لجنة بطاقة الصحافة تواصل التحضير لتلقي طلبات الحصول على بطاقة الصحافة المهنية برسم سنة 2025    مولودية وجدة ينتظر رفع المنع وتأهيل لاعبيه المنتدبين بعد من تسوية ملفاته النزاعية    الرابطة الإسبانية تقرر تأجيل بعض مباريات الدوري المحلي بسبب إعصار "دانا"    الركراكي يعيد أبو خلال إلى عرين الأسود ويستقر مجددا على شهاب كحارس ثالث    وضع الناشط فؤاد عبد المومني تحت الحراسة النظرية للاشتباه في نشره أخبارا زائفة حسب النيابة العامة    طقس الخميس.. امطار ضعيفة بالريف الغرب وغرب الواجهة المتوسطية    موقع "نارسا" يتعرض للاختراق قبل المؤتمر العالمي الوزاري للسلامة الطرقية بمراكش    الطاقة الخضراء: توقيع اتفاقية شراكة بين جامعة شعيب الدكالي وفاعلين من الصين    "فيفا" يعلن عن أول راع لكأس العالم للأندية 2025    لبنان.. ميقاتي يتوقع إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار مع إسرائيل في غضون أيام    "فيدرالية اليسار": اعتقال عبد المومني تصعيد جديد واستهداف للمناضلين من أجل قضايا الحرية والعدالة الاجتماعية    محامية ترفض الالتزام بقرار هيئة المحامين بالإضراب المفتوح عن العمل    الصحة الأميركية: شرائح البصل لدى "ماكدونالدز" وراء حالات التسمم    مانشستر سيتي وتشيلسي يودعان كأس الرابطة الإنجليزية    انطلاق النسخة السابعة من معرض مراكش الدولي للطيران "آير شو"    مندوبية التخطيط تسجل انخفاضا طفيفا في أسعار إنتاج الصناعة التحويلية    مزور: المغرب يطمح إلى مضاعفة عدد مناصب الشغل في قطاع صناعة الطيران    توقيف شخص بسلا يشتبه تورطه في جريمة قتل    مصرع شاب في حادثة سير بتازة    ألمانيا.. رجل يفر من الشرطة في برلين ويترك حقيبة متفجرات بمحطة قطار    المغرب يوقع مذكرة تفاهم مع شركة إمبراير البرازيلية لصناعة الطيران        نقابيو المختبر العمومي للتجارب والدراسات يضربون    منفذو الهجوم الإسرائيلي على إيران يتحدثون للمرة الأولى    فرنسا والمغرب..بأي حال يعود الود؟ ولماذا يُخرج ماكرون اتفاقية لاسيل-سان- كلو بعد حوالي سبعين عاما؟    دراسة: الفئران الأفريقية تستخدم في مكافحة تهريب الحيوانات        اتفاق استراتيجي بين المكتب الشريف للفوسفاط وشركة "إنجي" الفرنسية    إسرائيل تدعو لإقالة خبيرة أممية اتهمتها بشن حملة "إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين    القروض والأصول الاحتياطية ترفعان نسبة نمو الكتلة النقدية بالمغرب إلى 6,7% الشهر المنصرم    وزير: الإنتاج المتوقع للتمور يقدر ب 103 آلاف طن في الموسم الفلاحي 2024-2025    الحدادي يسجل في كأس ملك إسبانيا    السلطة في الدار البيضاء تمنع بالقوة تظاهرة للتنديد بتصريحات ماكرون حول المقاومة الفلسطينية    الأشعري: التعامل مع اللغة العربية يتسم بالاحتقار والاستخفاف في المغرب    متحف قطر الوطني يعرض "الأزياء النسائية المنحوتة" للمغربي بنشلال    التحكيم يحرم آسفي من ضربة جزاء    الخنوس يهز شباك مانشستر يونايتد    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى رئيس الحكومة الإسبانية إثر الفيضانات التي اجتاحت منطقة بلنسية    بنكيران لماكرون: حماس حركة تحرُّر وطني وإسرائيل كيان استيطاني محتل    تكريم نعيمة المشرقي والمخرجين الأمريكي شون بين وديفيد كروننبرغ    حزب الله يرشق