يرى محمد الساسي القيادي بالحزب الإشتراكي الموحد أن الأحداث المتسارهة التي يعرفها المشهد السياسي المغربي يفقد الإسلاميين الريادة ويجعلهم فاعلين أساسيين ومضطرين إلى العمل ضمن تصورات وأجندات العلمانيين. وأشار الساسي، في هذا الحوار، إلى أن حزب العدالة والتنمية يزاوج بين الأصولية والبراغماتية، وبالتالي يعتقد بأنه سيصوت لصالح الدستور الجديد، وإن كان سيترك للجناح الدعوي، أي حركة التوحيد والإصلاح، هامشا لكي ينتقد بعض الأشياء في الدستور الجديد... بحكم تجربتكم ، كيف يمكنكم قراءة لحظة التصويت على الدستور؟ أظن أننا نبني توقعات التصويت على المعطى المتعلق بطبيعة القادة الموجودين على رأس الأحزاب السياسية، نحن الآن في لحظة مفصلية نتبين من خلالها أهمية شخصية القادة مثلا في تحديد المسار السياسي للحركات التي يقودونها.فبالنسبة لحزب الإتحاد الاشتراكي، أتوقع بأن يكون تصويته رسميا بنعم لصالح الدستور، ولكن هذا لا يعني انه لن يكون هناك حراك داخل الحزب ، فالاتحاد هو حزب حي فيه حراك ،ومن أجل أن نعرف اتجاه التصويت المقبل ، يجب أن نتأمل عناصر شخصية الأستاذ عبد الواحد الراضي من ناحية ، وعلينا أن نتأمل مذكر الحزب التي رفعها منذ البداية، من ناحية اخرى. كيف يمكننا أن نتأمل هذه المذكرة ؟ نحس بلمسة الراضي حاضرة، بين ثنايا هذه المذكرة التي تقدم بها الحزب، حيث كان سقف مطالبها متدنيا ، معنى أن هذا لا يعني الاتحاد بصورة عامة، أو مشروع الاتحاد الأصلي لبناء الدولة المغربية ، ولكن الحسابات التي تحكمت في وضع هندسة الوثيقة الاتحادية هي أن تبرر التصويت ب ( نعم). الاتحاد الاشتراكي أو قيادة الحزبية، أو حتى شخص الأستاذ عبد الواحد الراضي على وجه الخصوص، يعتبر التصويت ب( نعم) على الدستور مسألة ضرورية للحزب. ف ( نعم ) الصادرة من الاتحاد ضرورية للحزب وضرورية للبلاد. من هنا فالوثيقة وأن كان سقفها محدودا ،فهي تؤمن المنهجية القائلة بمواجهة القاعدة الحزبية بالقول أنه مادام تمت الاستجابة ل 80 أو 90 في المائة من الأفكار الواردة في الوثيقة ، فالنتيجة المنطقية المترتبة عن ذلك سياسيا هي التصويت ب ( نعم). أتوقع أن الوثيقة الدستورية ستكون أحسن من وثيقة الاتحاد الاشتراكي، و في هذه الحالة سيصبح على الاتحاديين، من خلال قراءة النص واعتماد المقارنة بين نصين أن يقولوا أنه" ليس من المنطق في شيء أن يطالب الإنسان بشيء ويتوصل بأعلى منه، فلا يستحسن الأمر ولا يصوت لفائدته). ولكن الحزب وضع لجنة أخرى لإغناء الوثيقة ، لاندري هل هذه اللجنة أتمت عملها أم لا؟،إذن هناك محاولة لحل مشكل تقديم الوثيقة الذي يبقى سقفها منخفضا جدا، بالمقارنة مع الوثائق الاخرى، أو بما جاء به النظام، لن يظهر الاتحاد الاشتراكي بوصفه كما كان في الماضي قاطرة تجر الحياة السياسية ، حيث كان عادة هو الذي يعرض على الساحة السياسية الأفكار الأكثر تقدما مقارنة مع الآخرين أو مع النظام . لكن كيف يمكن معالجة هذه المشكلة ؟ هذه المشكلة الثانية يحاول حزب الاتحاد أن يعالجها عن طريق تكوين لجنة ثانية تتولى أمر الإغناء، ولا أدري ما جدوى هذا الاغناء مادام أن الوثيقة قد تم تقديمها وانتهى الأمر. فالأستاذ عبد الواحد الراضي يعتبر أنه من غير التصويت ب ( نعم)، يخرج الاتحاد الاشتراكي من الحالة الموجود عليها الآن ، حالة التعاون مع ( النظام) إلى حالة فيها صراع بين الطرفين ، والراضي يعتبر، في تقديرنا، أنه لايجب على الاتحاد الاشتراكي أن يتحول من قوة فاعلة بجانب النظام والملكية إلى قوة بعيدة عنهما. البعد في حد ذاته يقرأ على أنه صراع و عودة إلى الماضي، و تناقضاته، وعلى انه تمكين لعناصر أخرى وجهات أخرى تريد أن تفسد جو الود بين الطرفين، من أجل تموقعها، وفي نظر الاتحاد سيعرقل الإصلاح أو مسيرة الإصلاح. و يريد الاتحاد بكل الأشكال أن يبقى اسمه مقترنا بالإصلاحات، التي ستأتي بعد ظهور حركة 20 فبراير ،عله يتفادى بها النتائج الهزيلة للتناوب ، يمكن للاتحاد آنذاك، إذا وقع تقدم مؤسسي، أن يقول انه نتاج ،وإن كان متأخرا، لتجربة التناوب، كما يعتبر قادته اليوم بأن حركة 20 فبراير امتدادا، وإن كانت متأخرة لمشروع الاتحاد ولنضاله.. حتى وإن اعتبرنا الحركة الشبابية، امتدادا للاتحاد، فإنها في نظري، على الأقل في جزئها الأساسي، امتداد نقدي وليست امتدادا كمشروع أصلي للتناوب. هذا بالنسبة للاتحاد الاشتراكي، وماذا عن حزب العدالة التنمية؟ بالنسبة لحزب للعدالة والتنمية، أتوقع أنها ستصوت ب ( نعم)، ولن تصوت بشيء آخر سوى ب ( نعم)..أولا ، كما بالنسبة للأستاذ عبد الواحد الراضي، سيلعب عبد الإله بنكيران دورا ، وبنكيران شخص ذكي ومنتخب بطريقة ديمقراطية ، عبد الواحد الراضي شخص متبصر ومنتخب بطريقة ديمقراطية هو أيضا، لكن بنكيران يعلم بأن التصويت ب ( نعم) ضروري لحزبه،لأنه سيتحقق التطبيع الثاني مع النظام ، التطبيع الأول كان بدخول الإسلاميين إلى الحقل السياسي الرسمي وتأسيسهم لحزب، ومشاركتهم في الحياة السياسية، التي اعتبرت خطوة التطبيع الأولى، ما جعل النظام لا يخاف الإسلاميين، أما التطبيع الثاني فستفرزه هذه المرحلة ، وقد أعطت خطوة التطبيع الأولى أعطت هامشا للإسلاميين ، لكنها لم توفر لهم ذات حقوق الفاعلين السياسيين الحزبيين الآخرين، ويعتبر بنكيران اليوم بأن التطبيع الثاني سيتيح للحزب فرصة لكي يحصل على ذات الحقوق للفاعلين السياسيين الآخرين ، لهذا لن يتردد في أن يدفع حزبه إلى التصويت ب ( نعم) بأي ثمن ..بأي ثمن.. حتى ولو كان ذلك الثمن تنظيميا. هل هذا ما تتوقعونه من حزب العدالة والتنمية؟ أتوقع في هذا الدستور أشياء صادمة بالنسبة للعقلية الأصولية أو العقلية الإسلامية عن طريق الأصولية المعروفة في حزب العدالة التنمية،الذي رغم أصوليته، فهو برغماتيا، وهذا شيء غريب ، يجمع بين الأصولية والبرغماتية ، ومع ذلك يترك للجناح الدعوي ( حركة التوحيد والإصلاح) هامشا لنقد بعض الأشياء في الدستور إلى درجة اتخاذ بعض المواقف ، ولكني أظن أن حزب العدالة والتنمية سيصوت ب ( نعم)، حتى لو ترتب عن ذلك مضاعفات تنظيمية أو سياسية داخل الحزب، علما أن حزب العدالة والتنمية يعرف حراكا داخليا،كالذي يعرفه حزب الاتحاد الاشتراكي، رغم أنه لم يصل بعد إلى مستوى تغيير موازين القوى أو تغيير مراكز الأطراف الفاعلة داخل الاتحاد ، هناك حراك، وهذا الحراك محتاج إلى نوع من النضج وإلى نوع من التطور، ليسمح له بأن يصبح منتجا في مواقف يمكنها أن تؤثر على المواقف الرسمية .. هناك