دفعت النتائج التي حصدها حزب التقدم والاشتراكية في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، والتي تمكن من خلالها التقدميون من الفوز بمقاعد برلمانية "قليلة" لم تتجاوز 12 مقعدا، بعض الأصوات من داخل "PPS" إلى الخروج برسالة تنتقد فيها طريقة تسيير الحزب. واعتبر كل من يوسف مكوريي وأحمد كجي وعمر الروس وعبد القادر جويط، الذين وقعوا على الرسالة، أن "واقع الانحراف السياسي والفكري لقوى الحركة الوطنية، وفي مقدمتها حزب التقدم والاشتراكية، جعل هذا الأخير يعيش انتكاسة انتخابية تعكس عمق الأزمة البنيوية المركبة التي تنخره من الداخل". الوثيقة ذاتها وجهت انتقادات حادة إلى القيادات داخل الحزب و"التي أفرغته، وبشكل ممنهج، من محتواه الفكري والسياسي وهويته التقدمية والاشتراكية ومن مبادئه ومنظومة قيمه وأخلاقه، ووضعت قطيعة مع تاريخه النضالي والكفاحي"، مردفة أن "قيادات تخلّت عن المشروع الوطني والديمقراطي للحزب وانسلخت عن مضمونه الطبقي والاجتماعي، لتطلق العنان لمصالحها الانتهازية والوصولية المغلفة ب"المصلحة العليا للوطن"". ولم يكتف الأعضاء الموقعون على الرسالة بهذا الكم من الانتقادات؛ بل زادوا بالقول إن القيادات الحزبية جعلت من حزب التقدم والاشتراكية "إمعة وأداة ذيلية لمشروع نكوصي استبدادي بوجهيه المعاديين والنقيضين للمشروع اليساري التقدمي الذي تبلور تاريخيا داخل مدرسة حزب التقدم والاشتراكية". الانتقادات الموجهة إلى قيادات التقدميين رد عليها خالد الناصري، أحد أبرز الوجوه داخل الحزب، بالقول إن هؤلاء الأشخاص لا يمثلون شيئا داخل الحزب، ويرددون أسطوانة "مشروخة" منذ سنة 2011، ولم يستطيعوا أن يتجاوزا أرقامهم الهزيلة والتي لا تساوي شيئا، "كما أن كلامهم لا يرقى إلى مستوى الجدية". وفي الوقت الذي تضمنت فيه الرسالة إشارات واضحة تعيب على التقدميين تحالفهم مع "البيجيدي"، وربطت "انهيار الحزب بخضوعه لمشروع نكوصي استبدادي بوجهيه المعاديين والنقيضين للمشروع اليساري"، رد الناصري بأن العديد من الأحزاب لم تسجل نتائج إيجابية، بالرغم من أنها لم تتحالف مع البيجيدي، "وهؤلاء إذا كانوا قاصرين في التحليل فعليهم أن يعودوا إلى مقاعد الدراسة لفهم الحياة السياسية، وكلامهم لا يلتفت إليه نهائيا". وحول إمكانية أن تنعكس هذه النقاشات الداخلية على قرار الحزب في الدخول في تحالف حكومي مع العدالة والتنمية من عدمه، خاصة أن "الكتاب" اختار الرجوع إلى أجهزة الحزب للبت في القرار، أردف الناصري أن اللجنة المركزية التي تصوغ توجهات الحزب اتخذت قراراتها طيلة دوراتها الأخيرة بالإجماع، "وليس إجماعا صوريا؛ بل يكون هناك شد وجذب ونقاشات قوية، ليتم في الأخير الاحتكام إلى العقل والمنطق، وهو الذي يفضي في نهاية المطاف إلى اتخاذ قرارات عميقة لتأكيد الخطط التي يضعها الحزب.. ونحن لسنا حزبا دكتاتوريا؛ بل نحن حزب ديمقراطي، ونحن الحزب الوحيد الذي يفتح أبوابه للإعلام لحضور أشغال اللجنة المركزية"، حسب تعبير الناصري. ولمح وزير الاتصال الأسبق إلى أن إمكانية دخول التقدم والاشتراكية في تحالف حكومي جد واردة، إذ إن "مرجعية الحفاظ على الاستقرار تظل حاضرة عندنا، وبالتالي سنعرض موضوع مشاركتنا في الحكومة على اللجنة المركزية بعدما ستكتمل الصورة، خاصة من حيث التوجهات الأساسية للبرنامج، وكذا ميثاق الشرف الذي من الممكن أن يجمع بين أحزاب الأغلبية"، على حد قوله.