن البوليساريو مسؤول عن ما يمكن أن يحدث لعناصر القوات الأممية في المنطقة العازلة". اسليمي أوضح، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "مؤشرات جديدة قادمة في ملف الصحراء بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي؛ وفي مقدمتها احتواء مناورات الجزائر وجنوب إفريقيا في استعمال مفوضية الأمن والسلم داخل الاتحاد الإفريقي"، مشيرا إلى أن "الربط الحاضر اليوم لدى الأمين العام الأممي الجديد بين التنافس الجاري في إفريقيا بين المغرب كقوة إقليمية وجنوب إفريقيا والجزائر وبين الطريقة التي يستعملان بها ورقة البوليساريو لعرقلة الدور المغربي الجديد في إفريقيا". وفي هذا الصدد، أكد المتحدث نفسه أن التغييرات الجديدة في الأمانة العامة الأممية وعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي سيكون لهما تأثير كبير في ملف الصحراء، لافتا إلى أن "التوازنات تغيرت وبات البوليساريو في مواجهة مفتوحة مع الأممالمتحدة؛ ولكن الأمر يحتاج إلى الاستمرار في احتواء النزاع، وإنزال سقف المخاطر التي وصل إليها ملف الصحراء في مرحلة الثلاثي بان كي مون وأوباما وزوما.