نأى حزب العدالة والتنمية بنفسه عن تناول الحديث عن الإعفاءات التي تعرّض لها عدد من الموظفين في أسلاك الوظيفة العمومية، خاصة من أعضاء جماعة العدل والإحسان؛ فلم يصدر عن الحزب أي موقف رسمي بشأن هذا الموضوع. كما أن عبد الإله بنكيران، الأمين العام "للبيجيدي"، تحاشى، خلال حضوره في الدورة العادية للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الحديث عن الموضوع؛ بالرغم من إثارته من قبل عبد الإله الحلوطي، الأمين العام للاتحاد سالف الذكر. في المقابل، شارك الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب في المسيرة الاحتجاجية التي دعت إليها خمسة تنظيمات نقابية، ضد الإعفاءات التي طالت أطر جماعة العدل والإحسان. كما صدر موقف مندد عن حركة التوحيد والإصلاح بهذه الحملة؛ فقد استنكر عبد الرحيم الشيخي، رئيس الحركة، هذه الإعفاءات التي طالت الأطر سالفة الذكر. هذا الاختلاف بين حزب العدالة والتنمية وبين جناحيه النقابي والدعوي يثير عددا من حالات الاستفهام، إذ كانت محطات كثيرة شاهدة على التماهي في المواقف بين كل من الحركة والحزب والنقابة، واشتغل كل واحد منها إلى جانب الآخر. منتصر حمادة، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، يقول إنه إذا كانت تصريحات القياديين في حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية تؤكد أن التحالف بين الحركة وبين الحزب هو تحالف إستراتيجي، فلا يمكن حينها فصل مواقف الحزب عن الحركة أو فصل مواقف الحركة عن الحزب، وبالتالي الموقف الأخير الصادر عن حركة التوحيد والإصلاح المرتبط بالإعفاءات التي طالت جماعة العدل والإحسان يُجسد أيضاً موقف الحزب، بشكل أو بآخر. وأوضح حمادة، في تصريح لهسبريس، أن موضوع التماهي الكلي بين الحركة وبين الحزب هي مسألة متوقعة، ولا تهم فقط الحركة والحزب، وإنما تهم كل المنظمات والمؤسسات التابعة لما يُشبه مجرة إسلامية أو ما أسماها ب[galaxie islamiste]، مصدرها الأول الحركة، وأنتجت لاحقاً الحزب والنقابة والمنظمات النسائية والطلابية وباقي المنظمات الموالية لهذا المشروع. وأضاف الباحث في الجماعات الإسلامية بأنه يكفي إلقاء نظرة عابرة على صفحات جميع الفاعلين في هذه المجرة، على هامش تفاعلها مع بعض أحداث الساعة، من قبيل الاستحقاق الانتخابي مثلاً، "نصبح أمام خطاب واحد، ولا يمكن حينها أن نفرق بين الفاعل الدعوي أو السياسي أو النقابي أو البحثي أو الإعلامي". هذا التماهي تسبب وما زال يتسبب في مشاكل كبيرة للمشروع، يقول حمادة، "وفي مقدمتها التأسيس لأجواء الثقة مع الدولة والمجتمع، ومن هنا أهمية ودلالة حديث الباحث والداعية الإسلامي راشد الغنوشي في غضون ماي 2016 عن ضرورة تفكير الحركات الإسلامية في موضوع الفصل بين العمل الدعوي وبين العمل السياسي؛ لأنها مسألة مفصلية، والحسم فيها ستجنب الإسلاميين عدة مشاكل، كما عاينا ونعاين في عدة نماذج إقليمية"، على حد تعبير منتصر حمادة.