لم يتأخر رد المغرب على دعوة أونطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، بسحب القوات المغربية ومليشيات جبهة البوليساريو من منطقة الكركرات، حيث أعلنت المملكة عن سحب أحادي لقواتها من المنطقة، استجابة لهذه الدعوة. دعوة غوتيريس جاءت بعد مكالمة هاتفية أجراها مع ملك المغرب واستقباله بعد ذلك لقيادي في جبهة البوليساريو، حيث طالب الأمين العام للأمم المتحدة بسحب الطرفين لعناصرهما المسلحة في المنطقة العازلة بدون شروط، مشددا على ضرورة الالتزام ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، معربا عن قلقه إزاء التوتر في الكركرات، ودعا إلى عدم عرقلة الحركة التجارية في المنطقة. المستجدات الأخيرة جاءت بعد خروج الرباط عن صمتها، وتنبيه الملك محمد السادس إلى خطورة الوضع الأمني في المنطقة جراء توغلات عناصر جبهة البوليساريو الانفصالية. وطلب محمد السادس من الأمين العام للأمم المتحدة اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من بعض الممارسات التي تهدد اتفاق وقف إطلاق النار وحالة الاستقرار الإقليمي بالصحراء المغربية، مشيرا إلى أن هذه الممارسات جاءت شهرا واحدا قبل عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي؛ وذلك "من أجل خلق البلبلة وإجهاض عودة المملكة". ومباشرة بعد هذا المكالمة الهاتفية، كشفت جبهة البوليساريو عن استقبال غوتيريس للقيادي أحمد البخاري، الذي سلمه رسالة من الأمين العام لجبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، بشأن ما سمته "الخطر الفعلي المترتب عن استمرار وقف مسار السلام من طرف المغرب"، كما جرى التطرق إلى موضوع التوتر الذي تعرفه منطقة الكركرات. ويقول عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القاضي عياض بمراكش، إنه في الوقت الذي قام فيه المغرب بتمشيط منطقة الكركرات وتطهيرها من التجارة غير المشروعة بالنظر إلى التهديدات الأمنية التي تمثلها، قامت جبهة البوليساريو بتحريك قواتها في خطوة استفزازية، فما كان من المغرب إلا التنبيه إلى تهديد اتفاق وقف إطلاق النار، في وقت كانت فيه الجبهة هي التي تهدد بالعودة إلى السلاح. وأشار البلعمشي، في تصريح لهسبريس، إلى أن المغرب عندما يتحدث بهذه القوة عن الموضوع فيجب أن يؤخذ بالجدية، موضحا أن جبهة البوليساريو تطمح إلى استرجاع العلاقات مع موريتانيا، كما أن تحركاتها تأتي كرد فعل على عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، في حين أنه كانت تطمح إلى أن لا تتحقق هذه العودة، "وقوة ما عبر عنه الملك تجعل كل شيء متوقع في الأيام المقبلة إذا لم تتناول الأممالمتحدة الموضوع بجدية". وفي الوقت الذي أكد فيه أن تهديد البوليساريو للعودة إلى السلاح ليس إلا للاستهلاك الإعلامي وتعبئة داخلية في فترات الفتور حينما لا يوجد جديد في الملف، شدد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القاضي عياض بمراكش على أنه حينما يصرح الملك بأن التحركات الأخيرة تهدد اتفاق وقف إطلاق النار، فيجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، بالنظر إلى أن الدبلوماسية الملكية لا تثير موضوع تهديد وقف إطلاق النار.