يصنف أنس الصفريوي من بين رجال الاعمال العشرة الأكثر ثراء في المغرب. فقيمة حصته الشخصية في «مجموعة الدجى» العقارية المدرجة في بورصة الدارالبيضاء وحدها، تقدر بنحو 28 مليار درهم (3.5 مليار دولار)، دون الحديث عن باقي استثماراته في قطاعات النقل البحري والصناعات الكيماوية وصناعة الورق والكارتون، ناهيك عن مشاريعه التي لا تزال في طور الدراسة في مجالات إنتاج الإسمنت والنقل الجوي. "" ولد الصفريوي بمدينة فاس سنة 1957، وانقطع عن الدراسة في المرحلة الثانوية للعمل مع والده عبد السلام الصفريوي، الذي كان من أبرز رجال الأعمال الفاسيين في بداية الاستقلال، والذي استطاع أن يكون ثروته من خلال استغلال مقالع مادة «الغاسول» الطينية ذات الخصائص الفريدة في مجال العناية بصحة وجمال الشعر، والتي لا توجد إلا في موقع واحد عبر العالم يوجد في منطقة بولمان بسفوح الأطلس المتوسط المتوسط، على مسافة 200 كيلومتر من مدينة فاس. وعرف استعمال الغاسول انتشارا واسعا في جميع أنحاء المغرب، وأصبح منتوجا شعبيا شائعا، قبل أن يأخد طريقه إلى الأسواق العالمية ومختبرات صناعة مواد التجميل. وفي بداية عقد الثمانينات من القرن الماضي بدأ أنس الصفريوي أولى تجاربه المستقلة في مجال الأعمال عبر إحداث سلسلة شركات لإنتاج الورق والكرتون في طنجة وفاسوالدارالبيضاء وأكادير، ثم أحدث مصنعا في الدارالبيضاء لتصنيع مادة كاربونات الكالسيوم، وهو المصنع الوحيد الذي ينتج هذه المادة بالمغرب. وتحالف في مجال صناعة الورق مع مجموعة نمساوية، فيما تحالف في مجال الكاربونات مع مجموعة أردنية. وصادفت بدايات أنس الصفريوي في مجال الأعمال ظرفية عصيبة في المغرب، تميزت بتطبيق برنامج التقويم الهيكلي وسياسة التقشف وما صاحبها من توترات اجتماعية. وبرزت إشكالية السكن كأحد التحديات الكبرى التي يواجهها المغرب في سياق النمو السريع لأحياء «دور الصفيح» في ضواحي المدن الكبرى، وتعمق العجز السكني سنة بعد أخرى. وانطلاقا من ذلك انتابت الصفريوي فكرة إطلاق مشروع للسكن الاجتماعي. فأنشأ شركة «الدجى» العقارية المتخصصة في السكن الاقتصادي في سنة 1988. وبدأ يبحث إمكانية بناء شقق اقتصادية تكون في متناول ذوي الدخل المحدود بالمغرب، وفي نفس الوقت، تستجيب لمتطلبات معايير البناء من حيث الجودة والسلامة. غير أنه كان عليه انتظار سنة 1995 عندما طرح العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني مبادرة إنتاج 200 ألف سكن بشراكة مع القطاع الخاص لتجد شركة «الدجى» فرصة لتحقيق هدفها. وفي سياق هذا البرنامج، أطلق الصفريوي مشروع «الضحى» العقاري، الذي يهدف الى بناء 2370 شقة اقتصادية، ورفع شعار «الشراء بثمن الكراء»، إذ أن الثمن المنخفض للشقق مع إمكانية التمويل المصرفي يجعل من الممكن شراء شقة والأداء عبر أقساط شهرية منخفضة توازي سومة الكراء الشهرية في حالة الإيجار. وانتهجت شركة «الدجى» التي أصبحت منذ ذلك الحين تعرف أكثر بشركة «الضحى» نسبة إلى برنامجها السكني النموذجي، سياسة تروم القرب من الفئات الاجتماعية المستهدفة من طرف برامجها السكنية. وتعاقدت مع أربعة مصارف لمواكبة نشاطها وتسهيل تمويل اقتناء الشقق التي تنتجها. وأنشأت في المقر الاجتماعي للشركة «شباكا موحدا» يضم ممثلي المصارف، وموثقين، وممثلي مصلحة التسجيل، وإدارة التحفيظ العقاري ومصلحة متخصصة في تصحيح الإمضاءات (التوقيعات)، لتسهيل عملية إقتناء السكن، وضمان إتمام كل الإجراءات الإدارية والمالية في مكان واحد. وأبرمت الشركة 7 اتفاقيات مع الحكومة المغربية مكنتها من الاستفادة من الحوافز الضريبية والإجراءات التشجيعية التي وضعتها الدولة لتشجيع السكن الاقتصادي. ومع تولي الملك محمد السادس حكم البلاد، وإيلائه عناية خاصة للجانب الاجتماعي اصبح شعار «الشراء بثمن الكراء» شعارا رسميا لسياسة السكن الاجتماعي. وتوالت المشاريع السكنية للمجموعة بوتيرة سريعة. وفي سنة 2000 حصلت على شهادة المطابقة لمعايير الجودة «إيزو 9001 إصدار 2000» لمجموع أنشطتها. وفي سنة 2004 أعاد الصفريوي توجيه سياسة الشركة من خلال توسيع مجال نشاطها، جغرافيا، ليشمل مدنا أخرى من المغرب بعد أن كان مقتصرا على الدارالبيضاء، وهيكليا، ليشمل أنماطا أخرى من السكن مثل السكن الراقي والعقار السياحي بعد أن كان مقتصرا على السكن الاجتماعي. وتحولت شركة «الدجى» إلى مجموعة بعد أن تفرعت عنها 7 شركات جديدة. وفي يونيو (حزيران) 2006 قرر الصفريوي إدراج مجموعة «الضحى» في بورصة الدارالبيضاء عبر طرح 35% من رأسمال الشركة للبيع للعموم بسعر 585 درهما للسهم (73 دولارا). ودرت عليه هذه العملية مبلغ 2.76 مليار درهم (346 مليون دولار). ومع توالي الإعلانات الجيدة، خاصة دخول المجموعة في شراكات مع شركات دولية رائدة في مجال العقار والسياحة، مثل شركة «القدرة القابضة» و«الأجيال العقارية» و«المغربية الإماراتية للتنمية» و« المغربية الكويتية للتنمية» ومجموعة «فاديسا» الإسبانية، بالإضافة إلى توسع الرصيد العقاري للمجموعة عبر اقتناء مساحات جديدة من الأراضي في مدن مختلفة، وإبرامها اتفاقيات مع شركات دولية لتسويق منتجاتها الفاخرة في فرنسا وبريطانيا، ارتفع سعر أسهم المجموعة في البورصة بقوة. ويجري تداول أسهم مجموعة «الضحى» حاليا في بورصة الدارالبيضاء بنحو 3400 درهم للسهم (425 دولارا(. وفي سياق تعزيز موقع المجموعة قام الصفريوي بشراء حصة 3% من مصرف القرض العقاري والسياحي المتخصص في تمويل السكن، وأطلق مشروعا لإنتاج الإسمنت قصد إدماج قطاع نشاط مجموعة «الدجى» العقارية. غير أن طموحات الصفريوي لا تقف عند حدود القطاع العقاري، اذ بدأ يبحث إمكانية دخول مجال النقل الجوي عبر إحداث شركته الخاصة على خلفية انفتاح الأجواء المغربية، ودخول اتفاقية السماء المفتوحة بين المغرب والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ. وقام فعلا بإنشاء شركة في هذا المجال تحت اسم «دريم فلايت». عن الشرق الأوسط