أصبحت الأحزاب المغربية مدركةً تماما، بدرجاتٍ مختلفة، أهمية مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها "فيسبوك"، في إيصال الأفكار وإقناع الناخبين ببرامجها. لكن التعامل مع الوسيلة المذكورة يبقى، في عمومه، إلى حدّ الآن، سطحيا جدّا، ويكاد لا يتعدّى الإعلانات الممولة الداعية إلى الإعجاب بصفحات الأحزاب الرسمية، إذ يعتقد البعض أنّ عدد "الإعجابات" مؤشر يدلّ على شعبية هذا الحزب أو ذاك المرشح.. بل إن الأمر تشوبه أخطاءٌ قانونية أيضا، إذ استمرّت مجموعة من إعلانات المرشحين في طنجة، برسم الانتخابات الجماعية الفارطة، رغم انتهاء توقيت الحملة الانتخابية بأيام! ..فإلى أي مدى يستثمر المرشّحون هذه الوسيلة في الانتخابات بالشكل الصحيح؟ يجيب عبد الله أمين، وهو خبير مغربيّ في مجال تسويق النمو وإستراتيجيات الشبكات الاجتماعية، عن سؤال هسبريس بالقول: "من المؤكد أن الشبكات الاجتماعية على الإنترنيت أصبحت وسيلة قوية للتسويق السياسي، والضامن الأساسي لانتشار الأحزاب في العالم الافتراضي.. ويعتبر "فيسبوك" الوسيلة الأقوى التي تعتمدها الأحزاب السياسية، نظرا لانتشارها الواسع بين مختلف الفئات في المغرب، ونظرا لتكلفتها المنخفضة أيضا. ولكن رغم أن غالبية الأحزاب أصبحت تمتلك قسما خاصا بالتواصل على هذه الشبكات، وهم مدراء الشبكات الاجتماعية، إلا أن الطريقة التي تتعاطى بها مع هذا النوع من الإعلام تحمل الكثير من الأخطاء". ويكشف أمين بعض الأخطاء التي تحدث عنها قائلا: "إشكالية المحتوى هي ما تعاني منه جل الأحزاب التي تستعمل "فيسبوك" في التسويق لحملاتها الانتخابية، إذ تنشر أخبارا عامة عن الحزب وعن الشخصيات القيادية فيه وبعض البلاغات الصادرة من مكتبه السياسي..ونادرةٌ هي الأحزاب التي تحسن استغلال فيسبوك وتبدو منظمة في طريقة إدارتها لصفحاتها في الشبكات الاجتماعية". ويضيف المتحدّث ذاته: "أظن أن التسويق للأحزاب عبر شبكات التواصل الاجتماعي يتمحور حول المحتوى، إذ يجب الاعتماد على صنع محتوى سياسي لقاعدة المتتبعين وتوعيتهم بأهمية فهمه والتفاعل معه، بالإضافة إلى اعتماد إستراتيجية واضحة لتوسيع تلك القاعدة..وأعتقد أيضا أن تكلفة "فيسبوك" المنخفضة تسهل إمكانية زيادة عدد المتتبعين للأحزاب". أمّا صفحات قادة الأحزاب على مواقع التواصل فتدل من وجهة نظر أمين "على زيادة الوعي بأهمية هذه الصفحات في التأثير وتوجيه الرأي العام ونشر التصريحات على نطاق واسع، والتفاعل مع الجمهور... وهو أمر جد مهم بالنسبة لقادة الأحزاب، رغم ضعف تفاعلهم حاليا". قد يكون "فيسبوك" وسيلة حقيقية لإقناع مئات، ورّبما آلاف الناخبين، بالتصويت لصالح هذا المرشح أو ذاك.. فهل ينطبق هذا على الهيئات السياسية المغربية؟.. يجيب أمين على هذا التساؤل قائلا: "بخصوص كيفية إقناع المصوتين باختيار حزب ما فأظن أن تبسيط المفاهيم السياسية ونشر محتوى سياسي مفيد وبسيط عن طريق هذه الشبكات سيقوي ارتباط الأشخاص بالعلامة –التجارية- للحزب، وقد تترجم هذه العلاقة إلى قرار التصويت.. المصداقية في الشبكات الاجتماعية تبنى عن طريق المحتوى القوي، الذي يتسلل إلى عقول الجماهير بطريقة سلسة". وباعتبار إقامته حاليا في تركيا، تحدث أمين عن نقطة القوّة لدى السياسيين الأتراك في تعاملهم مع "فيسبوك" قائلا: "بالنسبة للأحزاب التركية، تشكل الشبكات الاجتماعية نقطة قوة كبرى، إذ تعتمد عليها كثيرا، وتسهر على توظيف مواهب شابة تساعد على تقوية سمعتها الإلكترونية.. والمحتوى السمعي البصري يشكل الجزء الأكثر انتشارا لهذه الأحزاب: فيديوهات تحفيزية- تقارير مصورة...الخ.. والتنافس الإلكتروني بينها واضح جدا، سواء من حيث عدد المتتبعين أو نوع المحتوى الذي يتم نشره". ويختم عبد الله أمين رأيه حول تعامل الأحزاب والمرشحين في المغرب مع "فيسبوك" قائلا: "يمكن اعتبار إستراتيجيات تواصل الأحزاب على شبكات التواصل الاجتماعي جد متوسطة؛ وهذا لأنها لازالت تعتمد على الطرق الكلاسيكية لتسويق برامجها السياسية، وتنشط حساباتها في الفترات الانتخابية فقط..ولكن هذا لا يمنع أن نقول إن بعض الأحزاب تملك إستراتيجية واضحة وجيدة للشبكات الاجتماعية، كحزبيْ العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة".