ربطت دراسة أجراها معهد الرباط للدراسات الاجتماعية، حول علاقة الشباب بالتهميش والعنف، تزايد استعمال فئة الشباب للعنف بالمشاكل العائلية والدراسية التي يواجهها البعض منهم، ورزح البعض الآخر تحت مرارة الفقر وإكراه البطالة. وكشفت الدراسة ذاتها، التي تم تقديمها من طرف المركز البحثي المذكور في ندوة نظمت بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، مساء الخميس، أبرز الأسباب التي تقود الشباب إلى نهج العنف، سواء في المؤسسات الجامعية أو في الملاعب الرياضية؛ وفي مقدمتها الفشل في المسار الدراسي وعدم توفر فضاء عائلي صحي ومناسب؛ فضلا عن غياب فرص عمل بعد التخرج. وركزت الدراسة، التي أشرف على إنجازها مجموعة من الباحثين والأكاديميين، على علاقة الفشل الدراسي والظروف الاجتماعية بطريق العنف والانحراف، خالصة إلى اعتبار انقطاع الشباب عن الدراسة أحد الأسباب الرئيسية، في ظل تسجيلها أن 78 في المائة يوجدون خارج النظام الدراسي والتكوين، لأسباب عديدة؛ في مقدمتها العجز المادي عن متابعة الدراسة ومراكمة الفشل في الانتقال الدراسي. عز الدين أقصبي، أستاذ الاقتصاد وعضو مركز التوجيه والتخطيط الدراسي (COPE)، وأحد المشرفين على العمل البحثي ذاته، أكد خلال تقديمه نتائج الدراسة أن التهميش لم يعد حكرا على الشباب الذين يعيشون في العالم القروي أو الذين ينتمون إلى فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، بل يمس أيضا الشباب المتعلمين والذين يعيشون في المدن الكبرى، بسبب غياب فرص شغل تدمجهم في المجتمع. وأوضح أقصبي أن ظاهرة "التشرميل" التي ظهرت وسط الشباب تعد نتيجة لفشلهم في الظهور والتعبير عن ذواتهم والحصول على مكانة داخل المجتمع، مؤكدا أن العائلة تعد حاجزا منيعا أمام تفشي هذه الظاهرة، باعتبارها فضاء للتعبير أمام أبنائها. وأشارت نتائج الدراسة إلى أن 87 في المائة من المستطلعة آراؤهم يعبرون عن رأيهم بخصوص النقاشات العمومية داخل فضاء الأسرة أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، التي يستعملها حوالي 24 في المائة من الشباب، حسب ما كشفه أقصبي. ومن ضمن الأسباب التي تجعل الشباب يعيشون على وقع التهميش، أشارت خلاصات البحث الذي حمل عنوان "الشباب.. التهميش والعنف" إلى انعدام فرص الشغل أمامهم، بعدما عبر 32 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع عن عدم قدرتهم على ولوج سوق الشغل بسبب عدم توفر الفرص الملائمة لحاجياتهم وطبيعة تكوينهم. ويساهم في ارتفاع نسب البطالة في أوساط الشباب عدم ضمان التحول من مرحلة التحصيل إلى العمل، إذ عبر 61 في المائة من المستجوبين عن عدم رضاهم عن التحضير الذي يتم داخل فضاء التكوين للاستعداد لدخول سوق الشغل، في حين بلغ عدد الشباب الذين لم تلائمهم جودة سوق الشغل بعد ولوجه 37 في المائة، بينما عبر 53 في المائة عن رضى متوسط منه.