شمال إسرائيل بمسيرات    ارتفاع عدد ضحايا فيضانات فالينسيا وإسبانيا تعلن الحداد ل3 أيام    الممثل المصري مصطفى فهمي يغادر دنيا الناس    ارتفاع حصيلة ضحايا العاصفة "دانا" إلى 62 قتيلاً جنوب شرق إسبانيا    مدينة البوغاز تحتضن مهرجان طنجة للفيلم وتكرم المخرج المغربي مومن سميحي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    27 قتيلا و2752 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    دراسة: اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان    المحامية بالجديدة سامية مرخوص تنال شهادة الدكتوراه في القانون باللغة الفرنسية بميزة مشرف جدا    ثمانية ملايين مصاب بالسل في أعلى عدد منذ بدء الرصد العالمي    وفاة الفنان مصطفى فهمي عن عمر يناهز 82 عامًا بعد صراع مع المرض    الإعلان عن تنظيم جائزة طنجة الكبرى للشعراء الشباب ضمن فعاليات الدورة ال12 لمهرجان طنجة الدولي للشعر    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    إطلاق حملة لاستدراك تلقيح الأطفال    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في "التصنيف الدولي للجامعات العربية .. واقع وتحديات"
نشر في هسبريس يوم 23 - 12 - 2016

ثمة مراكز دولية كثيرة تهتم بتقييم وتصنيف الجامعات أكاديميا على ضوء معايير ومؤشرات معينة تتعلق بقياس جودة المنتوج العلمي، وتميز المخرجات العلمية للجامعة. وإذا كانت الجامعات الغربية، وخاصة الأمريكية منها، تتصدر الترتيب العالمي وبشكل دائم، فإن الجامعات العربية لا تسجل لنفسها سوى حضورا محدودا ومحتشما، اللهم بعض الجامعات السعودية التي تحتل، بفضل ما ترصده من دعم حكومي كبير واعتمادات مالية مهمة لمؤسساتها العلمية، مراكز محترمة في هذه التصنيفات الأكاديمية الدولية.
للإحاطة والتوسع أكثر في هذا الموضوع، سأحاول أن أقوم بقراءة سريعة في الكتاب الأخير للدكتور سعيد الصديقي، المعنون ب''التصنيف الأكاديمي الدولي للجامعات العربية.. الواقع والتحديات''، والمنشور في سنة 2016 ضمن سلسلة محاضرات مركز الإمارات للدراسات والأبحاث الإستراتيجية.
وقبل التطرق لمختلف التصنيفات العالمية التي عرضها الكتاب، وما تعتمده من معايير ومؤشرات في تصنيف الجامعات، لا بأس من الإشارة إلى أن صاحب هذا الكتاب سبق أن حصل مقاله العلمي الذي نشره في الموضوع ذاته على الجائزة العربية للعلوم الاجتماعية، العام الماضي، كما سبق أن حصل، في أكتوبر 2016، بمدينة دبي، على جائزة أحسن أستاذ للقانون العام ضمن جوائز الريادة في التعليم في الشرق الأوسط...
ولا شك أن هذه الصفات أو المواصفات العلمية العالية التي يتحلى بها الأستاذ الصديقي تضفي مصداقية أكبر وأكثر على البحوث والدراسات التي يقوم بها في الحقل الأكاديمي، ومنها استقراؤه واستشرافه لواقع ومستقبل الأداء العلمي للجامعة العربية، موضوع الكتاب الذي بين أيدينا.
ينقسم هذا الإصدار الجديد للصديقي إلى أربعة أقسام؛ القسم الأول يلقي نظرة عامة على المعايير والمؤشرات المعتمدة على تصنيف الجامعات؛ والقسم الثاني يتمحور حول موقع الجامعات العربية في التصنيفات الأكاديمية العالمية؛ أما القسم الثالث فيتطرق إلى قراءة نقدية لسياسات الجامعات العربية في مجال التصنيف الأكاديمي؛ بينما يقدم القسم الرابع بدوره قراءة نقدية للمعايير المعتمدة في تصنيف الجامعات.
