في الصورة: عبد السلام القجوجة، مصطى الشافعي، عبد الهادي حسن، محمد الساسي، محمد بولامي نظم فرع الحزب الاشتراكي الموحد بأصيلة ندوة في موضوع "الوضع السياسي الراهن، الوضع التنظيمي ومحطة المؤتمر"، بمشاركة محمد الساسي ومحمد بولامي ومصطفى الشافعي، تناولوا جملة قضايا تهم المشهد السياسي بالمغرب في المحور الأول، ثم تلا ذلك حديث حول الشروط التنظيمية والنضالية التي يعرفها الحزب الاشتراكي الموحد في أفق عقد مؤتمره المقبل، كما قدم كاتب الفرع المحلي ورقة تحدث فيها عن الوضع بأصيلة وظروف العمل السياسي بها. حضر اللقاء بالإضافة إلى منخرطي ومناضلي الحزب بأصيلة ممثلون عن عدة فروع. محمد بولامي: تكوين كثلة يسارية والنضال مع الناس ابتدأ محمد بولامي، عضو المكتب السياسي للحزب مداخلته بوضع أسئلة عن وجهة المغرب، من قبيل:" إلى أين يسير المغرب؟ هل نحو الديمقراطية أم نحو الديكتاتورية والاستبداد؟"، معتبرا أن هذا السؤال لا يهم الحزب فقط بل مجموع الوطن، واستمر في وضع أسئلة مشابهة عن مفهوم "الانتقال الديمقراطي" ليرى بأن "المغرب لا يسير في انتقال ديمقراطي"، مستشهدا بنتائج تجارب مماثلة في جنوب إفريقيا واسبانيا تحولت بعد ذلك إلى اعتماد انتخابات نزيهة والحكم عبر صناديق الاقتراع، وما وقع سلميا في أنجلترا واليابان مع الملكية البرلمانية، ومثل وما وقع عبر العنف في تجربة فرنسا وروسيا... وهو يرى بأن "الحكام ليسوا مستعدين لذلك"، وعليه فلماذا ليست عندنا ديمقراطية حسب قوله؟ الجواب كما قال هو غلبة المصالح القائمة على الريع والفساد والزبونية... لهذا "نحن نعيش دورة سيزيفية" وإجهاضا لكل محاولة لبداية التأسيس للديمقراطية... مستعرضا عدة أحداث تؤكد ذلك، من وقت تصفية المهدي بن بركة، إلى ديناميكية الكتلة في بدابة تسعينيات القرن الماضي، والتحول الذي وقع بعد ذلك بقبول دستور 1996م والمشاركة في الحكومة مع إدريس البصري في 1998م... لتشهد بعد ذلك أحزاب الكتلة عدة ضرابات أدت إلى حدوث انشقاقات بها كما يرى عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد... رغم حدوث بعض التغييرات كما ذكر كحذف "قانون كل ما من شأنه"، وإصدار"مدونة الانتخابات"، و"القانون الجنائي"..لكن ذلك لا يكفي من وجهة نظره، ف "مدونة الانتخابات" كرست صعود الأعيان للبرلمان... مما جعله ينتقد "نمط الاقتراع"... دون أن يغفل "مسؤولة طرف المعارضة" وهي أنها لم تحسن تدبير ملف "الانتقال الديمقراطي"، منه قبول دستور 1996، والقبول بحكومة التناوب، وحمل ذ. عبد الرحمان اليوسفي مسؤولية ذلك، وأعطى أمثلة عن نواقص وسلبيات تلك المرحلة وعدم تحكم الحكومة في عدة قطاعات أساسية. أعطى محمد بولامي بعد ذلك معايير شبه موحدة تهم تجربة اليسار في الحكم عبر العالم، وهي ترسيخ الدفاع عن حقوق الإنسان، الحفاظ على القطاع العام وتنميته، تحقيق العدالة الاجتماعية، ثم تخفيض الضرائب على المستهلكين. لكن عكس ذلك ما وقع أثناء "التناوب"، فالخوصصة ذهبت إلى نهايتها، وعرف ملف حقوق الإنسان تراجعا، ولم يتم تنفيذ توصيات "هيأة الإنصاف والمصالحة"... ليظهر فراغ نتيجة حصول التناقض بين الخطاب والممارسة، وقد ملأت هذا الفراغ قوى أصولية كان للمخزن دور في خلقها لتكون بمثابة فزاعة تجاه مطالب التحديث والدمقرطة.. ودعا إلى تكوين "كثلة يسارية" لوقف التدهور والحفاظ على المطلب التاريخي للانتقال الديمقراطي، والعمل على النضال مع الناس في الشارع، واعتماد برنامج للإصلاحات السياسية والدستورية مع