"برلمان الطفل" يحتفي بربع قرن من الالتزام المدني وتربية القادة الشباب    قيمة رساميل الاستغلال للمشاريع الصناعية المُصادق عليها بلغت 140 مليار درهم مابين ماي 2023 ونونبر 2024 (أخنوش)    أكادير تحتضن تخطيط "الأسد الإفريقي"    الأغلبية بالمستشارين تدافع عن حصيلة الحكومة في الصناعة.. توازن ومناعة    بعد 20 عاماً من الغياب.. لمريني يشرف على أول حصة تدريبية على رأس الإدارة الفنية لهلال الناظور    المدور: المغرب من الدول السباقة في مقاربة محاربة الفساد وحقوق الإنسان        حالة في مرتيل وأخرى في الحسيمة.. الانتحار يواصل حصد الأرواح بجهة طنجة        بورصة البيضاء تنهي التداولات ب"الأخضر"    جزائريون ومغاربة يتبرؤون من مخططات النظام الجزائري ويُشيدون بدور المغرب في تحرير الجزائر    أخنوش: المغرب المصنع الأول للسيارات في إفريقيا ونصدرها نحو 70 وجهة في العالم    تألق دياز يلفت أنظار الإعلام الإسباني    وضع الناشط المناهض للتطبيع إسماعيل الغزاوي رهن تدابير الحراسة النظرية    أونشارتد: أحدث العروض التوضيحية المفقودة تراث عرض الكنز الصيد ديو في المزامنة    ليدي غاغا سحبت قبالة واحدة من أفضل عروض الوقت الحقيقي من أي وقت مضى    "اليونسكو" تدرس إدراج الحناء في قائمة التراث الثقافي غير المادي    انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في المغرب بعد بدء عملية الاستيراد    درك أزمور يحبط محاولة للهجرة السرية    مقتل جندي إسرائيلي في معارك لبنان    جدول أعمال مجلس الحكومة المقبل    الأمطار تعود إلى الريف وسط انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة    حكيمي يبتغي اعتلاء العرش الإفريقي    لافروف يحذر الغرب من النووي الروسي    وزارة الصحة الروسية تطلق اختبارات سريرية لعلاج جديد لسرطان الدم    محاولة اغتيال وزير العدل الكندي السابق الداعم لإسرائيل    الذهب يلمع عند أعلى مستوى في أسبوع مع تراجع الدولار    مساء هذا الثلاثاء في برنامج "مدارات" : لمحات من السيرة الأدبية للكاتب والشاعر محمد الأشعري    جماعة الزوادة في قلب التنمية الاجتماعية و الاقتصادية الحقيقية بالإقليم    الكاف يبعد رحيمي من قائمة ترشيحات جائزة أفضل لاعب أفريقي    من حزب إداري إلى حزب متغول    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    العرائش.. نزاع حول قطعة أرضية بين سيدة وشقيقها ينتهي بجريمة قتل    وزارة الداخلية تخصص 104 مليارات سنتيم لإحداث 130 مكتبًا لحفظ الصحة        ولي العهد السعودي يهنئ الملك بمناسبة عيد الاستقلال    شبكة تسلط الضوء على ارتفاع أسعار الأدوية في المغرب    حاتم عمور يصدر كليب «بسيكولوغ»    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أربع جهات مغربية تفوز بجائزة "سانوفي" للبحث الطبي 2024    تسجيلات متداولة تضع اليوتيوبر "ولد الشينوية" في ورطة    في تأبين السينوغرافيا    الشاعرة الروائية الكندية آن مايكلز تظفر بجائزة "جيلر"    ما هي الطريقة الصحيحة لاستعمال "بخاخ الأنف" بنجاعة؟    