المرسل: ربما يتساءل من يهمه تصحيحي هذا عن كاتب هذه الكلمات؟ نعم أنا نكرة تحت سماء، وحبة فوق تراب لاترى لها همسا، لكن ربما يتعرف علي أستاذنا المحترم بمن كان بجوار زنزاته في معتقل مولاي الشريف الرهيب، خلال السبعينات. إنه والدي رحمه الله، الذي كان يتحدث لي عن بطولاتك ونضالك وكتاباتك... المناسبة: صرح الكاتب المغربي الفرنكفوني "الطاهر بنجلون" في ندوة أكاديمية فرنسية:" إن أغلبية المغاربة صوتوا لحزب إسلامي متخلف ورجعي وعنصري ومعادي للمثليين، (في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية) لأنهم غير متعلمين ولا يعرفون ما هي قيم الديمقراطية الحقيقية...". وأكد أن "المشكل الكبير في المغرب هو أن الشعب، أغلبية الشعب لم يتلق التعليم الذي يستحق، عندنا مشكل كبير في التعليم، فنحن البلد العربي الذي توجد فيه أعلى نسبة أمية، وهذا في حد ذاته كابح وعائق يحول دون دمقرطة البلد". تصحيح واجب: تصريح غريب، لا يحتاج مني إلى دفاع على الطرف الذي استعمل مطية من أجل توجيه رسائل لمن يهمهم الأمر، بقدر ما يحتاج هذا التصريح إلى تشريح لتصحيح مجموعة مغالطات لقراءة المشهد السياسي المغربي، بعد 2011. هذه المغالطات تهم مستويين: _ المستوى الأول: تهم الحركة الإسلامية، وذلك بتوجيه الخطاب للمشروع الإسلامي من خلال تجربة حزب العدالة والتنمية. حيث يسعى الكاتب الفرنكفوني إلى إرساء مغالطتين أساسيتين، كما تمليه بالطبع إيديولوجيته المغربة وفق أجندة دقيقة توهم البسطاء منا بدقة التوصيف!! • المغالطة الأولى:نعث حزب العدالة والتنمية ب" الحزب الإسلامي" وهو أمر تنفيه صيادة الحزب نفسها؛ فالحزب حزب سياسي له مرجعية إسلامية كأغلب الأحزاب المغربية. •المغالطة الثانية: وصف الحزب الاسلامي ب: التخلف- الرجعية- العنصرية- الجهل- معاداة المثليين...، وهي أوصاف قدحية ذات حمولة سيكولوجية عميقة تؤسس عند الآخر ثقافة الرفض والخوف. فكيفما تجمّل الإسلاميون بعباءة المودرنيزم وألفوا رابطة العنق، فهم دائماً في قفص الاتهام ليلف عنقهم حبل الإرهاب في زمن الصراع. - المستوى الثاني: تهم الشعب المغربي، الذي له ميزان خاص يزن به الواقع ويقدر تبعات لمواقف المرتجلة، وهو ما تجاهله كتابنا الفرنكفوني، من خلال المغالطات التالية: • المغالطة الأولى: اعتبار المجموعة الناخبة بأغلبية الشعب المغربي. علما أن الإحصائيات تؤكد ضعف مشاركة أغلب المغاربة للفلكلور الانتخابات. أما فوز حزب العدالة التنمية في جزيرة ضيقة تخضع لقواعد لعبة سياسية مملاة، يفسره المراقبون بقوة تنظيمه، وتعبئة أعضائه، وشيخوخة منافسيه، وضماناته للمخزن على استمرار استقراره. •المغالطة الثانية: تعليم يحول دون دمقرطة البلاد. صحيح أن واقع التعليم المغربي يعيش إفلاسا؛ وخبراء التربية سجلوا بدقة مواطن فشل منظومتنا التعليمية ومسبباتها. لكن لست أدري على أي مستوى سجل أستاذنا الباحث فجوة "عدم دمقرطة" في حقل التعليم. ربما القصد من ذلك النيل من منظومة القيم التي تأسس عليها التعليم في المغرب! المنظومة التعليمية المغربية حاصرتها نخب تدور في فلك الاستبداد والاستعباد حتى تكون مخرجاتها منمطة وفق مقاس الإملاءات الغربية. وبعد؛ إن مثل هذه التصريحات لهذه النخب المغربة، والتي تنتصر للشواذ، وتمتعض من مدافعة ديمقراطية رغم أنها مدافعة دونكيشوطية، وتستغبي شعبا بكامله... تعكس بجلاء درجة الولاء للسيد الغربي، واندماجا ممنهجا في الإيديولوجية المناوئة للمشروع الإسلامي الذي أسسته الحركة الوطنية في المغرب وتقزيما لريادة هذا المشروع بتعليق الفشل على صناع الفشل وتصريفه على سواعد حكومة ملتحية في ولاية أولى وإن اقتضى الأمر تمديدها لولاية ثانية...