تنفيذا لمقتضيات الفصل 62 من دستور 2011 أحالت الحكومة مشروع قانون تنظيمي رقم 27.11 يتعلق بمجلس النواب يوم 09/09/2011 ، كما هو مثبت بالموقع الالكتروني للوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان ، على مجلس النواب لمناقشته وإقراره ، وهي المناقشة التي انطلقت يوم 19/09/2011 داخل لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية. وبقطع النظر عن كون المناقشة قد انطلقت قبل مضي عشرة أيام كاملة على وضع المشروع لدى مكتب مجلس النواب طبقا لما تقرره مقتضيات الفصل 85 من الدستور، فإن بعض مواد المشروع المكون من 99 مادة ، التي هي مواد جديدة قد خلقت نقاشا واسعا جول مدى تطابقها مع الدستور ومع ما سبق للمجلس الدستوري أن قرره من قواعد بمناسبة بته في مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بمجلس النواب أو بمجلس المستشارين والتعديلات التي أدخلت عليها. قانون الاستمرارية. يعتبر مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب رقم 27.11 من بين أولى مشاريع القوانين التنظيمية التي أنجزتها الحكومة تطبيقا لمقتضيات دستور 2011. وهذا المشروع الذي يتكون من 99 مادة موزعة على اثني عشر بابا إن كان قد نسخ مقتضيات القانون التنظيمي رقم 31.97 كما تمم وعدل بمقتضى القوانين التنظيمية الصادرة سنوات 2002 و2007 و2008، فإنه حافظ على العديد من المقتضيات التي كانت تتضمنها تلك القوانين التنظيمية، مما يعتبر تكريسا لها، وهي المقتضيات التي سبق للمجلس الدستوري أن قضى باعتبارها موافقة لدستور سنة 1996. وإذا كان المشروع قد حاول توضيح بعض المقتضيات التي كان يكتنفها الغموض ، وكانت محل جدل أثناء العمليات الانتخابية وبالخصوص كيفيات التصويت وكيفيات تحرير المحاضر والرفع من الغرامات المترتبة عن المخالفات الانتخابية ، فإنه حافظ على نفس البنيان الذي كان عليه القانون التنظيمي رقم 31.97 مما يمكن اعتباره استمرارا له ، خاصة وانه حافظ على ممارسة كانت ويمكن أن تكون مدخلا للتلاعب في النتائج وهي تلك المنصوص عليها في الفقرة 8 من المادة 79 من المشروع والتي تقابلها الفقرة 8 من المادة 73 من القانون الحالي والتي تنص على « أما الأوراق المعترف بصحتها والتي لم تكن محل أي نزاع فيباشر إحراقها أمام الناخبين الحاضرين بعد انتهاء عمليات فرز الأصوات وإحصائها وإعلان نتيجة مكتب التصويت برسم كل من الدائرة الانتخابية المحلية والدائرة الانتخابية الوطنية» . إن التنصيص على إحراق أوراق التصويت من طرف مكتب التصويت الذي يتكون من رئيس وثلاثة أعضاء ، وان التجربة أبانت على أن كثيرا من المرشحين لا يستطيعون تغطية جميع مكاتب التصويت بالمراقبين وأن رؤساء مكاتب التصويت يقومون بطرد المراقبين أن وجدوا ، وانه لم يسبق أن تمت الاستعانة بفاحصين ، وان السلطات المحلية تعمد إلى إخلاء مقرات مكاتب التصويت بمجرد الانتهاء من عملية التصويت، فإن التنصيص على إحراق أوراق التصويت التي تم احتسابها يترتب عنه إعدام جسم الجريمة ويستحيل الرجوع إليها في حالة المنازعة في صحة الإحصاء والعمليات الانتخابية سواء تعلق الأمر باللائحة الوطنية أو المحلية ، فضلا عن سهولة ارتشاء أعضاء مكاتب التصويت. غير أن بعض المقتضيات المستحدثة لاشك أنها بحسب طبيعتها ، قد خلقت نقاشا سواء داخل لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية بمجلس النواب، أو داخل الأحزاب السياسية وكل المهتمين بالشأن الانتخابي من جهة حول الجدوى منها ومن جهة أخرى حول طبيعتها الدستورية ومدى انسجامها مع مقتضيات الدستور. المادة 5: الخلط ما بين حالات التنافي والمنع من