في البداية، يستعرض الكتاب التصنيفات الأكبر والأكثر شهرة في العالم، وهي أربعة: الأول هو تصنيف جامعة شنغهاي لأحسن 500 جامعة في العالم، الذي يعتمد على أربعة معايير لقياس كفاءة الجامعة، وهي: جودة التعليم، وجودة هيئة التدريس، ومخرجات البحث، ونصيب الفرد من الأداء الأكاديمي. وتحدد هذه المعايير وفق مؤشرات فرعية، تتمثل بالأساس في الخريجين، أي، مجموع خريجي المؤسسة الذين حازوا جوائز نوبل وميداليات Fields Medals في الرياضيات، وكذا مجموع أعضاء هيئة التدريس للمؤسسة الذين حازوا جوائز نوبل في مختلف التخصصات العلمية.
وتتضمن هذه المؤشرات الفرعية، أيضا، الباحثين الأكثر استشهادا بهم في واحد وعشرين تخصصا علميا، وكذا مجموع المقالات المنشورة في مجلتي "الطبيعة" و''العلوم" (N&S) خلال السنوات الأربع الأخيرة، وأيضا المقالات الواردة في دليل الاقتباس العلمي الموسع، ودليل اقتباس العلوم الاجتماعية في كل سنة، وأخيرا، نصيب الفرد من الأداء الأكاديمي للمؤسسة؛ أما التصنيف الثاني فهو تصنيف ''التايمز'' للتعليم العالي، الذي يعتمد على عدة مؤشرات من بينها:
أ- التدريس من حيث سمعته ونسبة هيئة التدريس إلى الطلاب وعدد المنتسبين إلى الدكتوراه قياسا إلى المنتسبين إلى الباكالوريا. ب- البحث اعتمادا على السمعة الأكاديمية والأبحاث المنشورة في المجلات الأكاديمية المحكمة. ج- الاقتباسات، أي، قياس مدى تأثير أبحاث الجامعة على مستوى العالم. د- النظرة العالمية؛ وذلك من خلال الأخذ بعين الاعتبار لنسبة الطلبة الأجانب إلى الطلبة المحليين، ونسبة هيئة التدريس الأجنبية لهيئة التدريس المحلية، هذا بالإضافة إلى قياس مجموع منشورات الجامعة في المجلات الدولية. و- الإبداع الصناعي لمعرفة مدى قدرة الجامعة على مساعدة القطاع الصناعي بالابتكارات والاختراعات والاستشارات من طرف الأكاديميين.
أما تصنيف كيو إس (QS) فيعتمد، بدوره، عدة معايير، من بينها السمعة الأكاديمية، واستطلاع رأي أصحاب العمل لتحديد الجامعات التي يرون أنها تنتج أفضل الخريجين، وعدد الطلبة نسبة إلى عدد هيئة التدريس، وعدد الاقتباسات نسبة إلى عدد هيئة التدريس، وكذا نسبة أعضاء هيئة التدريس، ونسبة الطلبة الأجانب؛ بينما تصنيف ويبومتركس التابع للمركز الأعلى للبحث العلمي في إسبانيا، فيتمثل الشرط الأساسي فيه في توفير الجامعة على حضور إلكتروني مستقل.
ويعتمد على مجموعة من المؤشرات التي تتناسب مع خصوصية الحضور الافتراضي للجامعات. وتنقسم إلى المجموعتين، ترمي الأولى إلى تقييم الوضوح الافتراضي للجامعة من خلال قياس تأثير جودة محتويات موقع الجامعة بناء على استفتاء افتراضي، وعبر حساب الروابط الخارجية اعترافا بالمكانة المؤسساتية والأداء الأكاديمي وقيمة المعلومات وفائدة الخدمات حسب إدراجها في المواقع الإلكترونية. أما المجموعة الثانية من هذه المؤشرات فتعمل على قياس الفاعلية الافتراضية للجامعات بناء على ثلاثة مؤشرات فرعية متمثلة في الحضور والانفتاح والجودة.
إن الجامعات العربية المصنفة لا تسجل لنفسها سوى حضورا محتشما في قائمة الترتيب الأكاديمي للجامعات العالمية، أما ما عداها فيبقى خارج التصنيفات التي تقوم المراكز الدولية. وتجدر الإشارة إلى أن المراتب التي تحتلها جامعات المنطقة تختلف من تصنيف لآخر، وذلك تبعا لاختلاف طبيعة المعايير ونوعية المؤشرات المعتمدة، فمثلا، غابت عن اللائحة العالمية لأحسن 400 جامعة في تصنيف "التايمز" -للعام الأكاديمي 2014-2015 - الجامعات السعودية التي احتلت في المقابل مراتب مهمة في تصنيف شنغهاي.
