أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن الترسانة القانونية الوطنية تجعل المغرب شريكا حقا وفاعلا دوليا في مكافحة الاستغلال والاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت. وقال الداكي، خلال افتتاح ندوة دولية حول موضوع "الاستغلال والاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت"، ينظمها المعهد العالي للقضاء بشراكة مع مجلس أوروبا، إن ما تتضمنه الترسانة القانونية الوطنية، من عديد المقتضيات الزجرية ذات الصلة بجميع أشكال الاعتداءات على الأطفال، ولاسيما الجنسية منها، والتي خصتها بعقوبات صارمة، تجعل المملكة المغربية شريكا حقا وفاعلا دوليا في مكافحة هذا النوع من الجرائم. وسجل الداكي، في كلمة ألقتها بالنيابة عنه رئيسة قطب التعاون القضائي الدولي وحقوق الإنسان برئاسة النيابة العامة، وفاء زويدي، أن البعد الأخلاقي في تدبير المنصات العملاقة يبقى أمرا محوريا للوقاية من هذه الممارسات والتصدى لها ومكافحتها، معتبرا أن سياسات الخصوصية ومراعاة فئات المستعملين، وضوابط التشغيل، وبعد هذا وذاك، توفير المعلومات الضرورية لنجاح الأبحاث والتحقيقات، يشكل أساس نجاح كل مبادرة تهدف لتطويق الظاهرة. وذكر أن رئاسة النيابة العامة حرصت على إيلاء أهمية بالغة لتتبع عمل النيابة العامة بشأن القضايا المتعلقة بفئة الأطفال ضحايا الجريمة بما فيها الاعتداءات الجنسية، مع العمل، في هذا الصدد، على تجميع المعطيات المرتبطة بهذه الظاهرة الاجرامية كأرضية تحليلية لتوجهات تنفيذ السياسة الجنائية ذات الصلة. واعتبر أن التصدي لآفة الاستغلال الجنسي عبر الإنترنت، هو التزام دستوري وقانوني وإنساني، يفرض توحيد الجهود المبذولة وعقلنة المبادرات المرصودة، تنزيلا للرؤية الملكية السامية والعناية الخاصة التي يوليها جلالة الملك محمد السادس لقضايا الطفولة. من جهته، أكد المدير العام للمعهد العالي للقضاء عبد الحنين التوزاني أن المعهد، وتفعيلا للاختصاصات المسندة له قانونا، انخرط بجدية ومسؤولية في هذا التوجه الوطني الراسخ الذي يقوده جلالة الملك من خلال تطوير برامج التكوين القضائي ذات الصلة. وأضاف التوزاني، في كلمة ألقاها بالنيابة عنه رئيس قطب الدراسات والتعاون والأبحاث والنشر بالمعهد سمير الغالمي، أنه تم تنظيم لقاءات علمية وتشجيع الأبحاث والدراسات والنشر ذات الصلة بحقوق الطفل، وفق رؤية تتوخى تعزيز المعارف والمهارات والقيم المرتبطة بحقوق الطفل، كما أقرتها المواثيق الدولية ودستور المملكة. من جانبه، استعرض الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، منير المنتصر بالله، مجهودات المجلس الرامية إلى تعزيز المنظومة الحمائية للطفولة، من خلال حرصه على الرفع من نجاعة الأداء القضائي للهيئات المختصة بالبت في هذه القضايا وتتبع نشاطها عبر البنيات الإدارية المحدثة لهذا الغرض. وأضاف الأمين العام للمجلس، في كلمة ألقاها نيابة عنه رئيس شعبة تتبع القضايا الجنائية الخاصة بقطب القضاء الجنائي نوفل تمسنا، أن المجلس انخراط في مجموعة من البرامج والخطط الوطنية في مجال حماية الطفولة، الرامية إلى تحقيق الالتقائية والانسجام، لضمان حماية شمولية للطفل؛ وذلك في ضوء التوجيهات الملكية السديدة والاختصاصات الدستورية للمجلس. من جهتها، أبرزت الكاتبة العامة للمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان فاطمة بركان أن المملكة تواصل تفاعلها الدائم مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان، خاصة لجنة حقوق الطفل التي قدم لها المغرب لحد الآن أربعة تقارير، والتي كان آخرها التقرير الجامع للتقريرين الدوريين الثالث والرابع، الذي أصدرت لجنة حقوق الطفل عقب فحصه توصيات ختامية بشأن حماية الأطفال ضحايا الاستغلال والاعتداء الجنسيين. واعتبرت أن مواكبة النقاش الدولي حول التصدي للعنف بجميع أشكاله داخل الفضاء الرقمي وحماية الحياة الخاصة للأطفال يقتضي وضع إطار حمائي متكامل يرتكز، أساسا، على تقوية الإطار القانوني الخاص بحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي عبر الإنترنت وملاءمته مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وإشراك الأطفال في جميع المبادرات الرامية إلى مكافحة العنف الرقمي بوصفهم فاعلين أيضا في التوعية بمخاطر الفضاء الرقمي، وكذا تعزيز ونشر ثقافة الاستعمال الآمن للتكنولوجيات الرقمية لدى الناشئة، خاصة في الوسط المدرسي والفضاءات العامة. من جهتها، أبرزت نائبة رئيسة المرصد الوطني لحقوق الطفل، غزلان بنجلون، أن المرصد، الذي يدرك ضرورة حماية الأطفال من جميع التهديدات، قام بتنفيذ المبادئ التوجيهية لتحقيق الأهداف المسطرة، معتبرة أن حماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسيين يعد مطلبا يزداد إلحاحا، خاصة في ظل التقدم التكنولوجي المتسارع. وتتواصل أشغال هذه الندوة، المنظمة في إطار مشروعي (cyber sud و Ma juste) المدعم من قبل الاتحاد الأوروبي، بمناقشة مجموعة من المواضيع التي تهم، أساسا، "آليات الرصد والتبليغ عن حالات الاستغلال الجنسي للأطفال" و"سياسة مزودي الخدمات بشأن الكشف والتبليغ عن حالات الاستغلال والاعتداء الجنسي على الأطفال" و"التعاون الدولي في المسائل الجنائية المتعلقة بالاستغلال والاعتداء الجنسي على الأطفال". وتهدف هذه الندوة، التي يشارك فيها خبراء مغاربة وأجانب يمثلون عددا من المؤسسات، على الخصوص، إلى الإلمام بأهم الاتفاقيات الدولية والإقليمية المتعلقة بحماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي عبر الإنترنت، وتدارس التشريعات الوطنية ذات الصلة، وإبراز المجهودات المبذولة على المستوى الوطني لحماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي عبر الإنترنت.