مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، خرجت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لتجدد مطالبتها بإقرار "دستور ديمقراطي للمملكة"، معربة عن "استيائها من إجهاض هذا المطلب الديمقراطي الأصيل باللجوء إلى تعديلات جزئية وظرفية تحافظ على الجوهر الاستبدادي للدستور"، حسب تعبيرها. الجمعية المغربية لحقوق الإنسان شدّدت، في مذكرة وجهتها إلى مختلف الأحزاب وتحالفات الأحزاب السياسية بشأن إدراج بعد حقوق الإنسان في البرامج الانتخابية، على ضرورة إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وتضمينها في برامجها الانتخابية وفق أهداف ومؤشرات واضحة وقابلة للقياس والتطبيق في مرحلة ما بعد الانتخابات. وشملت الحقوق التي ذكرتها الجمعية مجموعة من المجالات؛ منها: الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وحقوق المرأة، وحقوق الشباب، وحقوق الطفل، وحقوق المهاجرين وطالبي اللجوء، وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، إضافة إلى حقوق الشعوب والتضامن الدولي. ومن بين المطالب التي دعت إليها الجمعية في مذكرتها ضرورة احترام حق الشعب المغربي في تقرير مصيره على كافة المستويات؛ وذلك بإقامة نظام الديمقراطية بمفهومها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي، مشددة على ضرورة إقرار دستور ديمقراطي كإجراء أساسي أولي. وقالت الجمعية، في مذكرتها، إنها "تؤكد على مطلب الدستور الديمقراطي كبوابة لبناء دولة الحق والقانون ومجتمع الكرامة والمواطنة بكافة الحقوق. وبالموازاة مع هذا، تطالب الجمعية باحترام وتفعيل وأجرأة المقتضيات الإيجابية الواردة في الدستور الحالي بشأن حقوق الإنسان". وأردفت الهيئة الحقوقية ذاتها قائلة إن "التزام المغرب الدستوري بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وتعاقداته التعاهدية الدولية في هذا المجال، تفرض عليه مواصلة المصادقة على كافة الاتفاقيات الدولية، ورفع التحفظات وملاءمة التشريعات المحلية مع الاتفاقيات المصادق عليها واحترام حقوق الإنسان في الواقع". وشدد المصدر نفسه على ضرورة إلغاء قانون مكافحة الإرهاب، ومراجعة القانون الجنائي حتى يتلاءم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان ودمقرطة القوانين المتعلقة بالحريات العامة والحريات الفردية والعفو، ومدونة الشغل، وإلغاء المقتضيات القانونية الماسة بالحريات النقابية، إضافة إلى تطبيق توصيات لجان حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وأكدت الجمعية على ضرورة "القطع مع سياسة التعتيم على أوضاع حقوق الإنسان، سواء في الإعلام الرسمي أو على مستوى المؤسسات الرسمية المعنية بحقوق الإنسان"، إضافة إلى وضع "حد لسياسة الخطوط الحمراء المناقضة لحرية الرأي والتعبير والعقيدة، والتي تفضي إلى إشهار سيف المس بالمقدسات في وجه عدد من الممارسين لحقهم في هذا المجال". ومن المطالب التي نادت فيها الجمعية في مذكرتها ضرورة الطي النهائي لملف الاعتقال السياسي عبر جعل حد للاعتقالات بسبب التعبير عن الرأي وعن مواقف سياسية، وعن المشاركة في النضال النقابي العمالي والطلابي وغيره والنضالات الاجتماعية والسياسية السلمية، مؤكدة على وجوب "إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، مع إلغاء الأحكام الصادرة ضدهم". وتحدثت الوثيقة عن ضرورة مراجعة الإطار القانوني للمجلس الوطني لحقوق الإنسان ليصبح مؤسسة ديمقراطية من حيث تكوينها وآليات اشتغالها، مستقلة عن السلطة ومؤهلة للمساهمة في حماية حقوق الإنسان والنهوض بها على غرار المؤسسات الوطنية المماثلة في البلدان الديمقراطية، وبما يمكنها بالخصوص من نشر تقاريرها، دون قيد أو شرط، ويفتح المجال أمامها لتنفيذ توصياتها بالفعالية الضرورية. وأكدت المذكرة كذلك على "جعل حد للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، مشيرة إلى أن الأمر يتطلب كإجراء مستعجل استجابة الدولة للتوصيات الموجهة إليها في نهاية نونبر 2011 من لدن اللجنة الأممية المعنية بالاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب. ونادت الجمعية بوجوب إعمال شعار عدم الإفلات من العقاب بشأن الجرائم الاقتصادية المرتكبة بشأن الخيرات والأموال العمومية، مضيفة: "نهب، تبذير، سطو، فساد، اختلاس، رشوة، امتيازات غير مشروعة، تهريب الأموال للخارج، الغش الضريبي... التي شكلت وما زالت تشكل أحد الأسباب الأساسية في حرمان المواطنين والمواطنات من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية". ودعت الوثيقة كذلك إلى احترام حقوق العمال كمكون أساسي لحقوق الإنسان، داعية الدولة إلى تحمل مسؤولياتها في محاربة الفقر وفي تأمين الحق في العيش الكريم للمواطنين والمواطنات، واحترام الحقوق الاجتماعية الأساسية في الصحة والسكن والتعليم، إضافة إلى القضاء على السكن المهين لكرامة المواطن وضمان حماية وأمن المواطنات والمواطنين من الاعتداءات الإجرامية ومن مخاطر ونتائج الكوارث الطبيعية.