المواطنين وانتزاع ذلك عبر "الطريق السلمي والحضاري" وضمان مصالح الجميع. وقبل أن يختم مداخلته في الشطر الأول انتقد بعض المخارج الرسمية لمعالجة الأزمات، ف"المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" ك"علاج" للفقر، وفك العزلة عبر "الأوراش الكبرى" التي لن تفيد فلاحا أو عاملا بل الطبقة المنتفعة كما قال... لكن ليس هناك حديث عن الإصلاحات الدستورية وعن المستقبل. مصطفى الشافعي: حسب المعايير الدولية ليس عندنا أي انتقال ديمقراطي ذكر منذ البداية أنه لن يقدم قراءة مغايرة، بل سيكتفي بطرح أسئلة، من قبيل "لماذا كثر خطاب الانفتاح من قبل النظام على أفكار جديدة وقيم حقوق الإنسان وهامش الديمقراطية...؟"، وعليه يضيف يجب تقييم ذلك حسب معيار دولي، وأي تحول ديمقراطي يعني وضع قطائع مع ما سبق. من معايير القياس التي طرحها المتدخل: 1 السلطة للشعب: عبر انتخابات حرة ونزيهة تضمنها ترسانة دستورية وقانونية. 2 قضاء مستقل: يقف إلى جانب المواطنين لينصفهم، ويسعى لعدم إفلات أي جان من العقاب. 3 حرية الرأي والتعبير واحترام حقوق الإنسان. 4 مجتمع مدني ذو "خاصية سياسية" (caractère politique)، وليس مجتمعا مدنيا "خدماتيا".. ليخلص إلى غياب المعطيات السابقة عن الواقع باستثناء المجتمع المدني ذي الخاصية السياسية كجمعيات حقوق الإنسان والجمعيات الأمازيغية حسب قوله... ويرى بأن الجميع يتحمل مسؤولية في ذلك، كالدولة (أساسا) والأحزاب السياسية... ويعتقد بأن الأحزاب "فشلت في إعادة تشكيل البنية السياسية"، بل إنها "تتماهى مع السلطة الحاكمة"، واعتبر بأن المواطنين لم يعودوا محتاجين "لتسجيل الواقع"، بل لوضع التصورات للمخارج والحلول، من ذلك: 1 إعادة الاعتبار للقيم: كالتضحية، والديمقراطية، والصدق، وضوح الخطاب... 2 سياسة حزبية واضحة. 3 آلية تنظيمية حاذقة. ويعتبر بأن الحزب الاشتراكي الموحد يتوفر على إطار مناسب لذلك، منه اختياره العمل بالتيارات. 4 أن يصبح الحزب منشطا ومشغلا لعدد من الأدوار على صعيد المجتمع المجني والنقابي... ولهذا يجب اتباع عدة مسارات: 1 مسار تجاه الدولة: يقوم على المطالبة بالإصلاحات الدستورية وتحويل ذلك من شعار إلى فعل. 2 تجاه الأحزاب والشركاء السياسيين: واقترح في ذلك التفكير بمنطق الصدمة وقوة الأفكار والمبادرات... 3 تجاه الهوية: ورأى في ذلك ضرورة إحياء الخطاب القديم...وضرورة تفكير الحزب بشكل جماعي، لهذا يقول "نريد الحزب في أكتوبر(موعد المؤتمر) أن يكون قويا بمبادراته. محمد الساسي: كل دينامية إصلاحية تخترقها دينامية مضادة. رأى أن يقسم جزء من مداخلته حسب متناقضات يعيشها الواقع السياسي في المغرب، أو ما سماه بالدينامية الإيجابية أو دينامية الإصلاح التي تلتهم دينامية مضادة كل مكتسباتها بعد ذلك؛ يقول: "ما أن تنطلق دينامية الإصلاح حتى تخترقها دينامية تؤشر على الاستمرارية"... فما غنمته المرأة من خلال مدونة الأسرة فالدينامية المضادة تأكل المكتسبات عبر "الحرب القضائية، و"حرب الفتاوى"، وهناك تراجع لوضعية المرأة على المستوى المجتمعي والحقوقي.. ما غنمته "المسألة الأمازيغية"(التلفزة، التعليم، خطاب أجدير...) وتطبيق أغلب بنود "ميثاق أكادير 1991"، باستثناء مسألة الدسترة، وما لم يتم دسترة ذلك تبقى كل المكتسبات هشة. على مستوى "الحكم الذاتي"، الدولة انتصرت على نفسها يقول محمد الساسي، فهي ترفض الديمقراطية على المستوى العمودي، وتقبل ذلك على المستوى المحلي! علما أن مقترح الحكم الذاتي يقر