نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرها السنوي حول وضعية حقوق الإنسان في مختلف الدول عبر العالم؛ وفي وقت أثنت على عدد من الإجراءات التي قام بها المغرب العام الماضي في المجال الحقوقي، انتقدت استمرار بعض الممارسات التي لازالت تشوه صورة المملكة. وبينما أمسكت المنظمة الأمريكية "عصا تقييم حقوق الإنسان بالمغرب" من الوسط، قالت في تقريرها إن المملكة اعتمدت العام الماضي قوانين تعزز حرية التعبير، وحقوق العاملات المنزليات، وضحايا الاتجار بالبشر والأشخاص ذوي الإعاقة، غير أن السلطات فرضت قيودا على أنشطة الجمعيات الحقوقية المحلية، ووسعت نطاق القيود لتشمل منظمات حقوقية دولية. وأوردت "هيومن رايتس ووتش" أنه لازال العديد من الأشخاص يقضون أحكاما بالسجن لفترات طويلة بعد محاكمات جائرة على جرائم ذات دوافع سياسية؛ وبينما تسامحت السلطات في كثير من الأحيان مع مظاهرات احتجاجية، منعتها في الأقاليم الصحراوية. وفي ما يخص حرية الرأي والتعبير، انتقدت المنظمة ذاتها حفاظ القانون الجنائي على عقوبة السجن لمجموعة متنوعة من جرائم التعبير السلمي، مضيفة أنه قبل 5 أيام من اعتماد قانون الصحافة الجديد أضاف البرلمان مقتضيات على القانون الجنائي تفرض عقوبة السجن على الذين تخطوا "الخطوط الحمراء" الموجودة في المغرب، كالمس بالإسلام والملَكيّة والوحدة الترابية. وأوردت المنظمة الحقوقية أن السلطات لازالت تشترط تصاريح على وسائل الإعلام الأجنبية للتصوير في المغرب، لكن غالبا ما ترفض إصدارها، ضاربة المثال بتاريخ الثالث من أبريل الماضي، حيث اعتقلت الشرطة وطردت طاقم برنامج إخباري فرنسي (لو بوتي جورنال)، عندما حاول التصوير في حي ببني ملال، حيث وقع تعنيف مثليين. أما في ما يتعلق بحرية التجمع والتنظيم، فقالت المنظمة الأمريكية إن السلطات تسامحت مع العديد من المسيرات والمظاهرات المطالبة بالإصلاح السياسي والاحتجاج على الإجراءات الحكومية، بينما فرقت البعض بالقوة رغم كونها سلمية؛ فيما يستمر المسؤولون حسبها بشكل تعسفي في منع أو عرقلة حصول العديد من الجمعيات على التسجيل القانوني، على الرغم من أن دستور 2011 يكفل حرية تكوين الجمعيات. وفي السياق ذاته، انتقدت المنظمة "الحضر الفعلي" المفروض منذ 2015 على بعثات أبحاث "منظمة العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش"، وهو ما ألغى حرية العمل النسبية التي كانت المنظمتان تتمتعان بها طوال نحو 25 عاما. وفي ما يتعلق بنظام العدالة الجنائية، قالت المنظمة إن المحاكم لم تدعم حقوق المحاكمة العادلة في القضايا السياسية والأمنية، إذ يمنح قانون المسطرة الجنائية المعدل سنة 2011 المتهم الحق في الاتصال بمحام بعد 24 ساعة من الحراسة النظرية، و36 ساعة كحد أقصى إذا وافق وكيل الملك على التمديد. وفي حالات جرائم الإرهاب، يمكن للوكيل العام تأجيل الوصول إلى محام لمدة تصل إلى 6 أيام. كما لا يعطي القانون المعتقلين حق حضور محام أثناء استجوابهم من قبل الشرطة أو عندما تقدم لهم تصريحاتهم للتوقيع عليها. المنظمة الأمريكية انتقدت تجريم الجنس خارج الزواج، معتبرة أن له أثرا تمييزيا بين الجنسين، بما أن ضحايا الاغتصاب يواجهن المتابعة القانونية إذا قدمن اتهامات لا سند لها، وتواجه النساء والفتيات أيضا المحاكمة إذا وجدن حاملات أو لديهن أطفال خارج الزواج، مضيفة أن المحاكم المغربية واصلت سجن الأشخاص بتهمة السلوك المثلي بموجب الفصل 489 من القانون الجنائي، الذي يحظر "أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه". في مقابل ذلك يتواصل تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لعام 2013 لإصلاح السياسات الوطنية المتعلقة بالمهاجرين وطالبي اللجوء، بما في ذلك توفير بعض الحقوق الأساسية، ومنح مكتب اللاجئين في المغرب تصاريح بالإقامة سنة واحدة قابلة للتجديد لأكثر من 500 لاجئ اعترفت بهم المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين، في حين لم يحدد وضعية أكثر من 1700 سوري اعترفت بهم المفوضية كلاجئين مفترضين مبدئيا، حسب المصدر ذاته. واعتبرت المنظمة ذاتها أن مدونة الأسرة لعام 2004، التي حسنت حقوق النساء في الطلاق وحضانة الأطفال، لازالت تكرس التمييز ضدهن في ما يتعلق بالميراث وإجراءات الحصول على الطلاق، ورغم أنها رفعت سن الزواج من 15 إلى 18، لكن القضاة يسمحون عادة بزواج الفتيات دون هذا السن، كما لا يوجد قانون يجرم العنف الأسري بالتحديد أو ينص على حماية ضحاياه. ونوهت "رايتس ووتش" باعتماد البرلمان قانون عمل يُطبق على العاملات المنزليات، يتطلب عقودا مكتوبة، ويحدد 18 عاما كحد أدنى لسن العاملات بعد مرحلة 5 سنوات من تنفيذه، كما يحدد ساعات العمل الأسبوعية ويضمن 24 ساعة متواصلة من الراحة في الأسبوع وحدا أدنى للأجور بقيمة 60 في المائة من الحد الأدنى لأجور الوظائف التي يشملها قانون الشغل؛ في حين ينص القانون أيضا على فرض عقوبات مالية على أرباب العمل الذين ينتهكونه.