حراكا لكنه لا يؤدي إلى هذه النتيجة. لكن الحراك الذي يعرفه حزب العدالة والتنمية ، من الممكن تطويقه بكل الوسائل المتاحة. بنكيران يعلم، بصورة عامة بأنها ليست مرحلة الإسلاميين ، لأننا نحن نعيش دورة جديدة، من الدورة الهوياتية وهي فترة استقطاب الشباب إلى مرحلة جديدة، مرحلة الحكامة التي أصبحت تستهوي الشباب أكثر ، تميل إلى تماه متبادل مع الآخرين، فالعولمة هي نوعية من التبعية المتبادلة فكريا وثقافيا، ولهذا هو يعلم بأن الربيع الديمقراطي في العالم العربي ليس ربيع الإسلاميين.. يمكن للإسلاميين أن يشاركوا فيه في بعض البلدان التي تشهد تحولا، وأن يثبتوا أنهم القوة الرئيسية ، يمكن لهم أن يشاركوا في الحكومات ، ولكن هم يعلمون أنها بداية لمرحلة جديدة ومرحلة مقبلة ليست بالضرورة مرحلتهم .. إنها مرحلة التحول الديمقراطي على طريقة الانتقال السلمي للسلطة في البلدان العربية ، انتقال غير أيديولوجي ، انتقال يفتح المجال لتداول السلطة ويعطي قيمة كبيرة للحرية وللأبعاد الكونية في تحديد سلوكنا ومؤسساتنا وفي طريقة تعاملنا مع الأشياء، ومع المحيط السياسي ومع الشأن العام. إذن تصويت العدالة والتنمية ب ( نعم) لها علاقة بالمشهد السياسي المغربي؟ بنكيران يعلم بأنه كان هناك مخططا عن طريق حزب الأصالة والمعاصرة لخنق حزب العدالة والتنمية ، ويعتبر أن التصويت ب( نعم) على الدستور،سيساعد في إفشال هذا المخطط الذي يظهر بأنه فشل بعد وقوع هذا الحراك العربي والمغربي،أو سيعطي دفعة لأفشاله، لكن بنكيران يعتبر بأنه لا يمكن له أن يحمي الحزب في هذه المرحلة إلا بواسطة قرارات من قبيل التصويت ب ( نعم ) على الدستور ، لأنه يعتبر دائما أن الإسلاميين لا يمكن لهم أن يتقووا و يتطوروا بغير حماية ، وأن هذه الحماية ستكون قريبة من النظام وليس بعيدة عنه، وأيضا يعقد معه كثيرا من التوافقات الضرورية ، لأن النظام أو ايديولوجية النظام تشبه الحزب في بعض الأوجه، وهذه الحماية في نظري، بالنسبة للأستاذ بنكيران تصل إلى حد اعتبار المشاركة الحكومية وسيلة من وسائل الحماية. هل يمكن لنا أن نقول أن حزب العدالة سيحظى بالوزارة الأولى في المستقبل؟ لا أدري، ولكن من الصعب في نظري، وربما كل ذلك سيتوقف على دينامية التطور، لأننا نحن نعيش الآن أحداثا متسارعة .. وهذه الأحداث المتسارعة تفقد الإسلاميين الريادة، وتجعلهم غير فاعلين أساسيين ، ومضطرين إلى العمل ضمن تصورات وأجندات للعلمانيين، وهذا اختبار في حد ذاته. لهذا فشعبية الإسلاميين تتراجع. فمثلا أن نجح الإنتقال الديمقراطي في هذا البلد أو ذاك فهذا معناه اتساع قاعدة المصوتين، وكل هذا لن يكون في صالح الإسلاميين، وفي المغرب يكفي أن تتسع قاعدة المصوتين ليجد حزب العدالة والتنمية صعوبة في احتلال الموقع الأول، خاصة وأنه وقع له نوع من التأكل الأخلاقي، وظهرت فيه بعض التناقضات توحي بأنه عمليا لا يخرج عن النمط المغربي العام . استنادا على قولكم هذا، فإن الإسلاميين سيوظفون من أجل التصويت على ما وصفته ب ( نعم) لاغير؟ اعتبر أن النظام السياسي المغربي محتاج اليوم إلى ( نعم )، باسم الصف اليساري و ( نعم)، باسم الصف الإسلامي، هو محتاج إلى ذلك، أكثر من ( نعم) تأتيه من صفوف أخرى. ( نعم ) من الصف اليساري لأنه محتاج إلى الإشتراكيين ، باعتبار أن الصورة العامة التي لديهم في الخارج، هي صورة أحزاب حقيقية وحداثية لها علاقات خارجية، إذن، ومادام أن النظام محتاج إلى ( نعم) اليساريين ، فيمكن الجزم أن النظام أمن ( نعم) من الإتحاد الإشتراكي ، علما بأن التقدم والاشتراكية تعيش فيه حساسياتان تتباعدان أحيانا وتتقاربان أحيانا أخرى، ولكنهما لم تفرزا نوعا من التناقض الجذري،وفي تقديري، سيبني حزب التقدم والاشتراكية ( نعم)، التي أتوقع أن تصدر عنه طبعا، أكثر على النص ، وعموما فهو يعتبر أنه مادام أن الاتحاد الاشتراكي في الحكومة وصوت ب ( نعم)، فيجب أن يبقى قريبا منه. حزب التقدم والاشتراكية يكون قد فوجئ ببعض الإصلاحات الممكنة في الدستور المقبل ، التي – لا أقول أنه لم يكن يتوقعها- لكن لم يكن يطلبها حتى مجرد طلب . أفترض أن يربط التقدم والاشتراكية هو أن يربط مصيره بمصير الاتحاد الاشتراكي دون اندماج تنظيمي .لكنه اندماج سياسي غير فوري. والنظام أيضا محتاج ل ( نعم) الإسلاميين. وسيقدمها باسمهم حزب العدالة والتنمية، لأن هناك إسلاميين كثرا، ولكن النظام محتاج إلى ( نعم) يقدمها طرف إسلامي أساسي ومعروف، وفي نهاية المطاف ستقدم باسم الإسلاميين،أما ( نعم ) اليساريين يجب أن يقدمها الاتحاد الاشتراكي. ولكن أين أوجه الاختلاف بين ( نعم) الدساتير السابقة و ( نعم) الدستور المقبل؟ طبعا ، الراحل الحسن الثاني كان يحصل على ( نعم) من مجموعة من الأطراف السياسية ، ولكن غياب ( نعم) من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والاتحاد الاشتراكي فيما بعد، كان يعني أنها تفقد مصداقية ذلك الدستور ، ولهذا فالإتحاد الاشتراكي كان قادرا أن يصنع ما يسمى ( الفيتو) السياسي الرمزي آنذاك، ؟لأنه في حالة عدم تصويته كان النظام يعجز على تسويق ذلك الدستور عالميا ودوليا. أما الآن فلم تعد للنظام السياسي أي مشكلة مع الاتحاد الاشتراكي أيا كانت صبغة الدستور ومضمونه. وأيضا لم تعد له مشكلة مع الإسلاميين لأنهم سيصوتون ب ( نعم)، طبعا ليس للنظام اليوم من يمارس هذا ( الفيتو) الرمزي. الآن النظام له مشكلة . ماهي هذه المشكلة؟ بالنسبة لدستور الملك محمد السادس،ماذا لو صوت الإسلاميون أو تم التصويت باسم الإسلاميين ، وحاز على ( نعم) باسم اليساريين وحاز على ( نعم ) باسم الإسلاميين ، لكن هناك يسار آخر من جهة وهناك الشارع وحركة 20 فبراير من جهة أخرى، بمعنى أن النظام السياسي له مشكلة اليوم ، هذه المشكلة هي الناس في الخارج سيتساءلون بالنسبة للدستور : هل الاشتراكيون سيصوتون ب ( نعم) باعتبارهم أحزابا حداثية وحقيقية وذات إشعاع عالمي ، وهل الإسلاميون سيصوتون ب ( نعم) لأنه فاعلا أساسيا في المعادلة، وسيطرحون تساءلا: وماذا عن شباب الفيس بوك وحركة 20 فبراير وأصبح فاعل أخر هو الشارع، لهذا، فالنظام استبق بتشويه حركة الشارع وبتقديمها على أنها حركة متطرفين ، لأن الطريقة الوحيدة التي ستمكن النظام من أن يقلل من آثر الرفض المتأتي من حركة 20فبراير وحركة الشارع، هو أنها حركة متطرفة وهناك مثلا ضغط على بعض رجال الأعمال حتى لا يواصلوا مشاركتهم في حركة 20 فبراير ودعمهم للحركة. إذا قالوا أن هذه الحركة هي حركة متطرفين