غارات إسرائيلية تخلف 19 قتيلا في غزة    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت        بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    موتسيبي يتوقع نجاح "كان السيدات"    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب    صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة        الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    ما صفات المترجِم الناجح؟    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !        تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نازلة المرشح عبد الإله بنكيران
نشر في هسبريس يوم 30 - 09 - 2016

التكييف القانوني للتنصيص على مهمة "رئيس الحكومة المغربية الحالية" ضمن البيانات الانتخابية
يتطرق هذا المقال بتبيان ما يخالف القانون في الإعلانات الانتخابية للمرشح عبد الإله بن كيران، وذالك بناء على منطوق وروح الدستور وأحكام القانون التنظيمي رقم 20.16 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، والقانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعملية الاستفتاء واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية خلال الحملة الانتخابية والاستفتائية، ومرسوم رقم 2.16.669 صادر في 6 ذي القعدة 1437 ( 10 أغسطس 2016) يتعلق بتحديد الأماكن الخاصة بتعليق الإعلانات الانتخابية العامة لانتخاب أعضاء مجلس النواب. وتقديم قراءة في قرار المجلس الدستوري رقم 517/03.
فبخصوص الدستور فإنه ينص في تصديره على ما يلي:
الفقرة 1 : "إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة".
لقد تم في هذه الفقرة وهي أول فقرة في الدستور على تأكيد خيار بناء دولة ديمقراطية يتمتع فيها الجميع بالمساواة وتكافؤ الفرص.
وفي الفقرة 4 الجزء السابع من التصدير كذالك قد تم التنصيص على "حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان".
فهذه الفقرة تأكد على محاربة كل أشكال التميز بما فيها التميز بين المواطنين بناء على وضع شخصي مهما كان.
وانطلاقا من الفقرتين السابقتين نستنتج أن التنصيص في الإعلانات الانتخابية للمرشح عبد الإله بن كيران على صفته كرئيس الحكومة المغربية الحالية منافي لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المترشحين وتمنحه هذه الصفة قوة وتمييز شخصي على باقي المترشحين في التأثير على الناخبين.
وتنص الفقرة الثانية من الفصل 11 من الدستور على أن " السلطات العمومية ملزمة بالحياد التام إزاء المترشحين، وبعدم التمييز بينهم".
فمن هذه الفقرة نستنتج أن الدستور ينص بشكل قاطع على أن السلطات العمومية ملزمة بالحياد التام إزاء المترشحين، وبعدم التمييز بينهم، وان هذه السلطات العمومية تشتغل تحت رئاسة رئيسها التسلسلي رئيس الحكومة والمشرف على العملية الانتخابية.
ففي نازلة المرشح عبد الإله بن كيران لقد تم الإخلال بأحكام هذه الفقرة باعتباره انه الرئيس التسلسلي للسلطات العمومية وقد ترشح بصفته ليس كمواطن عادي كباقي المترشحين بل أنه ينص في إعلاناته الانتخابية على صفته رئيس الحكومة المغربية الحالية مما جعله فيه موقف المنافس على دائرة انتخابية وليس في موقف الحياد والمشرف على العملية الانتخابية كما ينص الدستور على ذالك، وهذه الحالة لا يمكن أن تكون معيار قياس بالنسبة للمترشحين الذين يذكرون في إعلانات الحملة الانتخابية على صفة برلماني أو رئيس جماعة على اعتبار أن هذه الصفات لا تمتد المسؤولية المترتبة عنها إلى رئاسة السلطات العمومية التي من المفروض فيها الحياد.
أما بخصوص القانون التنظيمي رقم 20.16 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب فإنه ينص في المادة الثانية: المادة 32: تخضع الإعلانات الانتخابية للقواعد التالية:
- لجميع وكلاء لوائح الترشيح أو المترشحين الحق في تعليق الإعلانات الانتخابية.
- يتعين على أصحاب الإعلانات الانتخابية وكذا المؤسسات والأشخاص الذين يقومون بها بإعدادها أو تعليقها أو توزيعها التقيد بإحكام المادة 118 من القانون رقم 57.11 المتعلقة باللوائح الانتخابية العامة وعملية الاستفتاء واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية،
والمادة 118 السالفة الذكر تنص على ما يلي:
" – يمنع تعليق الإعلانات الانتخابية في الأماكن والتجهيزات التي تحدد أصنافها بمرسوم يتخذه باقتراح من وزير الداخلية.
- تحدد المواصفات المتعلقة بالإعلانات المذكورة بموجب المرسوم المشار إليه أعلاه".
