رغم التقارب الدبلوماسي الحثيث بين المغرب ونيجيريا في الفترة الأخيرة، والذي تُوج بزيارة الملك محمد السادس إلى العاصمة أبوجا، قبل أسابيع خلت، وتم خلالها توقيع الجانبين على اتفاقية مهمة بشأن مشروع أنبوب للغاز، فإن نيجيريا لم تحسم بعد علاقاتها بين المملكة وجبهة البوليساريو الانفصالية. واحتفت الحكومة النيجيرية أول أمس بقيادي في جبهة البوليساريو، يحمل صفة "سفير فوق العادة"، يدعى ماء العينين الصديق، إذ استقبلته خديجة إبراهيم، وزيرة الدولة للشؤون الخارجية، وتناقشا حول مواضيع ثنائية تهم الجانبين، منها عودة المغرب إلى كرسيه في الاتحاد الإفريقي. وأوردت وسائل إعلام الجبهة الانفصالية أن سفير ما يسمى "الجمهورية الصحراوية" ووزيرة خارجية نيجيريا تباحثا بشأن آخر تطورات ملف الصحراء المتنازع بشأنها منذ 1975، وأيضا ملف عضوية المغرب في المنظمة الإفريقية؛ علاوة على قرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص الاتفاق الفلاحي مع المملكة. ولفتت المصادر ذاتها إلى أن 25 منظمة وجمعية من المجتمع المدني النيجيري وجهت رسائل إلى الرئيس الدوري، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، طالبت من خلالها البلدان الإفريقية بضمان "الاحترام الصارم من قبل المغرب لمبادئ وأهداف الميثاق التأسيسي للاتحاد". يأتي هذا التواصل الدبلوماسي بين نيجيريا ومسؤولي الجبهة الانفصالية في وقت تشهد العلاقات بين الرباط وأبوجا منعطفا إيجابيا في فترة ولاية الرئيس الحالي محمد بوخاري، بخلاف الفتور الحاد بين البلدين خلال عهد الرئيس السابق، ما يدفع إلى التساؤل كيف لنيجيريا أن تمد يدا للمغرب وتحط رجلا بتندوف؟ ويعلق على هذا الموضوع خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة وجدة، بقوله في تصريحات لجريدة هسبريس إن العلاقات بين الجزائرونيجيريا ليست في المستوى الإستراتيجي الذي يجب أن تكون عليه، رغم التوافق حول العديد من الآراء، لاسيما بشأن قضية الصحراء. وأوضح شيات أن "الجزائر لم تنسج علاقات عميقة مع نيجيريا لمدة طويلة كان فيها المغرب غائبا، واقتصرت تلك الصلات على الجانب المرتبط بالغاز"، موردا أنه إلى حدود اليوم لازالت الجارة الشرقية تصارع من أجل استعادة المسار الأول لخط الغاز بين نيجيريا وأوربا ليمر عبرها. وبعد أن بين الخبير ذاته أن هناك مشروعا إستراتيجيا آخر يتمثل في خط رابط بين نيجيرياوالجزائر، يتعلق بالكابلات الخاصة بالإنترنت، سجل أن "شراكة البلدين القائمة على الغاز تبدو غريبة، بالنظر إلى أنه من المفترض أن يحصل تنافس قوي بين دولتين تنتجان المادة نفسها". وذكر المحلل ذاته أن "عامل الموازنة في هذا المشهد هو جنوب إفريقيا التي تصدر الأسلحة للبلدين"، وأن "العلاقات باتت معقدة بين النخب المستفيدة من الترابط الاقتصادي القائم على اقتصاد الريع في البلدان الثلاثة"، مشددا على أنه "لا بد من وقت لوضع منظومة تستفيد من اتجاهات الاستثمار المغربي بنيجيريا، وأما تأثيرها على صنع القرار فيأتي لاحقا". وعلى صعيد ذي صلة لازالت الجبهة الانفصالية ومن يقف خلفها تسعى إلى عدم التفريط في حفنة من الدول التي تؤيدها في ملف الصحراء، ومنها زامبيا التي راج حديث عن زيارة محتملة للملك محمد السادس إليها قبل أن يتم التراجع عن ذلك، إذ لازال التعاون الثنائي بين الطرفين متواصلا على قدم وساق. ومن ثمرات هذا الطوق الذي تضربه البوليساريو، وصانعتها الجزائر، على بعض بلدان القارة السمراء، دعوة وزير الشؤون الخارجية الزامبي، هاري كالابا، اليوم في الجزائر العاصمة، المغرب إلى "احترام" حدود الصحراء، وألا تنسى الرباط أن "الجمهورية الصحراوية" بلد عضو في الاتحاد الإفريقي.