27 يناير, 2016 - 01:14:00 نشرت المنظمة الدولية غير الحكومية "هيومن رايتس ووتش"، تقريرا مفصلا لها معلنة فيه عن تراجع المغرب في العديد من مجالات حقوق الإنسان خلال سنة 2015. وأكدت المنظمة في تقريرها أنه قد تم تشديد القيود على منظمات حقوق الإنسان، الوطنية منها والدولية، وقضى العديد من المغاربة أحكاما بالسجن لمدد طويلة بعد محاكمات لجرائم ذات دوافع سياسية. وأضافت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن السلطات المغربية تسامحت في كثير من الأحيان مع مظاهرات احتجاجية، لكنها منعت تجمعات في الصحراء. وذكر التقرير ذاته أن المغرب عرف تطورا إيجابيا، إذ دخل قانون جديد حيز التنفيذ، يمنع المحاكمات العسكرية في حق المدنيين، واعترفت السلطات للمرة الأولى بمنظمة حقوقية في الصحراء، كما منح المغرب وضعا قانونيا مؤقتا لطالبي اللجوء المعترف بهم من قبل الأممالمتحدة، وآلاف المهاجرين الباحثين عن فرص اقتصادية، في انتظار إجراء مراجعة شاملة لقوانينه بشأن اللجوء والأجانب على التراب المغربي. تحدث التقرير عن حرية التعبير، التي حددت القوانين التي تجرّم الأفعال التي تُعتبر مسا بالملك أو الملكية أو الإسلام، كما أشار التقرير أن وسائل الإعلام المستقلة المطبوعة والإلكترونية ، واجهت متابعات ومضايقات كلما أجرت تحقيقات انتقدت فيها مسؤولين وسياسات حكومية أوانتقدت الملك أو مستشاريه. وينص قانون الصحافة على عقوبة السجن بسبب نشر "أنباء زائفة" ب"سوء نية" تعتقد السلطات أنها قد تزعزع النظام العام، أو أنها تنطوي على خطاب تشهيري. واستعان التقرير بالصحفي علي المرابط كمثال إذ ذكر:"فرضت السلطات عراقيل إدارية تعسفية لعرقلة جهود الصحفي علي المرابط لتسجيل أسبوعية ساخرة جديدة بعدما أنهى حكما يمنعه لمدة 10 سنوات من مزاولة مهنة الصحافة في المغرب". مضيفا أن التلفزيون الحكومي المغربي يسمح ببعض المساحة للنقاش والتحقيقات الصحفية، لكن ليس للنقد المباشر للقصر أو للمعارضة بشأن قضايا رئيسية. وأشار التقرير إلى نقطة ثانية تتجلى في حرية التجمع وتكوين الجمعيات، مشددا أن السلطات المغربية تسامحت مع العديد من المسيرات والمظاهرات المطالبة بالإصلاح السياسي أو المحتجة على إجراءات حكومية ولكنها فرقت بعض التجمعات السلمية الأخرى. وفي إشارة إلى حرية تكوين الجمعيات ، ذكر التقرير أن المسؤولون يمنعون ويعرقلون تكوين هذه الجمعيات من الحصول على التسجيل القانوني ، على الرغم من أن دستور 2011 يكفل حرية تكوين الجمعيات. ومع ذلك، سمحت السلطات في 2015 بتسجيل "الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان"، بعد 9 سنوات من إيداع ملفها الأول. وأضاف التقرير ذاته أن المغرب قد سمح بتسجيل العديد من الجمعيات التي شُكلت للدفاع عن حقوق المهاجرين في المغرب، ولكن ليس كلها. في يوليو/تموز، أمرت المحكمة الابتدائية في تزنيت بإغلاق "جمعية إفني ذاكرة وحقوق" جزئيا على أساس أنها مست ب "الوحدة الترابية" للمغرب بتأكيدها على حقوق وهوية ساكنة منطقة إفني، مشيرا أنه من بين العديد من الجمعيات التي حرمت من التسجيل القانوني، هناك العشرات من الجمعيات