في منطقتين بعيدين عن مصلحة الوطن والمواطن توجد قبيلتان ضاربتان في المكر والقدم والخديعة ولدت الثانية من رحم الأولى كما يرويها العارفون بأزمنة المخاض. كاحش والغبراء ،كاحش من القبائل التي يضرب لها السكان ألف حساب لأن أطفالها يولدون بملاعق من ذهب ومناصب من ذهب وأراضي من ذهب وسيارات وبواخر وطائرات. وصمت المواطنين هو بنزينها، هم من يدفعون الثمن لأجيال وأجيال، يحرقون قوتهم وصغارهم ليباركوا نهش كاحش. ولن تسمح قبيلة كاحش للنار أن تنطفئ طالما تتغذى من رزقهم . كاحش(1) هي قبيلة تكونت عبر التاريخ من قطاع الطرق وخدامهم و من الخونة، نهبت ووزعت بينها خيرات الوطن؛ أما الغبراء فهي قبيلة من الرحل تتجدد في كل سنة كبيسة، دورها الحفاظ على سلامة كاحش وأهلها وكهنتها والوصول للكرسي ولاشيء آخر. يقود قبيلة الغبراء جيش من مخدري الشعب، والتخدير ليس بالضرورة عشبة تمضغ أو تحقن أو تبلع فحتى الكلام الفاحش المعسول عشبة، والحديث نيابة عن الله بالجنة والنار والحور العين عشبة، وفي وطني يمكن أن تزيف الوعود فتضاف بهارات إفرنجية مستوردة و مزورة لعشبة التخدير كالإنصاف والمساواة والديموقراطية والحق في الصحة والتعليم والشغل، بل قد ترضخ لتزيد ما يعاكس التصورات الدستورية كتعدد الزيجات والمناصب والألقاب وكل أصناف الفساد. لك الله يامواطن، كاحش والغبراء يشحدون سكاكينهم في المواسم الانتخابية و يدوسون على الرقاب يقودون الجميع كرها بألقابهم المزيفة نحو مسالخهم العفنة. حارَبوا العلم والتنوير لمدة تزيد عن خمسين سنة من أجل أن تبقى الأمية التي رحلت منذ زمن بعيد عن بلاد الكفار جاتمة على رؤوسنا نحن "خير أمة أخرجت للناس". حاربوا بعضهم البعض من أجل أن يطرد أطفالنا من المدارس أو يتكدسوا فيها ويموت مرضاها في المستشفيات؛ ويسحل عمالنا في المعامل، حاربوا لتعميق الجراح و الفوارق وإشاعة اللغط والرذيلة، فكرمت لأجل ذلك الأشواك والطحالب، وسحقت الأزهار التي تنمو في ربوع الوطن. حاربوا بعضهم بعضا بالنبيذ المعتق والجاريات الملاح والنهب الذي لا ينتهي إلا ليبدأ، فخرجنا من الحرب غانمين بالرتبة 126 في سلم التنمية البشرية، وبالديون الإفرنجية مثقلين، ولمصالح الوطن مؤجِلين، ونحن أكباش الدبيحة السرية بحرب كاحش والغبراء مصدقين وفرحين ومبتهجين. إن فازت كاحش فالبحر أمامنا نحن وأبناؤنا ولا شيء وراءنا غير الخراب، وإن فازت الغبراء فالبحر وراءنا ولاشيء أمامنا غير السراب فمتى نتطلع لفوز الوطن؟ (1) كاحش من العامية المغربية التي تعني سرقة كل شيء *إن أي تشابه بالواقع هو من قيبل الصدفة