يستعد المغرب للعودة إلى الاتحاد الإفريقي، التي سبق أن أعلن عنها الملك محمد السادس في رسالته إلى القمة ال27 للاتحاد، التي انعقدت بالعاصمة الرواندية كيغالي؛ وذلك بتكثيف تواجده في القارة الإفريقية خلال الأيام المقبلة. وتواجه الدبلوماسية المغربية مطبات قانونية، تعد بمثابة الشراك التي ستنصبها البوليساريو للمملكة، ويتوقع أن تستند فيها إلى ما يمكن أن يعتبر عيوبا قانونية في النظام الأساسي للاتحاد الإفريقي. وضمن البنود التي يمكن استغلالها، البند 2 الذي ينص على الالتزام بالدفاع عن سيادة وسلامة الدول الأعضاء، وعدم وجود مادة تتحدث عن طرد عضو من الاتحاد، باستثناء المادة 30 التي تتحدث عن تعليق العضوية في حالة انقلابات عسكرية أو ما شابهها. وفي الوقت الذي سبق فيه لوزير الخارجية المغربي السابق، سعد العثماني، أن طالب بدراسة جميع الاحتمالات، وتعبئة جميع أصدقاء المغرب، واتخاذ جميع الاحتياطات لضمان انضمام المغرب مع تصحيح الخطأ التاريخي كما ورد في الرسالة الملكية، يرى عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، أن الجزائر والبوليساريو تخوضان حربا إعلامية تسبق عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، مشيرا إلى أن هذه الحرب تقوم على أساس تقديم قراءات تمويهية خاطئة لبعض المقتضيات الموجودة في القانون التأسيسي للاتحاد الذي صادق عليه البرلمان المغربي منذ أيام. وردا منه على ما اعتبرها مزاعم يتم الترويج لها، سجل اسليمي أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي ومصادقته على قانونه التأسيسي لا تعني نهائيا أنه يعترف بالبوليساريو، مبرزا أن "تطبيق نظرية الاعتراف تُوضح أن البوليساريو كيان أسسته الجزائر وليبيا القذافي بعمل انفرادي، وفرض على دول أخرى الاعتراف به في سياق دولي يعود إلى مرحلة الحرب الباردة". وفي هذا الصدد، اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط أن "الأمر يتعلق باعتراف تأسيسي جزائري وليبي لكيان صُنع وتم تسهيل ولوجه إلى منظمة الوحدة الإفريقية القديمة، وظل موضوع نزاع بين دول القارة التي استمر البعض منها داخل المنظمة بعد انسحاب المغرب"، موضحا أن العديد من الدول الإفريقية ظلت داخل المنظمة، وبعد ذلك في الاتحاد الافريقي، دون الاعتراف بالبوليساريو. وأكد المتحدث أن المعركة التي يقودها المغرب اليوم أكثر من العودة إلى الاتحاد الإفريقي؛ وذلك بالبحث عن ضمان أغلبية تسحب الاعتراف من البوليساريو، وتعلق عضويتها في الاتحاد، مشددا على أن "الحرب الدبلوماسية والإعلامية التي تقودها الجزائر بتأويل خاطئ لمقتضيات القانون التأسيسي تخفي الخوف من وصول المغرب إلى أغلبية تُعلق عضوية البوليساريو، وهي المعركة التي سيقودها المغرب من داخل الاتحاد". من جهة ثانية، يرى اسليمي أن إشارة البوليساريو والجزائر إلى مقتضيات المادة الرابعة من القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، حول المبادئ التي تحاولان من خلالها توظيف مسألة احترام الحدود القائمة عند نيل الاستقلال، "لا تصمد أمام مقتضيات القانون الدولي"، مضيفا أن "الذريعة التي تحاول الجزائر والبوليساريو استعمالها ضد المغرب تحت مسمى احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار، هي ذريعة سياسية وليست قانونية رغم وجودها في ميثاق الاتحاد الإفريقي". ونبه اسليمي إلى أن مبدأ الحدود الموروثة عن الاستعمار يوجد في تناقض تام مع مقتضيات ميثاق الأممالمتحدة ذات الصفة الآمرة، مبرزا أن "للجزائر أسبابا تاريخية تجعلها تستعمل هذا المبدأ السياسي ضد المغرب وليبيا وتونس ومالي، لكونها تُدرك أن حدودها صنعها الاستعمار". "لا توجد تخوفات قانونية من عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي؛ لأنه يملك كل الحجج التي من شأنها تصحيح أوضاع خاطئة فرضتها الجزائر"، يقول رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، الذي أشار إلى أن "الحرب الإعلامية المزيفة للقانون تخفي تخوف الجزائر والبوليساريو من حرب قانونية شرعية سيشرع فيها المغرب من داخل أروقة الاتحاد الإفريقي"، مؤكدا أن "هذه الحرب يبدو أنها باتت تقسم المتصارعين حول السلطة داخل الجزائر نفسها بين تيار الجنرال قايد صالح ورمطان لعمامرة من جهة، كممثلين لجيل سنوات الحرب الباردة وستينات القرن الماضي، وبين تيار محيط بوتفليقة الذي يبحث عن تغيير مقاربة التعامل مع المغرب، من جهة ثانية".