وتنص المادة الرابعة من المرسوم رقم 2.16.669 صادر في 6 ذي القعدة 1437 ( 10 أغسطس 2016) يتعلق بتحديد الأماكن الخاصة بتعليق الإعلانات الانتخابية بمناسبة الانتخابات العامة لانتخاب أعضاء مجلس النواب على: " تتضمن الإعلانات الانتخابية التي يجوز لوكلاء لوائح الترشيح أو المترشحين تعليقها البيانات التالية كلا أو بعضا:
- البيانات التي تعرف بالمترشحين أو ببرامجهم الانتخابية أو إنجازاتهم أو برامج الأحزاب السياسية التي ينتسبون إليها:
• صور المرشحين.
• الرمز الانتخابي.
• شعار الحملة الانتخابية.
• الإخبار بانعقاد الاجتماعات الانتخابية.
وبالتالي فمقتضيات المادة الرابعة السابقة الذكر والتي تنص على البيانات التي تعرف بالمترشحين، جعل البعض يفسر جواز تنصيص المرشح عبد الإله بن كيران على صفته رئيس الحكومة الحالية يدخل في باب البيانات الشخصية وليس فيها ما يخالف القانون، لكن هذا الرأي لا يستقيم، حيث أنه من الناحية القانونية لا يمكن تفسير هذه المادة من المرسوم بشكل واسع وإدخال ضمنها صفات من المفروض فيها أن تكون محايدة اتجاه جميع المترشحين ومشرفة على العملية الانتخابية برمتها، وأن البيانات التي تعرف بالمترشحين يقصد بها الاسم والمهنة والسن والحالة العائلية والمهمة الحزبية ولا يمكن تضمين هذه البيانات ما يخالف القانون ويؤثر على مبدأ التنافس الحر ويمنح تميز أي مرشح على باقي المترشحين.
أما بخصوص قرار المجلس الدستوري رقم 517/03 والذي جعل البعض يتخذ موقف مسبق حول قانونية حملة السيد عبد الإله بن كيران قبل إطلاعهم على فحوى القرار الذي صدر في ظل منظومة قانونية تم تغييرها وتعديلها ونسخها بمنظومة قانونية جديدة.
كما أن حجية الطعن أمام المجلس الدستوري في السيد (ب . ت)، قد تأسست على أنه قد عمد في إطار التحضير للاقتراع إلى استغلال نفوذه كوزير للتجهيز لإنجاز طرق ومسالك لفائدة بعض المنتمين إلى حزبه، كما قام أثناء الحملة الانتخابية، بتنظيم تجمعات عمومية دون تصريح مسبق وفي أماكن غير مسموح بالاجتماع فيها وبوضع إعلاناته الانتخابية في كل مكان مستغلا في ذلك كون الإدارة لم تُعين الأماكن الخاصة لتعليق الإعلانات الانتخابية للمترشحين، باستثناء الأماكن المحددة بجماعة الرماني المركز، وأنه استعمل آليات الوزارة التي يشرف عليها وماليتها وسخر بعض مستخدميها لنقل أشخاص من الرباط وتمارة وسلا إلى منطقة الرماني للتصويت له.
وأن المجلس الدستوري قد ارتكز في مبرراته لهذا القرار على الفقرة الأولى من المادة 12 من القانون التنظيمي رقم 97-31 المتعلق بمجلس النواب التي تستثني المهام الحكومية من قاعدة التنافي بين العضوية في المجلس المذكور (مجلس النواب) ومزاولة كل مهمة عمومية غير انتخابية في مصالح الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة، مؤكدا على أن هذه الفقرة ليس في أحكامها وفي المقتضيات الأخرى من القانون التنظيمي السابق الذكر ما يجعل من الوزير الذي يتقدم لانتخاب أعضاء مجلس النواب مرشحا من نوع خاص لا يخضع لنفس الواجبات ولا يتمتع بنفس الحقوق المخولة للمرشحين الآخرين، وأن الوزير المرشح يمكنه، تبعا لذلك، أن يُضَمّن منشوراته الانتخابية كل المعلومات التي من شأنها أن تعرف به لدى الناخبين بما فيها تلك التي تتعلق بالمهام الوزارية التي يتقلدها، على أن ممارسة هذا الحق لا تعني أن للوزير المرشح أن يستعمل الإمكانيات المادية والبشرية للوزارة أثناء الحملة الانتخابية ويوم الاقتراع، وهو الأمر الذي لم يثبت في النازلة.
وتنص الفقرة الثانية من المادة 12 التي اعتمد عليها المجلس الدستوري لتبرير قراره على ما يلي: "تتنافى العضوية في مجلس النواب مع مزاولة كل مهمة عمومية غير انتخابية- باستثناء المهام الحكومية في مصالح الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العامة".
