في آخر تصنيف دولي للجامعات في العالم، تبوأت جامعة محمد الخامس بالرباط الرتبة 15 من بين أفضل جامعات إفريقيا، والمرتبة 866 على الصعيد العالمي، فيما جاءت جامعة القاهرة في المرتبة الخامسة بين أفضل جامعات إفريقيا، وجامعة عين شمس المصرية في الرتبة التاسعة. وتهتم العديد من المؤسسات الجامعية العربية بمثل هذه التصنيفات الأكاديمية الدولية، خاصة تصنيف جامعة شنغهاي لأحسن 500 جامعة في العالم، بالنظر إلى ما تتيحه من فرص اقتصادية هامة، وهو ما فصله الخبير سعيد الصديقي في كتاب جديد وسمه بعنوان "التصنيف الأكاديمي الدولي للجامعات العربية: الواقع والتحديات". وأفاد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة العين بأبوظبي بأن "هذا الكتاب الصادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية يحاول أن يسبر أغوار العديد من التصنيفات التي صار لها اليوم شأن كبير رغم كل النقائص التي تشوبها، إذ امتد تأثيرها إلى سوق الشغل الدولي". ويشرح الخبير المغربي بأن "قانون الهجرة الهولندي الجديد مثلا يعطي صراحة الأولية للمهاجرين ذوي المؤهلات العالية، والحاصلين على شواهد من الجامعات ال150 الأفضل في العالم"، موردا أن "المؤسسات والشركات العالمية ستسعى في المستقبل إلى التركيز أكثر على جذب خريجي الجامعات المصنفة في المراتب الأولى". ووفق الصديقي، ركز الكتاب على دراسة معايير أكبر وأهم أربع تصنيفات عالمية، وموقع الجامعات العربية فيها، وهي: تصنيف جامعة شنغهاي لأحسن 500 جامعة في العالم، وتصنيف ملحق مجلة التايمز للتعليم العالي، وتصنيف المؤسسة البريطانية "كواكواريلي سيموندس" المعروف اختصارا ب"QS"، ثم تصنيف "ويبومتريكس" (Webometrics) لجامعات العالم بناء على معايير الحضور العلمي الافتراضي. وذهب المؤلف إلى أن مركز الجامعات العربية في مختلف التصنيفات العالمية لازال بعيدا عن كل الآمال، ولا يعكس الثراء العلمي للحضارة الإسلامية التي كانت سباقة إلى إنشاء جامعة ريادية في العالم عبر التاريخ، مثل جامع القرويين، وجامع الزيتونة، وجامع الأزهر، ومجامع بغداد، وغيرها. وبخصوص أبرز المعيقات التي تقف أمام تبوئ الجامعات المغربية والعربية مراتب جيدة في التصنيفات الدولية المعتمدة، حسب الصديقي، فأولها "ضعف الإنفاق على قطاع التعليم العالي والبحث العلمي؛ علاوة على غياب سياسات شاملة لتأهيل الجامعات العربية وفق المعايير العالمية لجودة البحث العلمي". ونبه الخبير ذاته إلى "فقدان روح البحث الجماعي، سواء بين الباحثين في القطر العربي الواحد، أو في إطار الفضاء العربي"، مبرزا أن "من الخصائص التي تميز الجامعات العربية وتشكل عائقا أمام تطورها أن أغلبها جامعات تعليمية في المقام الأول، بينما تُوصف جامعات العالم المتقدم بكونها جامعات بحثية". وأردف الصديقي بأن "لغة البحث العلمي تشكل أحد العوائق التي تقيد طموح الباحثين في الجامعات العربية، وتساهم في تمييع مركزها في التصنيفات العالمية"، لافتا إلى أن "الاعتماد على المنشورات باللغة الإنجليزية من قبل هذه التصنيفات الدولية يعزز تفوق وهيمنة الجامعات التي تعتمد على هذه اللغة". ولم تفت المؤلف ذاته الإشارة إلى أن "هذه التصنيفات لم تسلم من الانتقادات، لكونها تقدم أحيانا صورة مضللة عن جودة الجامعات، ولأن المعايير التي تعتمدها تظل نسبية في إظهار مستوى الجامعات، لاسيما ما يتعلق بالتعليم والتدريس وخدمة المجتمع"؛ مضيفا أن بعض التصنيفات ترجح كفة العلوم الطبيعية والطبية على باقي التخصصات.