وصل الأداء السنوي لبورصة الدارالبيضاء، إلى حدود ظهيرة أمس الثلاثاء، إلى ناقص 4 في المائة، وهو ما يرى فيه المراقبون للسوق المالي مؤشرا على الانهيار الذي يحيق به. وكانت أغلب الأسهم المتداولة في سوق القيم بالدارالبيضاء قد تراجعت في تداولات أول أمس الإثنين، في ظاهرةٍ عبر بعض المستثمرين عن كارثيتها بأن وصفوا يوم التداولات ب«الاثنين الأسود»، حيث لم ينجُ أي سهم من شبح اللون الأحمر باستثناء 6 أسهم عرفت ارتفاعات طفيفة، وهكذا عرف 56 سهما انخفاضات أغلبها فاق 5 %، مما كبد المؤشر العام خسارةً ثقيلة بلغت نحو 3.37 %. وفي الوقت الذي يؤكد فيه البعض تأثر بورصة الدارالبيضاء بالبورصات العالمية جراء مخاوف على مستقبل النظام المالي العالمي، يغذيها إعلان مصرف الأعمال الأمريكي «ليمان براذرز» عن إفلاسه، يعتبر محلل مالي بالدارالبيضاء، أن المراقبين ما زالوا لم يستوعبوا بعد ما يحدث في السوق المالي بالعاصمة الاقتصادية، غير أن بعض الآراء تشير إلى أن المستثمرين بدؤوا يغادرون السوق المالي المغربي، مخافة التعرض لخسائر. ويتجلى مما يرشح حول وضعية البورصة أن أوامر بيع الأسهم تضاعفت في الأيام الأخيرة، وهذا تعزز في حصة أمس الثلاثاء، وهو ما يشير إلى وجود مخاوف وسط المستثمرين الذين بدؤوا يتخلون عن أسهم بعض القطاعات، مثل العقار تحسبا من تفاقم الأزمة في القطاع، الذي يعاني من ركود خلال السنة، الجارية». ويبدو أن حالة الهلع التي تعرفها البورصة تستوجب، في نظر البعض، تدخل السلطات المالية من أجل طمأنة السوق. ويبدو أن فرضية عدم تأثر بورصة الدارالبيضاء بما يقع في محيطها لا يسري على ما وقع يوم الاثنين، حيث تأثرت بجل أسواق البورصات العالمية، وفقدت البورصة جميع أرباحها منذ بداية العام، ولم يعد مؤشر مازي يسجل 1 % بعد أن بلغ أكثر من 17 % قبل 6 أشهر، وبذلك تكون البورصة قد فقدت كل أرباحها التي راكمتها منذ فاتح يناير 2008، فرغم ولوج 5 شركات جديدة إلى بورصة القيم بالدارالبيضاء خلال هذه السنة كانت آخرها شركة «أليانس للتطوير العقاري» بداية هذا الصيف، فإن مؤشري البورصة لم يسجلا أي ارتفاع يذكر منذ 5 أشهر تقريبا، حيث استقر مؤشر مازي نهاية شهر غشت المنصرم في 10.21 .% وإذا كان مؤشر البورصة قد عرف منتصف مارس الماضي أعلى ارتفاع له في 2008، حيث بلغ 17.6 %، فإنه منذ ذلك الحين عرف تقلبات بين اللونين الأحمر تارة والأخضر تارة أخرى، ليندحر خلال فصل الصيف إلى أدنى مستوياته وبلغ بالكاد في أول أسبوع من شهر شتنبر عتبة ال10%، ليستمر في الهبوط خلال هذا الشهر، وخصوصا يوم الاثنين، حيث هوى المؤشر إلى ما دون 3.37 % بالنسبة إلى مازي وأقل من 0.67 % بالنسبة إلى ماديكس. وقد عرفت كل الأسهم العقارية بالبورصة انخفاضات حادة بلغت 6 % لكل من سهم «الضحى» و«الشركة العامة العقارية» و«أليانس للتطوير العقاري»، إضافة إلى سهم «صوناصيد» و«لافارج» و«هولسيم». وأمام هذا الانهيار لبورصة القيم بالدارالبيضاء، يبقى التساؤل عن مدى صدق التوقعات التي أصدرها محللو «بي.إم.سي.أو.كابتال» في بداية العام بارتفاع أداء بورصة القيم بالدارالبيضاء بمعدل يتراوح ما بين 15 و20% بدون احتساب عمليات ولوج الشركات الجديدة إلى البورصة، وتوقعات الدراسة التقنية التي أنجزتها مجموعة «سي.إف.جي» خلال فبراير الماضي والتي توقعت هي الأخرى ارتفاع أداء البورصة إلى 20 %. يشار إلى أن البورصات العالمية سجلت انخفاضا حادا أول أمس الاثنين بعد الانهيار المدوي لبنك «ليمان براذرز» الاستثماري الأمريكي، رابع أكبر بنك استثمار في أمريكا، والذي نتجت عنه خسائر كبيرة في القطاع المالي في العالم، وفتحت بورصة وول ستريت جلسات التداول يوم الاثنين على انخفاض كبير عقب إعلان بنك «ليمان براذرز» إفلاسه وبيع مؤسسة «ميريل لينش» لمصرف «بنك اوف امريكا» بسبب خسائر تكبدتها بسبب أزمة الائتمان في الولاياتالمتحدة، وخسر مؤشر داو جونز للأسهم الصناعية في نيويورك 2,53% بعد هبوط البورصات الأوروبية بنسبة 5%، وسارعت البنوك المركزية العالمية الكبرى، ومن بينها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إلى ضخ عشرات المليارات من الدولارات في الأسواق الاثنين الماضي في الوقت الذي أغلقت فيه المؤشرات الآسيوية على انخفاض، كما خسرت الأسواق الخليجية 7% من قيمتها. ويعتبر بنك «ليمان براذرز» أكبر ضحية لأزمة الائتمان حتى الآن بعد أن بدأت في غشت 2007، وكان يعتبر من البنوك التي لا يمكن أن تنهار نظرا إلى حجمه، وأشهر رابع بنك في أمريكا إفلاسه في يوم الاثنين الماضي عقب فشل الجهود المبذولة لإنقاذه، وسيقدم البنك إشهار إفلاسه إلى محكمة الإفلاس لمنطقة جنوبنيويورك. وبرر البنك في بيان سابق سعيه إلى هذه الخطوة بالمحافظة على أكبر حد ممكن من قيمته وحماية أصوله، وأجرت الإدارة الأمريكية وكبرى المؤسسات المصرفية محادثات في الأيام الماضية وسط مخاوف بشأن مستقبل ليمان براذرز، ورفض وزير الخزانة الأمريكي هنري بولسون في تلك المحادثات أي مساعدات حكومية للبنك الذي بحث عن مشتر بعدما انخفضت قيمة أسهمه بنسبة 94% منذ بداية العام الحالي في الوقت الذي عصفت فيه أزمة الائتمان بالقطاع المالي الأمريكي، وتكبد ليمان براذرز خسائر تقدر بمليارات الدولارات بسبب استثماراته في سوق الرهن العقاري الأمريكي.