ب"رئيس حكومة" لذلك... لكن ما يعاكس هذا حسب رأي الساسي هو استفادة أقلية من التحسينات التي طرأت على البنية التحتية، وقيام الدولة بما يعاكس روح مشروع"الحكم الذاتي" عبر اعتقال نخب صحراوية (أميناتو حيضر). موضوع "الأوراش الكبرى"، لن تستفيد منها مختلف الطبقات، لهذا يرى عدد من الاقتصاديين أنها لن تضمن الاستقرار واستمرار التخلف. "الانتظامية الانتخابية"؛ يتم الحفاظ على مواعيدها، بينما في عهد الحسن الثاني كان يتم تأجيل ذلك تحت عدة ذرائع، لأن الانتخابات "لحظة تمرد"... لكن الانتخابات في عهد محمد السادس يقول الساسي "فقدت جدواها ومصداقيتها". الإنهاء مع "أغاني التمجيدات" ، وهو ما يفيد التعبير عن مظاهر الولاء في أي لحظة كما كان سابقا، لكن هذه "الدينامية" أجهضت هذا البناء مع تأسيس حزب "الأصالة والمعاصرة"، وعودة مظاهر البروتوكول القديم والتقاليد العتيقة والوجوه القديمة. واستمرار العمل بالدستور القديم، ولكن (أكثر من ذلك) هناك استمرار للقراءة القديمة للدستور.. مركزة دائرة القرار؛ وتهميش الحكومة وعدم تحكمها في مواعيد مجلس الوزراء نظرا لأهميته. تمديد الإعفاء الضريبي للفلاحين بشكل فوقي ودون نقاش، مما يبين عدم عدالة الدولة تجاه كل الطبقات. وتشكيل مندوبيات (السجون..) وتكوين صناديق خاصة، تعيين شيوخ الزوايا ومسؤولين عن الرياضة... دون إخبار الحكومة وهيمنة التكنوقراط على الحكومة، (رأى بأن الحكومة بها أربعة أنظمة وزراء). الإقرار بفشل التناوب، و"نقيس ذلك بمدى تحقيق ما وعد به"، وقد ابدي تعجبه من استمرار حكومة ائتلافية دائمة، بحيث أن ذلك لا يكون إلا أثناء الاستثناء كما ذكر، ورأى بأن الحكم يجب أن ينطلق من صناديق الاقتراع... ومن المفارقات السياسية الغريبة كما قال مشاركة "الحركة الشعبية" في حكومة صوتت ضد تصريحها الحكومي! كما تعجب من معارضة أحزاب مشاركة للحكومة (المعارضة الحكومية كما سماها!)... ما تراكم على المستوى الحقوقي وما أضافته الدولة من اجتهاد وقع فيه تراجع بعد حوادث الإرهاب، وتم إقبار كل ما تحصل بعد مسلسل المصالحة. ظهور الحرب على الصحافة، وهو ما يعني رفض أي سلطة مضادة، ورفض صحافة "مستقلة" عن توجهات الدولة. وتوقف المحاضر عند كيفية التعامل مع الإسلاميين، فرغم إعلانه اختلافه معهم في عدد من الأمور، لكنه انتقد كيفية تشكيل بعض المجالس إثر الانتخابات الجماعية الأخيرة لإقصاء أطراف معينة، وأبدى ملاحظات حول "محاربة" التشيع، وقال أنه يمكن أن يقع تسامح مع من يغير دينه، لكن لا تسامح مع من يغير مذهبه كما ذكر. ومن خلال المزيد من قراءة الساسي للوضع السياسي في المغرب، يؤكد على "اكتشاف المغرب الآخر"، مغرب الانتفاضات الصغرى كما نعتها، بسيدي إفني وصفرو وأنفكو... موضحا أن هذه المناطق غير مستفيدة من الأوراش الكبرى. وهناك تكريس صورة سلبية عن المغرب، حيث تتوارد أخبار الدعارة والهجرة السرية، وتراجع مصداقية الانتخابات والأحزاب، وقال في هذا الصدد" نحن نعيش يتما سياسيا من حيث النخبة"، وقد انتهت مرحلة ولم تبدأ مرحلة أخرى... والمغاربة لم يعودوا يصوتون لأن الانتخابات بدون مصداقية، انتخابات غير مسيسة، هي لعبة خاصة بالأعيان، مع تأكد الجميع بأن الحكم لن يكون انطلاقا من صناديق الاقتراع... مع انتشار مختلف مظاهر الفساد، الرشوة، تركيز الثروة، الريع من خلال التقرب من السلطة، غياب اقتصاد السوق والمنافسة، وإعادة التحكم في الأحزاب، واستغلال الدين في السياسة... قضايا تنظيمية أما في الجانب المتعلق