ستنطلق ابتداء من 20 يونيو الحملة المتعلقة بالدعوة الى اتخاذ موقف من مشروع الدستور المقبل، و قد ظهرت مواقف مختلف الاطراف السياسية و النقابية و المدنية منه، اختلفت التقديرات بين رافض له سيصوت و سيدعو للتصويت بلا ، و بين من هو مقتنع به سيدعو للتصويت عليه بنعم، و بين من هو خارج العملية كلها سيدعو للمقاطعة. و مهما اختلفت تقديرات كلا الاطراف، فان الاكيد انه لكل طرف رأيه الذي أسس عليه موقفه، و دعوته سواء كانت للمشاركة " نعم او لا" أو الدعوة لمقاطعة العملية، و دون الدخول في تفاصيل الارقام، فان الملاحظ هو انه بعد الخطاب الملكي سجلت حالات من العنف سواء المادي منه او المعنوي، تجندت من خلاله بعض الاطراف المنتمية لكلا المعسكرين " الداعي للمشاركة أو المقاطع" ، هذا العنف كان ضحيته بعض الشباب المتظاهر الذين خرجوا للشارع ليلة الخطاب الملكي ل 17 يونيو للتعبير عن ترحيبهم بمضامين مشروع الدستور، و بعد مسيرة 20 يونيو التي دعت اليها الحركة، و هي حالات لا تنتمي لمغرب اليوم، الذي نريد له أن يعيش عرسا ديموقراطيا حقيقيا، يقع فيه التنافس الشريف يكون محوره هو شرح اسباب اتخاذ الموقف الذي يراه كل طرف من الدستور، لكن للأسف سجلت حالات اعتداء تعرض لها نشطاء حركة 20 فبراير من احتلال للساحات التي كان مقررا تنظيم مسيراتهم داخلها، من رشق بالبيض، من سب و ضرب تحت أعين و حراسة الامن الذي عليه أن يكون محايدا و حياذه ايجابيا، ان يتدخل لمنع أي احتكاك و أن يكون تدخله فيه نوع من الحكمة، لا أن يقف موقف المتفرج مما يحدث و يمكن أن نسرد هنا حالة الناشط منتصر الساخي، و ما تعرض له كذلك الناشط اسامة الخليفي، و هو اعتداء كان تحت حماية قوات الامن حسب ما تم نقله من شهادات، و ما أظهرته أشرطة الفيديو، ان هذا النوع من ردود الافعال العنيفة هي مرفوضة، و لا تخدم المغرب أو الدستور، بل تخلق ردود أفعال أكثر تطرفا و راديكالية من ذي قبل، بالإضافة الى ذلك هناك عنف آخر يمارس على المعسكر المقابل و هو عنف رمزي يتعرض له يوميا دعاة المشاركة خصوصا الداعين و الراغبين الى التصويت على الدستور بنعم، أخص بالذكر الشباب و الرجال، و النساء الذين ليست لهم أية ارتباطات بالأجهزة الامنية، و مواقفهم هي مواقف مبنية على اقتناع و على موقف سياسي مؤسس، هم أيضا يتعرضون لتعنيف رمزي من قبل دعاة المقاطعة ، الذين يتم تخوينهم يوميا على صفحات الفايس بوك، و في المسيرات، اتهامهم بالعمالة للأجهزة الامنية، و بالبلطجة، و بأقدح الاوصاف و النعوت تضع دعاة اقامة نظام "ديموقراطي" محط تساءل مباشر، كيف لمن يدعو للديموقراطية و يطالب بها يرفض ان يتواجد في الساحة من يختلف معه، بل و يفترض فيه أنه عميل أو شيء من هذا القبيل، ان مثل هذه الاحكام الجاهزة على الآخر تجعل هذا الطرف امام محك حقيقي، فالحق الذي يعطيه لنفسه يرفض ان تمتع به الآخر، و هذا أمر يجب أن يرفض بشكل كلي.... ان الاستفتاء هو مناسبة، ليس للعراك، و لا لتبادل التهم السريعة، الجاهزة، التي اي كشفت عن شيء فهي تكشف هي كسل فكري، بل مناسبة لان يتعرف المغاربة على انفسهم و على الآخر الذي يتقاسمون معه الأرض و المصير، و ليس مناسبة للانتقام او ممارسة التعنيف المادي او المعنوي ضد الآخر، انه مناسبة للتمرين الديموقراطي، أن يؤمن الجميع بأن المغرب أصبح قادر و هو كذلك على استيعاب كافت التعبيرات و الحساسيات داخله، لا اقصاء و لا الغاء لأي طرف. ان الاستفاء هو مناسبة، ليس لتبادل الاتهامات، بقدر ما هو مناسبة حقيقية للصراع الديموقراطي، الذي تتلاقح فيه الافكار و المواقف، و الذي تجعل من الناخب يحدد موقفه بشكل ناضج و واع، و التي تخدم في النهاية المغرب و مستقبله المؤسساتي و مشروع الاصلاح و التغيير الذي لن يتوقف يوم الاستفتاء، بل ذاك اليوم سيكون اعلان عن ميلاد انطلاق ورش الاصلاح السياسي الحقيقي. لذلك، و نحن في الايام الأولى للحملة حول الاستفتاء، يجب أن يعي الجميع، كل الاطراف التي تتجند من اجل التعبير عن مواقفها كيفما كانت، بأنه في نهاية المطاف نحن أمام الاحتكام للشعب، و انه لا حق لأحد بالحديث باسم الشعب لأنه هو سيد نفسه و هو من سيقول كلمته الفيصل في الموضوع، فالشعب ليس محتاج لإخراجه للتظاهر، بل محتاج اليوم الى ان يتم شرح الدستور له، و أن يتم التواصل معه بشكل حضاري، يقطع مع كل الاساليب التي تعكس صورة لمغرب يريد الجميع أن يقطع معه،و ان يمارس ديموقراطيته بشكل متمدن، و في النهاية يجب على الجميع أن يكون مهيئ للاحتكام لصندوق الاقتراع الذي هو الفيصل و الحكم بين الجميع، وهو الذي سننضبط له جميعا....و الى ذلك دعوا الاستفتاء يستقيم.