كثف المغرب في السنوات الأخيرة من تحركاته على مستوى القارة الإفريقية، من خلال عدد كبير من الزيارات التي قام بها الملك محمد السادس إلى بلدان القارة السمراء، تمهيدا لعودته إلى منظمة الاتحاد الإفريقي. زيارات العاهل المغربي لم تقتصر على الدول التي تربطها مع المملكة علاقات قوية، بل امتدت إلى بلدان كانت ولازالت تدعم الأطروحة الانفصالية لجبهة البوليساريو. ويبرز البعد الاقتصادي لهذه الزيارات من خلال التوقيع على عدد كبير الاتفاقيات الثنائية مع هذه البلدان. ولعل آخر هذه الزيارات تلك التي قادت الملك محمد السادس لأول مرة منذ وصوله إلى سدة الحكم إلى جهورية نيجيريا، التي حل في عاصمتها أبوجا في فاتح دجنبر الحالي، وخلال اليوم الموالي لوصوله إليها أشرف إلى جانب الرئيس النيجري، محمدو بخاري، على عدد كبير من الاتفاقيات الأولى من نوعها بين البلدين. ومن أبرز الاتفاقيات المذكورة الشراكة الإستراتيجية الموقعة لتنمية صناعة الأسمدة بنيجيريا، بالإضافة إلى مشروع إنجاز خط إقليمي لأنابيب الغاز، سيربط الموارد الغازية لنيجيريا بالعديد من بلدان غرب إفريقيا والمغرب، وكذا اتفاقيات للاستثمار والتكوين وتقوية قدرات الشباب، والبنوك واللوجستيك، بالإضافة إلى المعادن والسياحة. وقبيل حلوله في نيجريا، زار الملك محمد السادس إثيوبيا، حيث أشرف على إبرام 13 اتفاقية بين البلدين، شملت الجوانب الثقافية والاقتصادية، ومن أبرزها إنشاء محطة لإنتاج الأسمدة بقيمة استثمار بلغت 4 مليارات دولار، من أجل إنتاج 3 ملايين طن من الأسمدة بحلول سنة 2022. وسجلت سنة 2016 أكبر عدد من الزيارات التي يقوم بها الملك محمد السادس إلى دول القارة الإفريقية طوال السنوات التي أمضاها على كرسي العرش، إذ قام بزيارات إلى كل من رواندا ومدغشقر وتنزانيا، بالإضافة إلى السنغال. هذه الزيارات تزامنت مع تقدم المغرب بطلب الالتحاق بمنظمة الاتحاد الإفريقي، بعد أن كان غادر منظمة الوحدة الإفريقية في أعقاب قبول الأخيرة بعضوية ما يسمى "الدولة الصحراوية". ويبدو أن هذه الزيارات ساهمت بشكل كبير في تحريك المياه الراكدة بين المغرب وباقي الدول الإفريقية، إذ كشفت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، في بلاغ سابق لها، أن "المغرب يحظى حتى الآن، بالوثائق الداعمة، بالمساندة والموافقة الكاملة للغالبية العظمى للدول الأعضاء، التي تفوق بشكل كبير تلك المنصوص عليها في القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي. هؤلاء الأعضاء سبق لهم أن وجهوا لرئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي رسائل دعم، رسمية وسليمة قانونيا، لقرار عودة المغرب إلى المنظمة الإفريقية ابتداء من القمة المقبلة". وقال محمد الصوفي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن العودة إلى منظمة الاتحاد الإفريقي تحدو المغرب من خلال التحركات الأخيرة، موضحا أن "عهد الملك محمد السادس عرف التواجد المغربي على الساحة الإفريقية حركية كبيرة، بعدما كان المغرب غائبا عن القارة السمراء". واعتبر الصوفي، في تصريح لهسبريس، أن هذه الزيارات المتتالية، وإبرام عدد كبير من الشركات مع مختلف الدول، وإلغاء التأشيرة لبعض البلدان، تسير في الاتجاه ذاته، كما أوضح أن مسألة العودة تواجه معارضة جزائرية، ما يجعل المغرب في حاجة إلى الأغلبية من أجل نيل العضوية الكاملة.