بالقضايا التنظيمية فقد تحدث المتدخلون بإيجاب عن ظروف الإعداد الأدبي للمؤتمر الثالث للحزب الاشتراكي الموحد، الذي يحمل في طياته تجربة أربع تنظيمات سياسية اختارت الاندماج فيما بينها عبر مراحل، كانت بدايتها في 2002 في تجربة "اليسار الموحد" باندماج "منظمة العمل الديمقراطي الشعبي"، و"الديمقراطيون المستقلون" و"الحركة من أجل الديمقراطية" وفعاليات يسارية مستقلة. لينضم بعد ذلك إلى الحزب "الوفاء للديمقراطية" وهم مجموعة مناضلين من أعضاء سابقين في "الاتحاد الاشتراكي" يتقدمهم محمد الساسي. كما تطارح الجميع مجموعة من التوجهات التي يمكن أن يعتمدها الحزب مستقبلا انطلاقا من مقررات المؤتمر، فأخبر الساسي مثلا أن اللجنة التحضيرية توصلت بسبع أوراق يمكن أن تدمج فيما بينها بعد ذلك، وأنه هو ورفاق آخرون تقدموا بورقة تحمل اسم "الأزمة وإعادة البناء"، سرد جزء من مفاصلها الأساسية... كما تأكد تشبث الجميع بالعمل بمبدأ التيارات، والحفاظ على "تحالف اليسار" مع المؤتمر الوطني الاتحادي وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، رغم بعض السلبيات التي ظهرت أثناء الانتخابات الجماعية الأخيرة والتي ردها بولامي إلى "صراعات ذاتية" حالت دون لوائح مشتركة في بعض المناطق، وقد أخبر هذا الأخير بالاشتغال الجماعي الآن داخل "تحالف اليسار" حول ورقة مشتركة تهم "الإصلاحات الدستورية"، كما أشار إلى نقاط القوة والضعف التي يعرفها الحزب، فإذا كان الحزب متواجدا في كل العمالات والأقاليم فهناك تفاوت من حيث الفاعلية بين منطقة وأخرى، كما يعاني الحزب من تشتت مناضليه في عدد من النقابات من دون أن يكون لذلك تأثير على القرار، والعمل بالتيارات أعطى انطباعا بغياب الوحدة الحزبية، مع غياب جريدة للتواصل والإخبار بأنشطة الحزب... وقد أثار مصطفى الشافعي من جانبه علاقة مناضلي الحزب بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حيث كان في البداية توافق على عدد من الأمور المختلف حولها، لكن ظهر بعد ذلك أن طرفا حزبيا يتوفر على الأغلبية وقع في تماهي مع الجمعية وكان يريد تعددية شكلية فقط، غير أنه أكد الاشتغال في الجمعية ودعا إلى تعزيز ذلك من طرف المناضلين. أثار بعض المتدخلين من القاعة انتقادا تجاه غياب الحزب في بعض المحطات وعدم إصداره حتى بيان، وكذلك غيابات غير مبررة لمسؤولين قياديين في المكتب السياسي والمجلس الوطني، وأثار متدخلين اثنين تساؤلات حول الجدوى من المطالبة بالإصلاحات الدستورية مادام اليسار غير قادر على فرض مطالبه، كان الرد على هذه النقطة قويا على اعتبار أن الحزب يجب ألا يغيب رأيه في هذه المرحلة التي يثار فيها الموضوع وذلك لتوضيح الجدوى الحقيقية من ذلك كما قال الساسي، وهذا ما يجمع كل مكونات الحزب كما قال بولامي، وهو ما استغرب أصلا لطرحة مصطفى الشافعي. وأثيرت مسألة الجهوية وعدم اهتمام الحزب بشكل كاف بذلك، وقد رأى متدخل أن هذه الجهوية قد تكون بداية لتشكل الديمقراطية في المغرب... أدار النقاش عبد الهادي حسن، وقدم في البداية أبو بكر القجوجة كاتب فرع الحزب الاشتراكي الموحد في البداية ورقة حول أنشطة الفرع، وقضايا تخص مدينة أصيلة، وقد ذكر فيها "اكتساح فريق وزير الخارجية السابق (محمد بنعيسى) لكل مقاعد المجلس البلدي، وذكر أن هناك استغلال للممتلكات العمومية، واحتلال للملك العام، وضعف الخدمات وانتشار الفقر، وصعود الأصولية... وكان قد أصدر الفرع قبل أيام بيانا في ذلك... http://zide.maktoobblog.com/