فريق بحث علمي يربط "اضطراب التوحد" بتلوث الهواء    صحتك ناقشوها.. إضطراب النوم / الميلاتونين (فيديو)    إندرايف تغير مشهد النقل الذكي في المغرب: 30% من سائقيها كانوا يعملون بسيارات الأجرة    مجموعة ال20 تعلن وقوفها خلف قرار وقف إطلاق النار في غزة    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات فالنسيا بإسبانيا إلى 227 قتيلاً ومفقودين في عداد الغائبين    عرض الفليم المغربي "راضية" لمخرجته خولة بنعمر في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    العسكريات يسيطرن على التشكيلة المثالية لدوري أبطال إفريقيا    نشرة إنذارية: زخات رعدية ورياح عاصفية في عدد من أقاليم المملكة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتخابات نصف نزيهة، نصف تنافسية ونصف ديموقراطية
نشر في هسبريس يوم 06 - 10 - 2016

ستتنافس الأحزاب يوم السابع من أكتوبر على مقاعد البرلمان ال 395 مقعدا. والسؤال الذي ربما يشغل الرأي العام المغربي في هذه الأيام هو: من يفوز بالإنتخابات، العدالة والتنمية أو الأصالة والمعاصرة؟ غير أن السؤال الذي ينبغي في الحقيقة أن يشغل النخبة المثقفة ووسائل الإعلام بكل أصنافها هو: كيف ستمر انتخابات السابع من أكتوبر؟ هل تمر بشكل شفاف، نزيه خال من كل تزوير وتدليس أو تمر (في أحسن الأحوال) كسابقاتها نصف نزيهة ونصف شفافة؟ هذا السؤال البالغ الأهمية قليلا ما يثار وكأن المغاربة قد تعودوا على خروقات هنا وتزوير هناك حتى أصبحت هذه العيوب الديموقراطية الشنعاء أمورا عادية بالنسبة لهم.
أين يكمن الخلل؟
كثيرا ما يردد مسؤولون حكوميون بأن هناك إرادة سياسية على تنظيم انتخابات نزيهة شفافة خالية من التزوير. قد تكون نيات هؤلاء المسؤولين أو بعضهم صادقة ولا تشوبها شائبة، ومع ذلك لا أحد بإمكانه أن يستبعد وقوع التزوير والخروقات سواء كانت علنية أوخفية. لأن الحد من تلك الخروقات والتجاوزات هو بالغ الصعوبة حتى على أصحاب النيات الحسنة من المسؤولين. الصعوبة تعود لكون الغش و شراء الأصوات ناتج عن أسباب مركبة وإشكاليات جمة. فالمجتمع المغربي مجتمع لا زال يعاني من أنياب الفقر ومخالب الأمية وهذا ما يجعل مهمة تنظيم انتخابات نزيهة شفافة خالية من التزويرمهمة بعيدة المنال. لماذا؟
دعنا نبدأ بلغة الأرقام. حسب الإحصائيات الرسمية الأخيرة لسنة 2012 فإن أكثر من ربع سكان المملكة (28%) من الذين تتجاوز أعمارهم 10 سنوات يصنف في خانة الأميين. الأرقام تقول أيضا أن الأمية تفتك على وجه الخصوص بساكنة الوسط القروي أكثر من الوسط الحضري. 60% من أميي المملكة يتواجد في البوادي والقرى المغربية.
بالإضافة للأمية فإن الفقر هو بدوره يتركز في الأوساط القروية أكثر منه في المدن. فحسب تقرير منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" حول الفقر في منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، فإن أكثر من 14% من سكان البوادي المغربية يعيش تحت خط الفقر. نعرف كلنا أن المدن المغربية هي أيضا تعرف الفقر والأمية ولكن ضخامة حجم المشكلة في العالم القروي؛ تصرف لضخامتها النظر عن مشاكل الفقر والأمية في المناطق الحضرية. وهذا راجع أولا لكون فرص الشغل في البوادي والقرى هي أضعف بكثير من فرص الشغل في الحواضر، ثانيا؛ إن إمكانية التمدرس في المدن هي متاحة بشكل أكبر من إمكانيات التمدرس خارج المجال الحضري.