الترشيح. لقد تضمن المشروع في المادة 5 منه فقرتان الأولى تتعلق بعدم أهلية أعضاء مجلس المستشارين للترشيح للعضوية في مجلس النواب والفقرة الثانية على عدم الأهلية للترشح لعضوية مجلس النواب برسم الدائرة الانتخابية الوطنية لكل من سبق انتخابه عضوا برسم نفس الدائرة. لقد خلق هذه المادة اضطرابا في مجلس المستشارين يهم المستشارين الراغبين في الترشح لعضوية مجلس النواب كما خلقت اضطرابا لدى عضوات مجلس النواب الحالي المنتخبات برسم اللائحة الوطنية لكون المنع المذكور يسري عليهن فقط. والواقع أن هذه المادة مخالفة للدستورو بالأخص مقتضيات الفصل30 من الدستور التي تنص على أن لكل مواطن ومواطنة الحق في التصويت وفي الترشح للانتخابات شرط بلوغ سن الرشد القانوني ومقتضيات الفصل 62 من الدستور التي تنص على أن القانون التنظيمي يتولى بيان عدد أعضاء مجلس النواب ونظام انتخابهم ومبادئ التقسيم الانتخابي وشروط القابلية للانتخاب وحالات التنافي وقواعد الحد من الجمع بين الانتدابات ونظام المنازعات الانتخابية. فإذا كان الدستور لم يحدد أي شرط لممارسة الحق المطلق في الترشيح إلا شرط بلوغ سن الرشد القانوني، فإن المجلس الدستوري في القرارين رقم 475/2002 و476/2002 الصادرين بتاريخ 25/06/2002 بمناسبة النظر في التعديلات التي أدخلت على القانون رقم 31.97 و32.97 ، سبق له أن قضى بعدم دستورية اشتراط تقديم استقالة المستشار الراغب في الترشح لعضوية مجلس النواب من مجلس المستشارين ، معتبرا بأن الأمر لا يتعلق سوى بمانع قانوني يحول، في حالة فوز المعني بالأمر في الانتخاب دون الاحتفاظ بالانتداب النيابي إضافة إلى المهمة الانتخابية الجديدة المتنافية مع هذا الانتداب ، وان التنصيص على تقديم الاستقالة مسبقا من مجلس المستشارين للترشح لمجلس النواب يعد تحويلا عمليا لحالة التنافي إلى مانع للترشيح وهو غير مطابق لما تنص عليه أحكام الفصل 38 من الدستور. فالتنصيص بالإطلاق على عدم أهلية أعضاء مجلس المستشارين للترشيح للعضوية في مجلس النواب والحالة هذه يعتبر مخالف لأحكام الدستور ويشكل منها لهم، والحالة أن لاشيء يمنع من ترشيحهم بدون قيد، وان نتائج الانتخاب هي التي ستحدد مصيرهم بعد إجرائها. أما بخصوص الفقرة الثانية ، فإنه على ما يبدو أريد بها أن تحل شأنا حزبيا داخليا يهم الجانب الأخلاقي والديمقراطي بين أعضائه ، من خلال التنصيص على مقتضى تشريعي مناف للدستور، فالقاضي الدستوري عندما اعتبر في قراره رقم 475/2002 بأن انتخاب أعضاء مجلس النواب عن طريق اللائحة المحلية واللائحة الوطنية لا يشكل مخالفة للدستور ، فإنه ربط ذلك بشرط « مراعاة وحدة الانتخاب وإخضاعها في جميع الدوائر المحدودة منها أو الوطنية لنفس القواعد القانونية في مجال الترشيح والتصويت «. وحيث إن شرط إخضاع اللائحة الوطنية لشروط اللائحة المحلية يستتبع بالضرورة اعتبار ما تضمنته الفقرة الثانية من المادة 5 مخالف للدستور عندما اعتبرت عدم أهلية الأهلية الترشح لعضوية مجلس النواب برسم الدائرة الانتخابية الوطنية لكل من سبق انتخابه عضوا برسم نفس الدائرة. المادة 23: التحايل على المناصفة بصيغة المذكر. وكتتمة لما تضمنته الفقرة الثانية من المادة 5 ، جاءت الفقرة الثانية من المادة 23 في محاولة لتنزيل مقتضيات الفصل 30 من الدستور التي تستوجب أن ينص القانون على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية ، بمقتضى جديد يشترط أن تتضمن لائحة الترشيح اسمين متتابعين لمترشحتين يليهما اسم مترشح واحد كما أوجبت أن تخصص المرتبة الأولى في اللائحة لمترشحة وألا تزيد سن المترشحين الذكور على أربعين سنة.