يبدو أن العلاقات المتوترة، خلال الأسابيع القليلة المنصرمة، بين الهندوباكستان حول ملفي الإرهاب والوضع في إقليم كشمير امتدت من المجالين السياسي والعسكري إلى عالم السينما والفن. الوسط الفني والسينمائي داخل الهندوباكستان تأثر بشكل كبير بمجريات الأزمة السياسية الراهنة؛ وهو ما جعل لغة العنف والتهديد والكراهية تطغى على القيم الفنية التي تدعو على الدوام إلى زرع بذور المحبة والسلام والوئام. وبدأ الجدل في الأسبوع الأخير من شتنبر المنصرم، عندما توجه قيادي بارز داخل التيار اليميني المتطرف في الهند نحو ممثلين باكستانيين خلال تصويرهم لأحد الأفلام في العاصمة الاقتصادية مومباي، داعيا إياهم إلى مغادرة البلاد في ظرف ثماني وأربعين ساعة. بعدها، أصدرت رابطة منتجي الأفلام الهندية "آي إم بي بي إي" بيانا شديد اللهجة، حذرت خلاله الأعضاء المنتسبين إليها من العمل مع أطراف تنتمي إلى دولة "معادية"؛ وهو ما ترتب عنه إدراج العاملين الباكستانيين في مجال السينما في قائمة الممنوعين من العمل داخل المؤسسات والهيئات الفنية الهندية، طالما أن العلاقات بين البلدين لم تتحسن. وأثار هذا القرار حفيظة عدد من أبرز نجوم الفن والسينما الهنود، الذين عبّروا عن رفضهم لهذه السياسة الجديدة تجاه زملائهم من الفنانين الباكستانيين، رافعين شعار "فنانون وليسوا إرهابيين". وفي هذا الصدد، عبّر نجم "بوليوود" المسلم سلمان خان عن استيائه من هذا القرار، حيث سارع إلى التأكيد على أن "الممثلين الباكستانيين هم فنانون في المقام الأول، وليسوا بإرهابيين"؛ وهو ما جر عليه عاصفة من الانتقادات، لا سيما من القوى التابعة للتيارات القومية الهندوسية اليمينية. وبدوره، انضم النجم السينمائي الهندي أكشاي كومار إلى هذا الجدل، معبرا عن معارضته للأصوات التي تنادي بطرد نجوم "بوليوود" الباكستانيين من الهند، على خلفية تصاعد التوتر السياسي والعسكري على الحدود بين البلدين. وقال كومار، في تصريح لموقع "بوليوود لايف": "إنني أرفض بشدة الإساءة إلى أي شخص كيفما كانت جنسيته"، مضيفا: "أنا لا أتحدث بصفتي نجما سينمائيا؛ لكنني أقول إن طرد فنانين باكستانيين من الهند يعتبر أمرا مرفوضا". ويعتبر مراقبون أن قرار طرد العاملين الباكستانيين أو حظر عملهم في القطاع السينمائي الهندي هو، بالأساس، ردة فعل آنية تعبر عن غضب متزايد من العمليات الإرهابية التي تشنها، حسب تقارير رسمية هندية، مجموعات متشددة "تتسلل من داخل الأراضي الباكستانية". ويرى البعض الآخر أن هذا القرار ينضاف إلى سلسلة من التدابير "العقابية" التي شرعت السلطات الهندية في اتخاذها ضد الجارة باكستان؛ من بينها قرار عدم المشاركة في قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا "سارك" في إسلام آباد. وفي الجانب الآخر، أعلنت دور السينما الرئيسية في باكستان، من جهتها، مقاطعة الأفلام الهندية كرد فعل على القرار الهندي وتضامنا منها مع الجيش الباكستاني، حيث جرى حظر عرض الأفلام الهندية في أكبر مدن البلاد، مثل كراتشي ولاهور والعاصمة إسلام آباد. وفي هذا الإطار، تمت إزالة جميع الملصقات الدعائية الخاصة بعرض الأفلام الهندية من على واجهات دور السينما في البلاد، وتعويضها بأخرى لأفلام باكستانية وأمريكية وأجنبية. وأكدت جمعية أرباب دور السينما الباكستانية أن هذا الحظر سيستمر، لمدة أسبوعين على الأقل، أو يتواصل إلى حين عودة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها؛ بالرغم من أن هذا القرار سيتسبب لها في خسائر كبيرة، باعتبار أن أفلام "بوليود" تحظى بشعبية كبيرة في باكستان، في ظل ضعف القطاع السينمائي داخل البلاد. وتشهد العلاقات بين الهندوباكستان، منذ أسابيع، تصعيدا بسبب الاضطرابات وأحداث العنف الاجتماعي في كشمير، وأيضا نتيجة تبادل قوات البلدين، خلال الأسبوع الماضي، لإطلاق النار، في ما اعتبر انتهاكا للاتفاق المبرم بينهما سنة 2003 بشأن الالتزام بوقف إطلاق النار بينهما. وتتهم الهند جارتها باكستان بتسليح وتدريب المتمردين على التسلل إلى أراضيها؛ وهو ما تنفيه إسلام آباد التي تؤكد أنها تقدم للمنظمات الكشميرية دعما دبلوماسيا ومعنويا فقط. يذكر أن الهندوباكستان خاضتا ثلاث حروب، منذ استقلالهما عن التاج البريطاني في عام 1947، بسبب أزمة إقليم كشمير الحدودي. *و.م.ع