وهذا يعني أن المجلس الدستوري قد قام ببناء قراره على المقتضيات المتعلقة بحالات التنافي الأمر الذي استدع معه الإطلاع على المقتضيات المتعلقة بحالات التنافي في القانون التنظيمي رقم 27.11 يتعلق بمجلس النواب الساري المفعول حاليا والناسخ للقانون التنظيمي رقم 31.97 ، حيث أن الفقرة الأولى من المادة 14 منه تنص على ما يلي: " تتنافى العضوية في مجلس النواب مع صفة عضو في الحكومة"، مما يعني أن العضوية في الحكومة قد تم إدراجها ضمن حالات التنافي، وبالتالي قد سقطة حجية تبرير قرار المجلس الدستوري السابق الذكر.
وبالعودة لحالة السيد عبد الكريم غلاب عندما ترشح لرئاسة مجلس النواب وما أثرته من نقاش دستوري آنذاك أثناء انعقاد الجلسة العامة، حول تنافي المهمة الحكومية مع المهمة البرلمانية، الشيء الذي جعل من السيد عبد الكريم غلاب أن يعلن تقديم استقالته من المهمة الحكومية، وإسقاط عنه حالة التنافي الموجود فيها مما ترتب على ذالك قبول ترشيحه لرئاسة مجلس النواب، بناء على تأويل الفقرة الثانية من المادة 14 من القانون التنظيمي رقم 27.11 السابق الذكر.
انطلاقا مما سبق نستنتج ما يلي:
أولا: مؤسسة رئيس الحكومة لها سلطة رئاسة السلطات العمومية والتي من المفروض فيها أن تقف موقف الحياد من العملية الانتخابية وأن تشرف عليها في إطار احترام القانون وتعزيز الخيار الديمقراطي ببلادنا.
ثانيا: التنصيص على مهمة رئيس الحكومة المغربية الحالية في الإعلانات الانتخابية يمنح المترشح عبد الإله بن كيران تميزا باسم موضعه الشخصي في الدولة كمؤسسة ثانية في الهرم الدستوري للسلطة بعد مؤسسة جلالة الملك، وهذا ما يتناف مع مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، ويمكن إدراجه كذالك في استغلال مؤسسات الدولة في الحملة الانتخابية.
ثالثا: أن حجة المجلس الدستوري التي تم اعتمادها لتبرير قراره رقم 517/03 والمتعلق بإمكانية التنصيص على المهمة الحكومية في بيانات المرشح المخصصة للحملة الانتخابية لم تعد قائمة، بل أن القانون التنظيمي رقم 27.11 يتعلق بمجلس النواب الساري المفعول حاليا، ينص على عكس الأحكام التي بني عليها القرار السابق الذكر وبالتالي من الواجب عكس نتيجة ما ذهب له القرار.
رابعا: أن الاجتهاد القضائي يتم اللجوء إليه في حالة غياب النص القانوني قصد القياس، وفي حالة تغيير النص القانوني فإن القضاء يعتمد في قراراته على القانون الساري المفعول ولا يقوم بالقياس على الاجتهادات السابقة المبنية على أحكام قانونية قد تم تغييرها ونسخها بأحكام قانونية جديدة، والحالة الحالية أن الاجتهاد القضائي قد بني على عكس الأحكام القانونية الحالية مما يترتب عيه تأويل وتفسير النص الحالي عكس ما ذهب إليه القرار رقم 517.
خامسا: وبناء على حجية المجلس الدستوري في تبرير قراره رقم 517 ومقتضيات المادة 13 و المادة 14 فإن الصفات المسموح بذكرها في البيانات الانتخابية للمرشح هي الصفات للمهمات التي لا تتنافى مع العضوية في مجلس النواب كرئيس جماعة واحدة أو غرفة مهنية واحدة أو برلماني أو أي صفة أخرى ليست ضمن حالات التنافي، وسيذهب البعض للقول أن في هذه الحالة ليس من حق الوزراء الترشح لانتخابات مجلس النواب، هذا الرأي مردود عليه باعتبارهم في حالة التنافي وليس لهم أي مانع من موانع الترشيح ما دام القانون التنظيمي الساري المفعول يحدد موانع الترشيح لانتخابات مجلس النواب على سبيل الحصر. وبناء على الفقرة الأولى من المادة 14 فإنه يجب على الوزراء تجميد مهامهم ابتداء من يوم تقديم ترشيهم حتى يوم إعلان نتائج الاقتراع كي لا يستغلون مناصبهم الحكومية في الحملة الانتخابية، وجعلهم متساوون مع كافة المترشحين. وبالعودة لحالة السيد عبد الكريم غلاب التي جعلت البعض يعطي للفقرة الثانية من المادة 14 تأويلا يمنح من يتوفرون على صفة برلماني وصفة عضو في الحكومة إمكانية الاختيار داخل أجل شهر للاختيار بين صفة برلماني أو الصفة الحكومية، لكن الفقرة الثانية من المادة 14 تنص بشكل صريح على ما يلي: "في حالة تعيين نائب بصفة عضو في الحكومة، تعلن المحكمة الدستورية، بطلب من رئيس مجلس النواب، داخل أجل شهر، شغور مقعده"، مما يعني أن هذه الفقرة تتطرق لمسألة تعين برلماني في مهمة حكومية، ولا تبرر السماح لعضو في الحكومة للترشح للبرلمان بمهمته الحكومية.
