بدأت الحملات الدعائية للانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستجرى في الفترة من 23 أبريل وحتى 7 مايو المقبل، في انتظار الحملة الرسمية والتي من المفترض أن تنطلق في مارس 2017. وأجرى اثنان من المرشحان للرئاسة مؤتمريهما التعريفيين بحملتيهما الانتخابية في اليوم نفسه، إذ أعلنت مارين لوبان، مرشحة اليمين الفرنسي المتطرف، وإيمانويل ماكرون، الذي ترك وزارة الاقتصاد لينافس الرئيس فرانسوا هولاند، ترشحهما، كما أعلنا شعاريهما الانتخابين، وقدما معلومات عن حملتيهما الانتخابية في هذين المؤتمرين. وحاولت لوبان عبر شعارها الذي يجمع بين رموز اليمين واليسار أن تعطي إشارة إلى كونها في مركز السياسة الفرنسية؛ في حين أعلن ماكرون أنه غادر الاتجاه السياسي الذي كان يعمل في إطاره، وأنه يسعى إلى جذب أصوات الناخبين من جميع الاتجاهات. وترفع حملة لوبان شعار "مارين رئيسة للجمهورية". وتعتبر لوبان، رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، أن اسم مارين يمثل فرنسا بأكملها. كما اختارت حملة لوبان رمز "الوردة الزرقاء"، وهو يحمل إشارة إلى "الوردة الحمراء"، شعار الحزب الاشتراكي. كما تعتبر لوبان اللون الأزرق ممثلا لجميع فرنسا، قائلة إنه لا بد من إنقاذ الشعب الفرنسي من براثن النخبة السياسية، وتنظيم حملة انتخابية حرة. ويحاول حزب لوبان، الذي حصل على المركز الأول في آخر ثلاث انتخابات شهدتها فرنسا، عبر رمز حملته الانتخابية، إبراز سعيه إلى جذب أصوات من جميع الاتجاهات السياسية في فرنسا. ويقع مقر الحملة على بعد كيلومترين فقط من قصر الإليزيه. وقالت لوبان: "بعد الجولة الثانية من الانتخابات سنخرج من هنا إلى الإليزيه". تأثير ترامب وبعد فوز مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، توجهت الأنظار إلى الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وأصبحت النسبة التي سيحصل عليها اليمين المتطرف مثار تساؤل منذ الآن. ويعد العامل الأهم الذي سيؤثر على حظوظ لوبان في الانتخابات التي تجرى على جولتين هو هوية منافسها في الجولة الثانية. وأعرب الأمين العام لحزب الجبهة الوطنية نيكولا باي، في تصريحات صحافية، عن ارتياحه لنتائج الانتخابات الأمريكية، قائلا إن "الشعب الأمريكي سار نحو الحرية عبر اختيار مرشح من خارج النظام، وعدم اختيار النخبة السياسية المفروضة عليها". واعتبر باي أن الانتخابات الأمريكية تشجع الناخبين الفرنسيين أيضا على اختيار مرشح من خارج النظام، معربا عن اعتقاده أن الفرنسيين لن يعيدوا اختيار مرشحين سبق أن جربوهم وأثبتوا فشلهم. بدوره يركز وزير الاقتصاد السابق، الذي أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية، إيمانويل ماكرون، كمستقل، وانفصاله عن الحزب الاشتراكي، على ضرورة تكوين تشكيل سياسي جديد، قائلا إنه من الضروري توديع الهياكل والطبقات السياسية التقليدية في فرنسا. وأكد ماكرون، في مؤتمر صحافي نظمه في ضاحية بوبجني، شمال شرقي باريس، استعداده للانتخابات، وإيمانه بالفوز، معتبرا أن "الانتخابات المقبلة ستكون نقطة تحول هامة في تاريخ فرنسا". وقال وزير الاقتصاد السابق: "يمكننا أن نختار في الانتخابات أن تتقدم بلادنا. إن رئيس الجمهورية بالإضافة إلى أداء مهامه، يحمل في الوقت نفسه قيمنا، وأنا على استعداد لفعل ذلك". وكان ماكرون (39 عاما)، أحد أصغر الوزراء في الحكومة الفرنسية، وعُرف بالحزمة الإصلاحية التي اقترحها، والتي تم تداولها لدى الرأي العام الفرنسي باسم "قانون ماكرون"، وتضمنت أمورا من قبيل فتح أماكن العمل أيام الأحد، وبعد نقاشات استخدم رئيس الوزراء مانويل فالس صلاحياته لإقرار الحزمة دون أن يتم التصويت عليها في البرلمان. وبدأ وزير الاقتصاد السابق إرسال إشارات إلى اعتزامه ترك الحزب الاشتراكي الحاكم، وفي 6 إبريل الماضي أسس حركة "إلى الأمام"،، وبدأ في تنظيم اجتماعات ومؤتمرات في أنحاء فرنسا، وفي 30 غشت، استقال من وزارة الاقتصاد التي تسلمها منه ميشال سابان، وهو ما اعتبره مراقبون ضربة لليسار الفرنسي. اليمين الفرنسي سيحدد اليمين الفرنسي مرشحه لرئاسة الجمهورية في الانتخابات التمهيدية التي ستجرى بين يومي 20 و27 نونبر الجاري. وبين المرشحين رئيس الجمهورية السابق نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء الأسبق آلان جوبيه، ورئيس الوزراء الأسبق أيضا فرانسوا فيون. وتظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أن جوبيه، رئيس بلدية بوردو، سيفوز بالانتخابات التمهيدية، إلا أن هناك توقعات بأن يعمل ساركوزي وفيون معا في الجولة الثانية. كما تنتشر ادعاءات بأن ساركوزي يمارس ضغوطا على المندوبين. ويمكن لكل من يحمل بطاقة انتخابية أن يشارك في الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح اليمين الفرنسي. وسيُختار مرشح الحزب الاشتراكي الحاكم في انتخابات تمهيدية ستجرى في يناير المقبل. ويتفق أعضاء الحزب على إعادة ترشيح الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند، إلا أن هناك مؤشرات على أن رئيس الوزراء مانويل فالس يرغب في منافسته على الفوز بترشيح الحزب الاشتراكي لخوض الانتخابات الفرنسية. وباتت الانتخابات في القارة الأوروبية تحظى بأهمية أكبر بعد فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية، وكذلك خيارات الناخبين الفرنسيين بعد 5 أعوام من تصاعد اليمين والأزمات الاقتصادية. وتظهر استطلاعات الرأي تراجع حظوظ الحزب الاشتراكي والرئيس هولاند. وستشهد فرنسا في الأشهر المقبلة حملة انتخابية متوترة وذات تنافسية عالية. كما أن تمديد حالة الطوارئ التي فرضت بعد هجمات باريس العام الماضي إلى نهاية الانتخابات يشير إلى أن الفترة المقبلة ستكون حافلة.