الخيرية والثقافية والتربوية التي تضم قيادتها أعضاء من "جماعة العدل والإحسان". وأشار التقرير أن السلطات المغربية منعت عشرات من الأنشطة التي أعدتها جمعيات حقوقية معترف بها قانونيا:" لا سيما "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" وفروعها. وبعد السماح لباحثي "منظمة العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" بالدخول نسبيا دون عوائق منذ ما يقرب من 25 عاما، طردت السلطات باحثين من منظمة العفو الدولية في يونيو/حزيران، وطالبت في سبتمبر/أيلول بأن تعلق هيومن رايتس ووتش أنشطتها في المغرب حتى يتمكن المسؤولون من جدولة اجتماع مع المنظمة لمناقشة "تحيزها". وإلى حدود كتابة هذا التقرير، لم يرد المسؤولون على دعوات هيومن رايتس ووتش لعقد لقاء". وذكر التقرير أن السلطات المغربية اتهمت كل من "المؤرخ المعطي منجب، وهشام منصوري، وثلاثة نشطاء جمعويين آخرين بقبول تمويل أجنبي بهدف "الإضرار بالأمن الداخلي"، والذي تصل عقوبته إلى السجن لمدة 5 سنوات، اعتمدت القضية، التي من المقرر إحالتها للمحاكمة في 2016، على ورشة تدريبية ممولة من الخارج لتدريب المغاربة على استخدام تطبيق الهواتف الذكية لممارسة "صحافة المواطنة"". وتطرق التقرير لنقطة ثالثة تكمن في سلوك الشرطة والتعذيب ونظام العدالة الجنائية،مشيرا أن قانونا جديدا دخل حيز التنفيذ، و"ألغى اختصاص المحاكم العسكرية على المتهمين المدنيين، وتمت إحالة قضية مبارك الداودي، "ناشط صحراوي" يواجه محاكمة أمام محكمة عسكرية منذ سبتمبر 2013 بتهمة أسلحة بسيطة، على المحكمة الابتدائية في كلميم، فحكمت عليه بالسجن لمدة 3 أشهر في مارس، ظل في السجن ليواجه محاكمة ثانية أمام محكمة في أكادير، أدانته وحكمت عليه في 3 ديسمبر بالسجن لمدة 5 سنوات". وشدد التقرير ذاته، إن 22 صحراويا آخرين يواصلون قضاء أحكام بالسجن تتراوح بين 20 سنة ومدى الحياة فرضتها محكمة عسكرية في عام 2013. واتهم الرجال، ومن بينهم نشطاء معروفون، على خلفية العنف الذي اندلع في 8 نوفمبر2010، عندما فككت السلطات مخيم أكديم إزيك في الصحراء. وأردف التقرير ذاته أن المحاكم فشلت "في احترام الحق في المحاكمة العادلة في قضايا سياسية وأمنية، وتواصل السلطات سجن مئات الإسلاميين المتهمين بالعنف والذين اعتقلوا في أعقاب تفجيرات الدارالبيضاء في مايو/أيار 2003". ويقضي كثيرون منهم أحكاما بالسجن فُرضت عليهم بعد محاكمات بعد أشهر من الاحتجاز... " وأشار التقرير لقضية اعتقال الشرطة" لمئات من المشتبه بهم منذ وقوع هجمات إرهابية أخرى في عامي 2007 و2011. وأدانت المحاكم العديد منهم بتهمة الانتماء إلى "شبكات إرهابية" أو التجنيد أو التدريب أو الإعداد للالتحاق بمقاتلين إسلاميين في العراق أو سوريا أو أي مكان آخر،يتضمن قانون مكافحة الإرهاب لعام 2003 تعريفا فضفاضا بشكل كبير ل "الإرهاب"، ويسمح بالاحتجاز رهن الحراسة النظرية لمدة تصل إلى 12 يوما". وجاء في التقرير، ان المحاكم المغربية واصلت فرض عقوبة الإعدام، ولكن السلطات لم تُنفذها منذ أوائل التسعينيات وتفاقمت أزمة اكتظاظ السجون بسبب نزوع المحاكم إلى وضع المشتبه