انتقد النقيب عبد الرحيم الجامعي التأخّر الحاصل على مستوى إصلاح منظومة العدالة بالمغرب، رغم مضيّ ثلاث سنوات على مباشرة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة الذي أطلقته وزارة العدل والحريّات، وأشرفت عليه هيئة عُليا نصّبها الملك شهر مايو سنة 2012، وانتهى عملها بميثاق وطني لإصلاح منظومة العدالة، ظلّت مضامينه "جامدة" إلى حدود اليوم، كما يقول منتقدوه. وفي ندوة دولية نظمتها جمعية "عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة"، اليوم السبت بالرباط، حول موضوع "إصلاح العدالة بالمغرب: الفاعلون، الرهانات والحصيلة"، قال النقيب الجامعي إنّ وضعية منظومة العدالة في المملكة "تقترب من السكتة القلبية"، وأضاف: "أخشى أن يؤدّي استمرار التماطل في إصلاح هذا القطاع الهامّ إلى حدوث هذه السكتة قريبا". واعتبر الجامعي أنّ التأخر في إصلاح منظومة العدالة يكلّف المغربَ الشيء الكثير على جميع المستويات، موضحا: "مرت، إلى حد الآن، ثلاث سنوات على إطلاق الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة، ونحن ما زلنا ننتظر، ونرى خسارات كبرى تقع؛ حيث نضيع مجهوداتنا لترسيخ قيم حقوق الإنسان وتفعيل مقتضيات الدستور". النقيب الجامعي، الذي تناول في معرض مداخلته التوجهات الكبرى للسياسة الجنائية في المغرب، انتقد استمرار كثير من الممارسات المخلة بالقانون التي تُهدِر حقوق المواطنين، مشيرا في هذا الإطار إلى الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون في إطار الحراسة النظرية، التي وصفها ب"بيت من ظلام، ومجال للتزوير والنصب". واستطرد المتحدث ذاته أنّ "لا أحد يعرف كيف تُوقَّع المحاضر من طرف الموضوعين في الحراسة النظرية، وهناك أشخاص لا يتحدثون إلا لغتهم الأم (الأمازيغية)، أو الأجانب الذين لا يعرفون العربية"، مشيرا إلى أنَّ هذا التعتيم "يسائل مدى مصداقية المحاضر وشفافية الظروف التي تُوَقّع فيها"، مضيفا: "هذا المحور الأساسي ضمْن مسار المحاكمة نسجّل فيه فشلا ذريعا". من جهة أخرى، دعا الجامعي إلى "إزالة الإيديولوجية من القانون الجنائي"، في إشارة منه إلى بعض العقوبات الواردة في مشروع القانون الجنائي الذي أعدّتْه وزارة العدل والحريات، ومنها عقوبة سبّ الذات الإلهية، قائلا: "هل الله وضع الوكلاء العامين لدى المحاكم للدفاع عنه؟ إذا طبّقنا هذه العقوبات سنكون قد دخلنا في منطق العبث". الجامعي حثّ الهيئات المدنية على التأسيس لتعاقد جديد، للدفع بإصلاح منظومة العدالة إلى الأمام، وقال في هذا السياق إنّ الهيئات المدنية لا يجب أن تتذرّعَ بأنها مقصية من النقاش الدائر حول هذا الموضوع، بل عليها أن تبادر إلى المرافعة أمام الفاعلين السياسيين، "للمطالبة بمنظومة عدالة تُساير المعايير الدولية"، على حدّ تعبيره.