"ماذا كانت تفعل تلك الشابة في منتصف الليل داخل الملهى بإسطنبول"، "لم يكن المصابون في الهجوم يقيمون الصلوات.. كانوا في لحظات سكر وعربدة"، "إنهم يستحقون ذلك المصير".. إنها تعليقات نشطاء أبدوا شماتتهم عبر صفحات "فيسبوك" من مصرع ضحايا ملهى إسطنبول. وباشرت بلدان عربية تدابير زجرية حيال عدد من النشطاء الذين أساؤوا إلى ضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف الملهى التركي ليلة رأس السنة؛ ففي الأردن، شرعت وحدات مكافحة الجريمة الإلكترونية في التحقيق وتتبع عدد من التعليقات والتدوينات التي أساءت إلى القتلى والجرحى. وطالب مستشار بوزارة الخارجية السعودية مواطنيه ب"تبرئة الذمم وإحسان الظن في ضحايا حادثة إسطنبول"، داعيا إياهم إلى أن "يراعوا الله في نفسيات ذويهم، خاصة المتوفين منهم". وفي لبنان، أوقفت الشرطة شخصا غرد في موقع "تويتر" بعبارات مسيئة إلى ضحايا هجوم إسطنبول. وتعلق شامة درشول، المتخصصة في تحليل الخطاب الإعلامي الرقمي، على هذا الموضوع بالقول، في تصريحات لهسبريس، إن الخطاب العنيف والمتطرف، والخطاب المحرض على كراهية الآخر، والخطاب المولد لما يمكن تسميته ب"الإرهاب الرقمي"، كلها سلوكيات بدأت تغزو عالم الأنترنيت. وتضيف درشول بأن "شبكات التواصل الاجتماعي التي من المفترض أن تسهم في تقديم عالم "بديل" عن العالم الواقعي المليء بالعنف، أصبحت حاضنة لهذا العنف، وشجعت أصحابه على وضع منشورات كأسهم تتداول عبر عدد الجيمات والمشاركات والمشاهدات والتعليقات، وليس عبر قيمة المنشور". وسجلت الخبيرة ذاتها أنه "بالرغم من ما يتداول عن شعب فيسبوك مغربي وغيره من الكلام الرنان، فإنه ما زالت المؤسسات والأفراد أيضا يتعاملون مع هذه الشبكة باستهتار، في الوقت الذي تستخدمه الجهات المتطرفة وذات الأيديولوجية الإقصائية بشكل جدي، إلى درجة احتكاره واستخدامه للترويج لإيديولوجيتها". وزادت المتحدثة بأن "الخطورة تتجلى في عدم التفريق، في الشبكات الاجتماعية بالمغرب، بين حرية التعبير وبين خطاب العنف، باعتبار أن الإرهاب يبدأ بفكرة، وأن القاتل لا يصل إلى مرحلة القتل عشوائيا؛ بل يتم بفكرة يتم الترويج لها على أنها الأصلح"، مشيرة إلى أن "المغاربة يعتبرون الشتم في "فيسبوك" ليس مضرا، ما داموا يشتمون في الواقع ولا أحد يتابعهم". واعتبرت درشول بأن "التشفي في مقتل مغربيات في ملهى تركيا، ووصف القتيلات بالمومسات، يظهر بجلاء أن المواطن المغربي لم يع بعد ماهية الديمقراطية، وأنه حتى لو كانت القتيلات عاملات جنس، فهذا لا يسقط عليهن في مجتمع ديمقراطي حقهن كمواطنات، متمثلا في قيام الدولة بمحاسبة القاتل". وخلصت المحللة إلى أن "المواطن المغربي الذي يحلم بالعيش في بلد كالسويد، لا يزال مواطنا قاصرا، لا يعي بعد حدود التعبير، واحترام الآخر، ولا حتى القوة التي منحته إياها التكنولوجيا والأنترنيت في أن يسهم في توفير مجتمع آمن، للجميع مكان فيه مهما كانت اختلافاتهم، وليس أداة للمحاسبة والمعاقبة والتشهير، ونشر الكراهية والعنف، ومباركة الإرهاب باسم الله".