ويشار إلى أن التصنيف الأكاديمي ذاته بوأ جامعة القاضي عياض في مراكش المرتبة 50 في تصنيف لائحة جامعات دول ''بريكس'' والاقتصاديات الصاعدة، واحتلت بذلك هذه الجامعة المغربية المرتبة الأولى في المنطقة العربية، متبوعة بجامعة الإمارات العربية في المرتبة الثانية، ثم الجامعات المصرية والعراقية واللبنانية وغيرها. ويخلص صاحب الكتاب إلى أن حجم الإنفاق المالي على قطاع التعليم العالي والبحث العلمي يبقى بمثابة العامل المحدد للرفع من أداء وإنتاجية ومردودية وجودة وتميز الجامعة، وبالتالي، تحسين مكانتها وقوتها التنافسية في التصنيفات الأكاديمية الدولية. وبالإضافة إلى إشكالية ضعف التمويل، تنتصب إشكاليات أخرى، منها ما يتعلق بالتدبير والتسيير، ومنها ما له علاقة بغياب أو قصور الرؤية الإستراتيجية لإدارة الجامعات وغيرها من المؤسسات العلمية بصفة عامة.
وبعد استعراضه لواقع التنافسية الأكاديمية الجامعية، واستقرائه للأسباب البنيوية التي تقف وراء بقاء الجامعات العربية خارج التصنيف أو، في أحسن الأحوال، حضورها المحدود فقط في السوق العلمية بمختلف مدخلاتها ومخرجاتها، انتقل صاحب الكتاب ليسلط الضوء على الاختلالات التي تعتري واقع الجامعات العربية، وخاصة المصنفة منها، لاسيما ما يتعلق بالأساليب الملتوية التي تلجأ إليها بعض الجامعات كي تكسب رهان التموقع في المراتب والمراكز المتقدمة للتصنيفات الأكاديمية الدولية، كإبرام عقود أو تعاقدات وهمية مع الأساتذة الأجانب، بل واستعمال المال مقابل تذييل أسماء بعض الجامعات في بحوث ودراساتهم المنشورة، مثلا.
وفي الأخير، لم يفت صاحب الكتاب تقديم بعض الانتقادات للمعايير المعتمدة في تصنيف الجامعات، كتصنيف شنغهاي الذي يعتمد بالأساس على المنشورات باللغة الانجليزية فقط دون غيرها من اللغات، وكذا تضخيم وزن بعض المؤشرات الممنوحة لتخصصات علمية معينة دون غيرها؛ وتصنيف "التايمز" الذي تغلب على معاييره المزاجية والذاتية على حساب ما يجب توفره من دقة وشفافية وموضوعية. كما يعاب على هذا التصنيف أيضا كونه لا ينشر لائحة واحدة عالميا بل يقوم بتصنيفات جهوية ويعتمد مؤشرات مختلفة. كما أن تصنيف كيو إكس ينتقد بدوره، خاصة أن المركز الافتراضي للجامعات لا يعكس بالضرورة مكانتها الحقيقية في الواقع.
ويختم الدكتور سعيد الصديقي كتابه بالتأكيد مرة أخرى على أنه ''أصبح لهذه التصنيفات اليوم شأن كبير على الرغم من النقائص التي تشوبها، وقد امتد تأثيرها إلى سوق الشغل الدولي حتى، خاصة أن المؤسسات والشركات العالمية ستسعى مستقبلا إلى التركيز أكثر على جذب خريجي الجامعات المصنفة والمرموقة"؛ وفي هذا الإطار، يدعو من يهم الأمر إلى إعادة النظر في الأسس الفلسفية العامة التي تؤطر سير واشتغال الجامعات وغيرها من مؤسسات التعليم العالي في العالم العربي، من أجل تدارك مكامن الضعف فيها وتجاوزها، وذلك من خلال العمل على إعادة رسم رؤية إستراتيجية واضحة في المجال الأكاديمي، وتعزيز دور الحكومة والقطاع الخاص في دعم البحث العلمي، مع ضرورة اعتماد تصنيفات ذات بعد وطني بغرض تحفيز الجامعات الوطنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.