في الوقت الذي اهتم فيه المغاربة بتفكيك المكتب المركزي للأبحاث القضائية (BCIJ) خلية إرهابية تتكون من عشر فتيات مواليات ل"داعش"، لم ينتبه كثير من المتتبعين للفقرة الأخيرة من بلاغ وزارة الداخلية الذي أشار، لأول مرة، إلى العديد من الجماعات الإسلامية باعتبارها "حاضنة أولية للعديد من العناصر المتورطة في قضايا متعلقة بالإرهاب". وزارة الداخليّة وهي تورد خبر تمكن الBCIJ التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، الاثنين، من إحباط مشروع إدماج العنصر النسوي بالمغرب داخل منظومة "داعش"، قالت: "بالموازاة مع ذلك، تم تكليف بعض عناصر هذه الخلية بمهمة تجنيد نساء لتعزيز صفوف داعش بالساحة السورية العراقية، تماشيا مع استراتيجية التنظيم الإرهابي التي تهدف إلى توسيع دائرة الاستقطاب داخل مختلف الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية". بلاغ وزارة الداخلية، الذي توصلت به هسبريس، يقول بالنص الصريح إن استراتيجية "داعش" تأتي "لتعزيز دولة خلافته المزعومة، موظفا في ذلك تقاطع مشروعه هذا مع الخلفية الإيديولوجية للعديد من الجماعات الإسلامية التي شكلت دائما حاضنة أولية للعديد من العناصر المتورطة في قضايا متعلقة بالإرهاب". وتبقى الإشارة إلى مكون الجماعات الإسلامية وربطه بتفكيك الخلايا الإرهابية الموالية لتنظيم "داعش" الأولى من نوعها في بلاغات وزارة الداخلية التي تورد إحباط المكتب المركزي للأبحاث القضائية لمخططات إرهابية تهدد أمن واستقرار البلاد؛ حيث كانت البلاغات السابقة ترصد أرقاما متعلقة بعدد أفراد الخلايا والمدن التي يستقرون بها، وتفاصيل أخرى تتعلق بحيازتهم لأسلحة أو متفجرات وأهدافهم العامة المرتكزة أساسا على تجنيد مقاتلين واستهداف منشئات وشخصيات عامة في المغرب. حمادة: البلاغ رسالة إلى من يحمل مشروع "الخلافة" هسبريس نقلت هذه الإشارة المثيرة في بلاغ وزارة الداخلية إلى منتصر حمادة، الباحث المغربي في ملفات الجماعات الإسلامية، الذي قال إن وثيقة الداخلية تبقى صريحة "في الإشارة إلى منظومة أو حُلم دولة الخلافة الذي يُميز السرديات الكبرى للعديد من الحركات الإسلامية، الدعوية والسياسية والجهادية". وأورد حمادة أن البلاغ هو أشبه بتذكير رسمي من الدولة المغربية "بأن المغرب لا يؤمن بمشروع دولة الخلافة، لأنها تتعارض مع مقتضى الدولة الوطنية"، موضحا أن المغرب ينتصر لمنظومة "الإمامة العظمى"، وبالتالي فالبلاغ، يردف المتحدث، "أشبه برسالة إلى كل مشروع إسلامي حركي يشتغل في أفق دولة الخلافة". وتوقف حمادة عند جماعة "العدل والإحسان" كمثال، موضحا أنها تدعو صراحة إلى دولة الخلافة، "ولو أنها تتحدث عن: خلافة على منهاج النبوة، بصرف النظر عن كونها لا علاقة لها بالعمل الإسلامي الجهادي"، ليمر إلى حركة "التوحيد والإصلاح"، التي قال إن أدبياتها الأولى المنبثقة عن مرحلة ما بعد "الشبيبة الإسلامية" تتحدث هي الأخرى عن "دولة الخلافة"، مردفا: "الحركة هي النواة الصلبة لحزب العدالة والتنمية". وأشار المتحدث المتخصص في الشأن الديني إلى وجود انقسام في الحركة والحزب اليوم في موضوع الخلافة، "بين اتجاه يرى أنه يجب تجاوز هذا المفهوم وبالتالي تطليق خيار الاشتغال على مشروع دولة الخلافة، واتجاه يرى أن هذا المشروع من صلب العمل الإسلامي الحركي". وشدد حمادة على أن "العدل والإحسان"، و"التوحيد والإصلاح" ومعها "العدالة والتنمية"، تبقى مكونات تعبّر عن أهم الإسلاميين في الساحة المغربية، أما الباقي، بحسب الباحث المغربي، "فأصبحوا ظواهر صوتية، أو ظواهر رقمية لا أقل ولا أكثر". أما عن التيار السلفي، في شقيه الدعوي والجهادي، فقال منتصر حمادة إن "الجهاديين" هم أكثر صراحة في العمل بمقتضى المشروع "كما نعاين ذلك مع الظاهرة الداعشية"، مضيفا أن السلفية الدعوية تبقى سلفية تابعة للسلطة "طالما بقيت هذه السلطة مدافعة عن الدين، أياً كان شكل هذه السلطة، جمهورية أو ملكية".