هل باتت المساجد والمراكز الإسلامية ومعها المهاجرون المغاربة في بلجيكا تحت تأثير المد السلفي السعودي الوهابي؟ كان هذا التساؤل خلاصة تقرير من 71 صفحة، أنجزته خلية التنسيق وتحليل المخاطر الاستخباراتية OCAD التابعة لوزارتي الداخلية والعدل البلجيكيتين. هذا الجهاز يحدد مستوى التهديدات الإرهابية في مملكة بلجيكا، وبناء على تقاريره يتم تقييم مستواها من طرف السلطات السياسية والأمنية البلجيكية. التقرير الذي أعدته OCAD حذر من تنامي المد السلفي الوهابي فوق التراب البلجيكي، وتزايد عدد المساجد والمراكز الإسلامية التي باتت تحت التأثير المباشر لهذا الشكل المتطرف من الإسلام؛ وجاء فيه أن الجهاز التبشيري الوهابي السلفي أحكم قبضته بشكل متزايد على العديد من دور العبادة، وفي الوقت نفسه ارتفع عدد الأئمة الحاملين للفكر الوهابي بشكل متسارع. وعزا التقرير سرعة انتشار الوهابية في بلجيكا إلى عاملين رئيسيين: المال السعودي، وقوة الجهاز التبشيري للوهابية، مشيرا إلى نجاح هذا التيار في جعل المسلمين يبتعدون عن المعايير والقيم الأوروبية باعتبارها مبادئ تتعارض وأحكام الإسلام، وبالتالي يحشرون في منظومة متزمتة ومتطرفة. وحذر المصدر ذاته من التقليل من أهمية هذه المجموعات باعتبارها أقليات معزولة، بل على العكس من ذلك اعتبرتها OCAD مجموعات فعالة، باعتبارها نجحت في نشر الفكر الوهابي في العالم الإسلامي، ولم تستثن الأقليات المسلمة في الغرب، ليصبح الكثير من المسلمين السنة ينظرون إلى المبادئ الوهابية على أنها معايير اليوم. وذكرت الوثيقة نفسها أن التيار الوهابي يعمل على تجنيد الشباب من خلال قنوات مختلفة، إذ تمنح السلطات السعودية منح دراسية للمسلمين من جميع أنحاء العالم، لجعلهم بعد ذلك أداة داخل منظومة الجهاز التبشيري الوهابي، بالإضافة إلى القوة الناعمة السعودية، المتمثلة في بعض الدعاة المرموقين، الذين يقومون بالوعظ في المساجد البلجيكية. كذلك لم يغفل التقرير دور وسائل الإعلام المحسوبة على التيار الوهابي، ووسائل التواصل الاجتماعي الموجهة نحو أوروبا. من جانبه، نفى نورالدين الطويل، الرئيس السابق للهيئة التنفيذية لمساجد بلجيكا، أي علاقة أو تأثير للوهابية ماديا أو فكريا على المساجد في بلجيكا، وبالخصوص تلك التي يسيرها المغاربة، وقال إن التقرير ذو طابع سياسي هدفه التضييق على المسلمين، وأكد أن مساجد المغاربة ذاتية التمويل، تم تأسيسها من دون دعم ولا منة من أي جهة كانت، وأضاف أن الجالية المغربية معروفة تاريخيا بوسطيتها واعتدالها ووضوح رؤيتها ونهجها وتعاونها مع الجميع؛ كما نوه بالعمل الذي يقوم به المجلس العلمي لمغاربة الخارج من حيث التأطير والتأهيل الديني للأئمة. يذكر أن عدد المسلمين في بلجيكا ارتفع إلى حوالي 700 ألف نسمة، غالبيتهم من المغاربة والأتراك؛ في حين يشكل الإسلام ثاني أكبر ديانة. كما يتم تدريس الإسلام في المدارس البلجيكية منذ 1975، بينما ارتفع عدد المساجد في البلد إلى حوالي 500 مسجد، أكثر من 60% منها يسيرها مغاربة.