فيهم رهن الاعتقال الاحتياطي، وبحسب إدارة السجون، فإن 41 في المائة من السجناء، هم رهن الاعتقال الاحتياطي حسب التقرير ذاته. وتطرق التقرير لنقطة الحق في الحياة الخاصة، مؤكدا أن المحاكم المغربية تواصل سجن الأشخاص بتهمة السلوك المثلي بموجب الفصل 489 من القانون الجنائي، الذي يحظر "أفعال الشذوذ مع شخص من نفس الجنس"، مشيرا أنه في أكتوبر ، حثت "لجنة الأممالمتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، في الملاحظات الختامية على التقرير الدوري المغربي، على "إلغاء دون تأخير" للفصل 489. وتحدث التقرير عن إدانة صادرة عن محكمة ابتدائية في الحسيمة لرجلين بالمثلية في 30 دجنبر 2014، وحكمت على واحد منهما بالسجن لمدة 6 أشهر، وعلى الآخر، الذي أدين أيضا بتهمة محاولة الإرشاء، بالسجن لمدة 12 شهرا،كما حكمت محكمة ابتدائية على 3 رجال من تاوريرت في ماي بالسجن لمدة 3 سنوات بتهمة المثلية، وهو الحكم الذي خفضته محكمة الاستئناف في وجدة في يوليوز إلى بضعة أشهر،في كلتا الحالتين، اعتمدت الإدانة على اعترافات أنكرها المتهمون أمام المحكمة. وأعطى التقرير في نفس السياق أمثلة كثيرة في هذا الصدد أولها عن حادث الإعتداء على شخص مثلي في أحد شوارع فاس :" بعد حادث الاعتداء على شخص مثليّ في أحد شوارع فاس يوم 29 يوليوز ، قال وزير العدل والحريات مصطفى الرميد إنه ينبغي مقاضاة المعتدين، ولكنه أدلى أيضا بتصريحات ضد المثلية، بما في ذلك للمثليين بعدم "استفزاز" المجتمع. وحكمت المحكمة على رجلين بالسجن لدورهما في الاعتداء". المثال الثاني الذي جاء به التقرير كان عن تأييد محكمة الاستئناف في الرباط في ماي حكما بالسجن لمدة 10 أشهر في حق هشام منصوري وصديقته بتهمة الخيانة الزوجية و"المشاركة في الخيانة الزوجية" بعد أن اقتحمت الشرطة شقته، وزعمت القبض عليهما في وضعية مُخلة. فشلت المحكمة في النظر في أدلة براءة مهمة. وأثار عمل المنصوري في "الجمعية المغربية لصحافة التحقيق" شكوكا بأن مراقبة الشرطة له ومحاكمته كانت انتقاما لنشاطه الجمعوي. وجاء التقرير بمثال ثالث حول اعتقال الشرطة في الدارالبيضاء لمصطفى الريق، وهو شخصية بارزة في حركة العدل والإحسان، جنبا إلى جنب مع صديقة للاشتباه فيهما بممارسة الزنا، ولكنها أفرجت عنهما بعد 3 أيام بعد أن رفضت زوجة الريق توجيه اتهامات. وتطرق التقرير كذلك لقضية المهاجرين واللاجئين مشددا أن وكالة اللاجئين في المغرب منحت بطاقات إقامة قابلة للتجديد سنة واحدة لأكثر من 500 لاجئ مُعترف بهم من طرف "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين". وإلى حدود كتابة هذا التقرير، لم يحدد المغرب الوضع الذي سيمنحه لأكثر من 1700 سوري تعترف بهم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين على أنهم لاجئون شرعيون. مضيفا، ان المغرب منح أيضا، في سياق إجراء تسوية استثنائية انتهت في 31 ديسمبر 2014، بطاقة إقامة لمدة سنة قابلة للتجديد لآلاف المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء، لم يكونوا طالبي لجوء ولكن توفرت فيهم معايير معينة في خطة 2013. كما حصل بعض السوريين أيضا