ما دخل الأمية والفقر بالإنتخابات؟
قد يتساءل القارئ قائلا: وما دخل الأمية والفقر بالإنتخابات النزيهة الشفافة؟ لعل كل من يعرف البادية المغربية معرفة جيدة؛ يعرف أن الكثيرين من تلك الساكنة لا يفقهون في السياسة إلا اليسير. فكيف للمواطنين الأميين أن يقرؤوا برامج الأحزاب ويميزون فيما بينها ليختاروا في النهاية الحزب ذي الإيديوليجية التي تناسبهم والبرامج الإنتخابية التي تخدم مصالحهم؟ هذه أمور لا يفعلها حتى المتعلمين أنفسهم. لذلك نجد أن لغة السياسة ولغة الأحزاب لا يتداولها القرويون في نقاشاتهم وأحاديثهم اليومية إلا في ما ندر. السياسة والسياسيون هي أمور لا تهمهم كثيرا. فهم حين يصوتون فهم يصوتون على من يعرفونه جيدا أو يعرفون من يعرفه جيدا. وغالبا ما يصوتون على من ينتمي للعائلة أوالقبلية أو المنطقة التي ينتمون هم أنفسهم إليها. فدافع الإنتماء للقبيلة أو المنطقة التي ينحدرون منها هو بالنسبة لهم أقوى من الولاءات الحزبية أو الإنتماءات الأيديولوجية.
أحيانا يستدعي وجهاء القوم في البوادي والأرياف أرباب الأسر لوليمة تقام في الأيام التي تسبق الإنتخابات أو يوزعون "الزكاة و الصدقات" على الفئات المعوزة وينصحونهم بعذ ذلك بالتصويت على لون أو رمز معين (عوض إسم الحزب). وغالبا ما لا يضطر المرشحون لإقامة الولائم أو توزيع "الزكاة أوالصدقات" لأنهم يعرفون أن منافسيهم لا حظ لهم في منطقتهم أو قبيلتهم لأنهم هؤلاء المنافسين لا ينحدرون من نفس القبيلة أو المنطقة. فالمتعارف عليه بين القرويين هو ولاؤهم لابن القبيلة أو المنطقة. فالتصويت على عنصر من خارج القبيلة أو المنطقة تعتبر خيانة لا تقل كثيرا عن خيانة الوطن. وهذا ما يجعل الأحزاب تستميل أعيان القبائل ووجهائها لأنهم يعرفون أن الفوز بتأييدهم يعني كسب كل أصوات القبيلة أو المنطقة لصالحهم. في هذه الحالات يصبح للمال الكلمة الأخيرة والفعالة لضم كبار القوم في العالم القروي الى حزبهم وبالتالي كسب كراسى إضافية في البرلمان.
عيوب ديموقراطية أخرى
هذا من جهة أما من جهة ثانية فإن الإنتخابات تتحكم فيها وفي تنظيمها وزارة الداخلية والأجهزة المحلية التابعة لوزارة الداخلية؛ وهذا منذ لحظة وضع اللوائح الإنتخابية وحتى إعلان النتائج. ففي هذه الحالة فإن الله وحده هو الذي يعلم إن كانت الأجهزة المحلية التابعة لوزارة الداخلية تقوم بعملها بشكل ديموقراطي شفاف ونزيه أم هي ربما جزء من المشكلة. لتفادي الشبهات ينبغي أن تتولى لجنة مستقلة تابعة لقضاء مستقل تنظيم الإنتخابات من ألفها إلى يوم إعلان نتائجها. وهذا يتطلب بطبيعة الأمر الإرتقاء بالقضاء إلى سلطة كاملة الإستقلالية.
بالإضافة لما سبق هناك عيب آخر في ديموقراطية المغرب؛ يضعف التنافسية بين الأحزاب ويمنع الكثير منها من الإستفادة التامة من كل الأصوات التي تحصل عليها. هذا العيب راجع لنوعية التقطيع الإنتخابي الغير تنافسي والغير عادل. على أساس هذا التقطيع الغريب العجيب يمكن أن يعني الحصول في منطقة معينة على سبعة آلاف مقعد كسب أربعة مقاعد. في حين يمكن لحزب آخر في منطقة أخرى الحصول على نفس العدد من المقاعد بحصوله على أربعة آلاف صوت فقط. ولعل هذا التقطيع مدروس ومقصود حتى يصعب وربما يستحيل على أي حزب الحصول على الأغلبية في البرلمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.