والمتطرفون لا قيمة لاعتراضهم على مسارات الانتقال الحقيقية ولا تفقدها مصداقيتها، سيقول الناس كيف لهذه الحركة أن تكون حركة متطرفين وفيها كتاب وأدباء وفنانين ورياضيين ورجال أعمال. نقول بأنها حركة يسير بجانبها ميلود الشعبي والتازي وغيرهم أنها حركة متطرفين، هؤلاء ليسوا متطرفين ولا يمكن ان يكونوا متطرفين ، هؤلاء يسيرون مع هذه الحركة لأنها تطالب الحكامة . فالخلفية هي الحكامة ، وهي شعار حداثي ، ليبرالي ، ليس شعارا أتى من الاشتراكية ، أنه شعار أتى من الليبرالية ، هناك شعارات جميلة أتت مثل الحقوق الإقتصادية والاجتماعية الأساسية، أغنت الترسانة الحقوقية والكونية بفعل التدخل اليساري ، ولكن الحكامة هي في الأصل ليبرالية ، لكن مهمة النظام هو أن يواصل ضغطه لتحجيم حركة 20 فبراير. ولتقديمها بصورة أنها حركة متطرفة وأنها أقلية لا قيمة لها ،أما إذا الشعب تحلق حولها وعلق عليها الأمل فئات واسعة وأحزاب وازنة في المجتمع، آنذاك النظام سيكون قد وجه من طرف الشارع ب ( فيتو) رمزي سيفقد أي معنى للدستور المقبل في حالة ما إذا لوحظ أن هذا الدستور نصه لا يلبي مطالب الشارع . وما موقف حزب الإشتراكي الموحد الذي تعتبرون قياديين فيه؟ بالنسبة لموقف حزبنا، نحن لسنا قوة عدمية درجت على المغالاة في النقد ومطالبة الدولة بالمستحيل من هذا القبيل، نحن إذا كان هناك دستور يتوافق مع ملكية برلمانية ، سنعتبره إنجازا مهما ، لكن موقفنا سيتوقف على عاملين مترابطين وليس عاملا واحدا : العامل الأول مضمون النص، سنقرئه قراءة متفحصة و متمعنة ونحن نتعاون في عملنا وفي قرأتنا واجتهاداتنا الدستورية مع فريق من الفقهاء الدستوريين الذين نستنير بأفكارهم، لكي تكون مقترحاتنا مقترحات وجيه ومطابقة لرؤية رزينة وعلمية . وبالنسبة لنا أيضا النص يجب أن يستوفي شروط المرحلة والملكية البرلمانية الكاملة. ولكن أنتم وحدكم من تطالبون بملكية برلمانية.. الآن، لماذا هذا الإنفراد؟ بالفعل ستقولون بأننا وحدنا من نطالب بملكية برلمانية.. الآن، وأن اغلب القوى الأخرى لا تشاطركم الرأي وأن الدستور يجب أن يعكس رأي أغلبية الطبقة السياسية.. سنرد على هذا القول بالتأكيد على أن الديمقراطية حق لجميع المغاربة مثلهم مثل سائر البشر حتى لو لم يطالب بها أي أحد، لأنها هي التي تضفي مشروعية على النظام السياسي، ولأن الملكية البرلمانية .. الآن هي صيغة توفيق الوحيدة بين الملكية الوراثية وقواعد الديمقراطية .كل شعب يستحق ديمقراطية كاملة وفي كل وقت. و لايمكن و لايجوز أن نقسط أو نجزئ الديمقراطية بدعوى أن الظروف غير مؤهلة وأن الطبقة السياسية لا تطالب بها. العنصر الثاني في تحديد موقفنا هي الظروف العامة المحيطة للحظة تقديم الدستور وبما سبق هذه اللحظة وما أعقبها من أحداث. هل سيجري الإعلان عن الدستور في جو من قمع التظاهر وعدم فتح ملفات الفساد وايداع الصحفيين بالسجن وانفراد بتحضير الإنتخابات والاستفتاء وإغلاق الإعلام في وجه تعبيرات أساسية في المجتمع وبمعنى آخر هل هناك إرادة سياسية حقيقية لتفعيل الدستور الذي يكون من حيث النص جيدا. فالدستور من هذا القبيل إذا جيء به مشفوعا بإجراءات تناقض روحه المفترضة، فهذا معناه انعدام الإرادة لتطبيق هذا النص.