آراء متباينة تلك التي بات يعبر عنها عدد من الفاعلين حول ظاهرة المثلية، أو الشذوذ الجنسي. وإذا كان القضاء المغربي أصدر في عام 2007، في مدينة القصر الكبير، أحكاما بالسجن على أشخاص متورطين في قضية شذوذ جنسي، فإن أصواتا غدت تعتبر الحديث عن الموضوع ومناقشته والدفاع عن حقوق المثليين والمطالبة بها أمرا مشروعا. المفكر والكاتب الأمازيغي العلماني أحمد عصيد أعرب عن رفضه التام لمصطلح "الشذوذ الجنسي"، باعتباره مستعملا من طرف "العدائيين"، موضحا أن المصطلح يشمل الكثير من الجرائم، من بينها اغتصاب الأطفال، كما تعترف منظمات حقوق الإنسان بالدول المتقدمة بهؤلاء المواطنين المثليين الذين لا يختلفون عن البقية إلا في ميولهم الجنسي الذي يعتبر حقا من حقوقهم المشروعة، مستطردا بالقول: "المثليون مواطنون عاديون نجدهم في شتى المجالات، منها مجالات الفن كالتمثيل والغناء والرسم، وكذلك في العلوم الاقتصادية والسياسية والقانونية". وضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أكد عصيد أنه "لا يوجد ضغط فقط على المغرب لإقرار المثلية، بل حتى على الدول التي لا تزال معاملة المثليين فيها معاملة ناقصة"، مرجحا أن تعود الأسباب إلى "ضعف انتشار المعرفة العلمية؛ لأنهم يعتقدون أن المثلي شخص ناقص ومريض، بينما هو في الأصل شخص طبيعي لديه فقط اختلاف بيولوجي، على اعتبار أنه يشعر بالميول إلى جنسه وليس إلى الجنس الآخر. ولهذا لا يمكننا أن نحاسب شخصا عن مثليته. والسبب الآخر هو ضعف الوعي الديمقراطي لدى الأغلبية"، على حد تعبير المتحدث. الباحث الأمازيغي عبّر عن أسفه على الحالة التي يعيشها المثليون بالمغرب، خصوصا بعد حادثة الاعتداء على مثلي فاس وكذلك الهجوم على مثليين في عقر منزلهم بالقصر الكبير وبني ملال، وإلحاق الأذى والعنف بهم "دون أي سبب يعتبر جريمة في حقهم". وأضاف المفكر نفسه أن "المثلي عندما يكتشف ميولاته داخل هذه المجتمعات التي لا زالت لا تعترف به يعيش حالة من التمزق النفسي، لكنه عندما يختار في النهاية نمط حياته يتلقى ضربات عديدة من المجتمع الذي ينتشر فيه الجهل والأمية وضعف الوعي الديمقراطي وعدم الفهم العلمي والعقلاني للسلوكيات المثلية بشكل كبير"، واعتبر أن "المثليين لديهم الحق الكامل في التعبير عن رغباتهم الجنسية التي تعتبر حقا من حقوقهم الفردية ولا يحق لأحد الحكم عليهم أو محاسبتهم". من جهته اعتبر حسن الكتاني، أحد أبرز وجوه "السلفية الجهادية" بالمغرب، أن "اختراع أخلاق لحرية فردية أو شخصية أدى إلى هدم الأسر والعلاقات في العالم كله، والآن تتجه الأصابع نحو البلدان العربية المسلمة، في اتجاه علماني لهدم الأديان". وقال الكتاني لهسبريس: "مسألة المثلية أو الشذوذ الجنسي هي محرمة في القرآن الكريم وفي السنة؛ لأنها تسبب فتنا عديدة ومشاكل معقدة يصبح حلها مستحيلا"، مستنكرا "ما أصبح يعرف بالقوانين والأحكام التي تجرم من يستنكر المثلية والشذوذ الجنسي ويعتبرونه نوعا من الإقصاء"، متسائلا: "بعدما كان العالم بأكمله يحارب كل ما يؤدي إلى الأمراض في المجتمعات، كيف يقبل هذا الشذوذ الذي ثبت علميا أنه يؤدي إلى أمراض خطيرة؟". في الصدد ذاته، اقترح أحمد عصيد ضرورة "إعادة تعديل القانون الجنائي المغربي الذي يعتبر مطلبا من مطالب الحركة الحقوقية بالمغرب، إلى جانب فتح نقاش عمومي وطني في كل الظواهر التي يعرفها المجتمع وعدم السكوت عنها لأنها تتحول إلى مشاكل كبيرة يصعب حلها". وأكد الباحث ضرورة منح الكرامة لهذه الشريحة داخل المجتمع المغربي، بالإضافة إلى التوعية باحترام المثليين على صعيدين؛ "يتعلق الأول بالمستوى العلمي؛ حيث إن المثلية لا تعتبر مرضا ولا جريمة بقدر ما هي حق فردي بدليل أن المنظمة العالمية للصحة أعلنت عدم كونها مرضا وليس لها أي تأثير سلبي، والثاني من الناحية الحقوقية باعتبار المثلية جزء لا يتجزأ من العلاقات الجنسية الرضائية بين الطرفين". *صحافية متدربة