مع بداية كل موسم دراسي يواجه تلاميذ العالم القروي المنتقلون إلى السلك الإعدادي أو الثانوي أو إلى التكوين المهني أو التعليم الجامعي مشكل الإقامة بسبب بعد مقرات سكناهم عن المؤسسات التعليمية، وغياب عدد الأسرّة الكافي بدور الطالب والطالبة أو بالداخليات أو الأحياء الجامعية، ولعدم قدرة أوليائهم على استئجار دور بالمدن التي تتوفر على المؤسسات التعليمية المطلوبة، ما يدفع بعضهم إلى الاستنجاد بأقاربهم بالمدن من أجل احتضان فلذات أكبادهم، أمام عدم استفادتهم من النقل المدرسي، ولقلة الحافلات، أو لانعدامها بالجماعات التي ينحدرون منها. هسبريس قامت بجولة نواحي سطات، وصادفت عددا من المتعلمين والمتعلمات على مستوى جماعات قروية عدّة، وأجمع أغلبهم على المعاناة التي يعيشونها مع التنقل جرّاء بعد المؤسسات التعليمية عن مقرات سكناهم. "حنا ديما كنعانيو..كنفيقو في مع الفجر او ماكانرجعو حتى للسبعة دليل..ما ناكلو مزيان ما كنّعسو مزيان ما كنقراو مزيان"، يقول أحدهم، فيما قاطعه آخر: "حيدوا لينا الطوبيس وخلاونا نركبو مع الخطّافة والكاميونات"؛ في حين قالت إحدى تلميذات التعليم الثانوي من المزامزة الجنوبية: "المدرسة بعيدة علينا وغياب وسائل النقل المدرسي كيعرّضنا للمشاكل والتأخّرات والغياب، بل الانقطاع عن الدراسة أحيانا، والدرّاجات العادية حل ترقيعي". لحسن حطابي، رئيس جمعية أمهات وآباء وأولياء مجموعة مدارس آسية الوديع بعين علي مومن، التابعة لجماعة المزامزة الجنوبية، قال في تصريح لهسبريس إن "التلاميذ والتلميذات القاطنين بالدواوير المجاورة لنقطة الانطلاق علي مومن تجاه مدينة سطات، والذين يجتازون السلك الابتدائي وينتقلون إلى السلك الإعدادي أو الثانوي أو الجامعي أو التكوين المهني، يعانون كثيرا مع النقل من مقرات سكناهم إلى مدينة سطات، حيث مؤسسات الاستقبال التعليمية". وأشار الحطّابي إلى أن "سكان الدّواوير المجاورة لعين علي مومن وجّهوا عريضة تتضّمن مطالبهم إلى كل من السلطات الإقليمية بسطات، ورئيس المجلس الإقليمي بالمدينة ذاتها، (تتوفر هسبريس على نسخ منها)، ونظّموا وقفات احتجاجية أمام مقر بلدية سطات، ما جعل رئيس المجلس البلدي يوجّه مراسلة إلى عامل الإقليم تحت عدد 7650، (تتوفر هسبريس على نسخة منها)، بعد استقباله عددا من المحتجّين، لمطالبة الجهات المعنية بدراسة إمكانية منح شركة النقل الحضري رخصة استثنائية لتخصيص بعض الحافلات لحل مشكل انعدام وسائل النقل بين نقطة انطلاق عين علي مومن ومركز سطات". وأضاف ممثل الآباء والأمهات ذاته أن "ما يقارب 200 تلميذ أصبحوا مهدّدين بالتعثر الدراسي بسبب التأخر أو التغيب أو الانقطاع عن التّمدرس، نتيجة توقّف خط النقل الحضري الذي كان يداوم على الاشتغال لما يزيد عن 12 سنة"، موضّحا أن "توقيت التنقل عبر "الطاكسيات" غير مضبوط، ويكلّف الآباء الفقراء كثيرا، بخلاف الاعتماد على بطاقة شهرية للنقل الحضري"، ومطالبا بالإسراع في إعادة العمل بالخط الرابط بين عين علي مومن ومدينة سطات، لضمان دخول مدرسي مناسب، وملوّحا ب"تصعيد احتجاج الآباء والأمّهات في حالة عدم الاستجابة لمطلبهم المشروع"، حسب تعبيره. مجهودات جمعوية محمد كراخي، رئيس جمعية الياسمين للنقل المدرسي بجماعة بوكركوح القروية، دائرة ابن أحمد، أفاد في تصريح لهسبريس بأن "عددا من الفاعلين بالمنطقة لاحظوا المعاناة التي يعانيها المتعلّمون في العالم القروي أثناء انتقالهم من السلك الابتدائي إلى الإعدادي والثانوي، بسبب بعد المؤسسات الثانوية لأكثر من 15 كيلومترا، وضعف الإمكانيات المادية لدى أغلب الأسر، ما يتسبّب في الهدر المدرسي، خاصة في صفوف الإناث، ليفكّروا في تأسيس جمعية للنقل المدرسي". وأضاف كراخي أن "الجمعية عملت على اقتناء سيارتين في بداية الأمر، بمساهمة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وأمام عدد المتعلّمين المرتفع بادرت إلى اقتناء سيارة ثالثة بشراكة مع الجماعة القروية بوكركوح، ورغم ذلك لم تتم تغطية الدواوير 13 بالجماعة، نظرا لشساعة مساحتها". وطالب ممثل جمعية النقل المدرسي ذاته المسؤولين بتقديم المساعدات والدّعم الكافي لتمكن الجمعية من توفير النقل لجميع المتعلمين، موضّحا أن "التلاميذ يؤدون ثمنا رمزيا حدّده مكتب الجمعية في 600 درهم للسنة لكل منخرط، لتغطية مصاريف أربعة سائقين مختصين، بصرف النظر عن الكازوال وزيوت المحركات وغيرها". ووجّه الفاعل الجمعوي ذاته ملتمسا إلى المسؤولين لإعادة النظر في بعض القوانين التي لا تخول للجمعيات التي يكون من بين مسيّريها مستشارون بالجماعة التي توجد بنفوذها الترابي الاستفادة من الدعم، مضيفا: "هذا ما تسبب في عدم استفادة الجمعية من الدعم لموسمين، ما سيؤدي إلى خلل في استفادة التلاميذ من النقل المدرسي"، ومشيرا إلى أن "الجمعية لازالت تتوفر إلى حد الساعة على رصيد يسد مصاريف 3 أشهر فقط"؛ كما وجه نداء إلى المسؤولين والمحسنين لإنقاذها من الإفلاس، مؤكّدا عزم أعضائها على إكمال الموسم الدراسي ببذل مزيد من المجهودات.