قال الموساوي العجلاوي، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي ليست انضماما جديدا "كما تروج لذلك بعض القراءات المغرضة"، بل إنها تطور واضح في الممارسة الدبلوماسية على المستوى الداخلي والخارجي، وتوجه نحو "براغماتية أو دبلوماسية الواقع" تجاه القارة السمراء، مشيرا إلى أن هذا المسار ليس وليد اللحظة، بل انطلق منذ ما يزيد عن قرابة العقدين من الزمن. وفي مداخلته ضمن ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام، مساء اليوم الخميس بالرباط، حول موضوع "ماذا بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الافريقي؟"، قال العجلاوي إن هذا المسار الإيجابي في الدبلوماسية المغربية "يتقاطع مع معطى ثان يتصل بالتحولات التي ظهرت داخل القارة السمراء والاتحاد الافريقي، منها تحولات في موازين القوى على مستوى دول إفريقيا". وضرب الباحث في معهد الدراسات الإفريقية مثالا على تلك التحولات بما أسماه "انحسار محور بريتوريا وأبوجا والجزائر"، موضحا أن دولة جنوب إفريقيا تعاني حاليا من تصدعات وفضائح مالية كبيرة ومحاكمة قيادات سياسية، مضيفا أن رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي السابقة، نكوسازانادلاميني زوما، ونتيجة للوضع في بلدها،حوّلت وجهة نظرها من ولاية ثانية في الاتحاد الإفريقي صوب التفكير في رئاسة المؤتمر الوطني الإفريقي وبالتالي صوب رئاسة دولة جنوب إفريقيا، "دون أن ننسى أنها كانت تلعب بالورقة المغربية ونزاع الصحراء من أجل أن تضمن لها مقعدا سياسيا مريحا". وعاد العجلاوي إلى تاريخ 13 نونبر 2016، وأورد أن زولا راسلت دول الاتحاد الإفريقي بشأن مدارسة عودة المغرب من الناحية القانونية، ومن ضمنها دولة جنوب السودان، التي يقوم الملك محمد السادس بزيارتها رسميا منذ أمس الخميس، التي "كانت من البلدان التي ارتأت عرقلة عودة المملكة، لكن لننظر كيف أن المغرب بشهامته وقوته وبراغماتيته القوية بادر إلى زيارة البلاد وكيف كان رد فعل المسؤولين في جنوب السودان". وتوقف الأستاذ الجامعي عند الأسئلة السبعة التي بعثت بها تلك الدولة وقتها، ومن ضمنها طلب الاستشارة القانونية لمدارسة وضع عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وسؤال "كيف يمكن قبول عضوية دولة كالمغرب وهويحتل جزء من أراضي دولة عضو أخرى؟"، فيما أوضح أن هذا التكتيك كان يرمي إلى بناء إطار قانوني يبغي عرقلة عودة المغرب رسميا إلى حظيرة الاتحاد الإفريقي. العجلاوي خلص إلى أن الدبلوماسية الملكية وكل جنود الخفاء واجهوا تلك المقالب بذكاء وتجاوزوها، مشددا على أن زوما نفسها كانت ترغب في نقل وضعية المغرب من مسطرة قانونية إلىمسطرة سياسية، عبر إنشاء لجنة تبت في الطلب المغربي إلى ما بعد انتهاء القمة الإفريقية ال28 الأخيرة في أديس أبابا، "لكن الرسالة القوية والكبيرة التي خرجت بها القمة هي أن 39 دولة إفريقية، بينها دول تعترف بالبوليساريو، قبلت بعودة المغرب دون شرط أو قيد؛أي بتاريخه وخريطته". وحول مضامين الخطاب الملكي الذي ألقاه الملك محمد السادس أمام رؤساء وقادة الاتحاد الإفريقي مطلع هذا الأسبوع، توقف العجلاوي عند وضع المغرب العربي، ليوضح أن تحول المغرب نحو العمق الإفريقي "أملاه الفراغ واللاّ انسجام على مستوى العلاقات بينه وبين دول المغرب الكبير"، فيما أكد أن هذه العودة "لا تروم فقط الحضور بشكل مبسط، بل إن المغرب يقدم تجربة فريدة هي تجربة تعاون جنوب جنوب والربح المشترك".