سادسا: أن الدستور المغربي لسنة 2011 قد تطرق لأحكام جديدة جعلت المنظومة القانونية في جلها خاضعة للتعديل قصد ملاءمتها مع أحكامه، كما أنه لا يوجد مانع للقضاء الدستوري من أن يتخذ قراراته بناء على تأويل لروح ومنطوق الدستور الذي من أولى مبادئه المساواة وتكافؤ الفرص وعدم التمييز بين الناس بناء على أي وضع شخصي مهما كان.
وكي لا يفهم من النقاش هنا أننا نصادر حق أي مواطن أو مواطنة من الترشح للانتخابات، بل الأمر عكس ذالك، فإننا نناقش مسألة تطوير الآليات القانونية المتعلقة بالانتخابات قصد الحفاظ على نزاهتها وشفافيتها وإبعاد كل ما من شأنه أن يؤثر على العملية الانتخابية ويعيق التطور الديمقراطي ببلادنا.
والحالة التي نناقشها اليوم، هي واقعة جديدة في ظل منظومة قانونية جديدة، تفرض علينا تنزيلها بشكل سليم وعقلاني، وهدفنا ليس العودة إلى الوراء بخصوص العملية الانتخابية بل جعلها مفتوحة أمام الجميع وتسمح بالتنافس المتكافئ بين الجميع، وأنتم تعرفون جيدا طبيعة مجتمعنا، فإذا كانت فئة منه لا تتأثر بهذه الصفات ومراكز القرار فإن هناك فئة واسعة تتأثر بذالك، والمثال الظاهر للجميع أن أغلب الموظفين العموميين يتلونون في كل ولاية حكومية باللون السياسي لوزيرهم وخصوصا من هم في مواقع المسؤولية، فما بالك بالمواطن البسيط.
وبالتالي فإعلان الوزراء عن صفتهم الحكومية في إعلاناتهم الانتخابية بشكل عام، والسيد رئيس الحكومة بشكل خاص، حيث جعل من مهمة " رئيس الحكومة المغربية الحالية" هي الأولى في بياناته، وسابقة على مهمة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، رغما أنه ترشح بتزكية المهمة الثانية وليس الأولى، كما أن تأكيده على المهمة الحكومية بإضافة مصطلح "الحالية" جعله وكأنه يريد أن يقول للمواطنين والحال كذالك، أنه المترشح عبد الإله بن كيران الذي يمارس مهامه كرئيس للحكومة، وينافس من أجل ولاية حكومية ثانية، مما يعني أنه ليس كباقي المترشحين العاديين من أساتذة وأطباء ومحامين ... إلخ.
وليس من باب الصدفة قد تم التنصيص على هذه المهمة ، أو أنها سقط سهوا ضمن البيانات الانتخابية، بل أنه يعرف جيدا طبيعة مجتمعنا، وما يريد تأكيده بتلك العبارة، وهو الذي رد في أحد اجتماعات مجلس الحكومة السابقة على خبر تناولته بعض والمنابر الإعلامية حول تجميد التعيين في المناصب العمومية، بالقول أن الحكومة الحالية لزالت تقوم بمهامها بشكل عادي وأوصى وزرائه بالقيام بمهامهم كاملة مبررا ذالك بكم من عمل جيد تم في وقت قصير.
وهذه المسألة لا تتعلق بمهمة عادية بل مهمة رئيس الحكومة باعتباره الرئيس التسلسلي للسلطات العمومية كما أسلفنا الذكر وأنه ليس بمرشح عادي فهو رئيس وزير الداخلية ووزير العدل والحريات والرئيس التسلسلي للسيدات والسادة الولاة والعمال والبشوات والقياد والشيوخ والمقدمين، فمن باب الاستفهام لماذا نطالب من الشيوخ والمقدمين وهم مرتبين في أدنى سلم السلطات العمومية بالحياد اتجاه العملية الانتخابية ونسمح بذالك لرئيسهم التسلسلي في السلم الإداري وليس برئيس عادي بل رئيس مؤسسة تحتل المرتبة الثانية في هرم السلط الدستورية للدولة بعد المؤسسة الملكية.
* باحث في العلوم السياسة والقانون الدستوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.