على بطاقات إقامة لمدة عام بموجب هذا الإجراء. من بين النقط التي أشار لها التقرير هي حقوق النساء والفتيات، إذ ذكر أن دستور 2011 يكفل المساواة للمرأة، "في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها"، وأن مدونة الأسرة لعام 2004، التي حسنت حقوق المرأة في الطلاق وحضانة الأطفال، ضد المرأة فيما يتعلق بالميراث وإجراءات الحصول على الطلاق. رفعت المدونة سن الزواج من 15 إلى 18 سنة، ليضيف أن القضاة يسمحون بشكل روتيني لفتيات دون هذا السن بالزواج،ولا يوجد قانون يُجرم العنف الأسري بالتحديد أو يؤسس لحماية ضحايا العنف المنزلي. وأشار التقرير إلى ظاهرة عاملات المنازل، مشددا أنه على الرغم من القوانين التي تحظر تشغيل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما، يُعتقد أن آلاف الأطفال دون هذا السن، في الغالب هم من الفتيات، يعملون في المنازل.،طبقا للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية ومصادر حكومية، فقد انخفض عدد الأطفال العاملين في المنازل في السنوات الأخيرة. مضيفا أن قانون الشغل في المغرب يستثني عاملات المنازل من الحماية، والتي تشمل الحد الأدنى للأجور، وحدود ساعات العمل، ويوم راحة أسبوعي. في عام 2006، قدمت السلطات مشروع قانون لتنظيم العمل المنزلي وتعزيز الحظر على العاملات المنزليات دون 15 سنة. وتم تعديل المشروع ولكن لم يتم اعتماده إلى حدود كتابة هذا التقرير. واختتم التقرير بالحديث عن الأطراف الدولية الرئيسية قائلا، أن فرنسا امتنعت وهي حليف وثيق ومصدر استثمار رئيسي في المغرب، عن توجيه انتقادات علنية للانتهاكات المغربية لحقوق الإنسان،واستأنف المغرب وفرنسا اتفاقية التعاون الثنائي القضائي، التي علقها المغرب في عام 2014 بعد تقديم قاضي تحقيق فرنسي استدعاء لقائد شرطة مغربي أثناء زيارة له بناء على شكاية رفعتها ضحية تزعم تواطؤه في التعذيب. وأضاف، ان البلدان عدلا الاتفاق لكي ينص على أن القاضي الذي يتلقى شكاية حول جريمة ارتكبت في البلد الآخر، يجب أن يُبلغ على الفور السلطات القضائية في البلد الآخر، والنظر في نقل القضية إلى محاكم هذا البلد أولا، وهو خيار، إذا تم تطبيقه، يمكن أن يحمي المسؤولين المغاربة من القضاء الفرنسي. وذكر التقرير زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لطنجة في سبتمبر لعقد اجتماع مع الملك محمد السادس، حين أعلن حسب التقرير أن "الصعوبات التي نواجهها... وضعناها وراءنا"، وتجنب الخوض في حقوق الإنسان علنا. الولاياتالمتحدة كذلك كانت من الدول التي قدمها التقرير كمثال، معتبرا أنها حليف وثيق آخر للمغرب، إلا أنها لم تقدم أي انتقاد علني لسجل المغرب في مجال حقوق الإنسان، مشيرا أنه في شتنبر، صادقت "مؤسسة تحدي الألفية"، وهي وكالة حكومية مستقلة في الولاياتالمتحدةالأمريكية تُقدم منحا للبلدان"التي تُظهر التزاما بالحكم الرشيد، والاستثمار في الناس والحرية الاقتصادية"، منحة بقيمة 450 مليون دولار أمريكي على مدى 5 سنوات للمغرب لدعم التعليم واستصلاح الأراضي ، مردفا أن المغرب هو أكبر ثاني مستفيد من معونة مؤسسة تحدي الألفية بعد تنزانيا.