الخطاب الملكي التاريخي في أديس أبابا تتويج للعمل الناجح في أفريقيا على جميع المستويات. إعادة إدماج المغرب في الاتحاد الأفريقي هي نتيجة الجهود الاستثنائية التي بذلها الملك منذ بداية عام 2000، عندما ألغى ديون أقل البلدان الأفريقية نموا نحو المغرب، ثم ذهب أبعد من ذلك بإجراء جولات مكوكية بشكل متزايد في العديد من بلدان غرب أفريقيا، الناطقة بالفرنسية، وأفريقيا الوسطى والشرقية، وقام جلالته مؤخرا بالمزيد من زيارات العمل إلى الجنوب، خاصة رواندا ومدغشقر وتنزانيا. عودة المغرب التاريخية إلى حظيرة الاتحاد الأفريقي هي استراتيجية ممتازة على المستويين الاقتصادي والسياسي. اقتصاديا، سيتمكن المغرب من ولوج السوق الأفريقية الواعدة من بابها الواسع، سوف تسمح بازدهار التبادل التجاري. وسيساهم المغرب، كبلد مستقر وغني نسبيا، في تنمية القارة الأفريقية مع تعزيز تنميته الاقتصادية. على المستوى السياسي، تهدف عودة المغرب إلى الأسرة الإفريقية إلى تدعيم أواصر الأخوة والصداقة مع الدول الإفريقية، وتعزيز الوحدة الترابية للمغرب بإيجاد حلفاء جدد لتنفيذ مشروعه الوحدوي والتنموي في الأقاليم الجنوبية، ولإبطال أطروحة أعداء وحدتنا الترابية في إطار الاتحاد الأفريقي نفسه. وفي وقت تُدير لنا الجزائر ظهرها، وتوجد ليبيا في حالة خراب، وتونس ومصر في شبه فوضى، وتجنبا للعزلة في القارة السمراء، اختار المغرب العودة إلى الاتحاد الأفريقي للبناء والتعاون مع البلدان الأفريقية الأخرى. وسيجعل المغرب رهن إشارة البلدان الأفريقية خبرته في جميع المجالات: الزراعة والبناء والتمويل، والصناعة الزراعية، والبنية التحتية للطرق والموانئ والمطارات، الخ. وقد اختار المغرب التبادل ونقل المعارف، وعبّر جلالة الملك عن عزمه بناء "مستقبل موحد وآمن". كما سيوفر المغرب خبراته الأمنية لمكافحة الإرهاب، وتجربته الدبلوماسية الكفيلة بتسوية النزاعات. وقد شارك المغرب منذ الاستقلال في ست عمليات حفظ السلام للأمم المتحدة في أفريقيا، نشر خلالها الآلاف من الرجال في مختلف مسارح العمليات، وأضاف الخطاب الملكي: "ولا تزال تنتشر القوات المغربية في جمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية". ومؤخرا قام المغرب بتسوية أوضاع عشرات الآلاف من المهاجرين الأفارقة، وبعث بعلماء الدين المغاربة إلى بلدان إفريقية مسلمة مختلفة لتعزيز الإسلام الوسطي المعتدل ومكافحة التطرف الديني. وفي زيارات ملكية سابقة إلى أفريقيا، تم التوقيع على مشاريع إستراتيجية مهمة، بما في ذلك بدء مشروع خط أنابيب أفريقيا الأطلسي مع نيجيريا، الذي سوف ينقل الغاز من الدول المنتجة إلى أوروبا، وأضاف الخطاب الملكي: "لكن أبعد من ذلك، فإنه سيعود بالفائدة على كل غرب أفريقيا". بالإضافة إلى مشاريع ثنائية أخرى، "تم إنشاء وحدات إنتاج الأسمدة مع إثيوبيا ونيجيريا"، التي "سوف تمتد فوائدها للقارة بأكملها." وعلى غرار الأنشطة الملكية العديدة في أفريقيا، قوبل خطاب الملك في أديس أبابا بالترحاب الكبير، وصفق له رؤساء الدول الأفريقية بحرارة. وقال الملك، بأسلوب عاطفي رقيق، إنه عاد إلى بيته، وإنه سعيد لرؤية إخوته الأفارقة الذين غاب عنهم لمدة طويلة. كما انتقد بوضوح فشل اتحاد المغرب العربي؛ "لأن الإيمان في مصلحة مشتركة قد ولى"، محملا كل المسؤولية للدول المغاربية التي لا تزال من بين الأقل اندماجا في العالم، وأضاف أن "دول المغرب العربي هي في مستوى منخفض جدا من التعاون الاقتصادي" بالمقارنة مع المناطق الفرعية الأفريقية الأخرى. باختصار، سوف يبقى تاريخ عودة المغرب إلى البيت الأفريقي الشاسع منقوشا بحبر من ذهب، وسيظل يوم الثلاثاء 31 يناير 2017 يوما تاريخيا بالنسبة للمغاربة، هذه العودة التي أتت بعد 33 سنة من الغياب، وهي تتويج لسنوات من الجهود الملكية الجبارة في خدمة قارة تم استعمارها ونهبها، والآن يُساء استخدامها من قبل دول غربية وغيرها من الدول المخادعة.