نريد أن نحيا قليلا يا وطني، نريد أن نعيش بكرامتنا، بحقوقنا الطبيعية والسياسية والمدنية والاقتصادية، نحن كجيل ثالث نريد شيئا من الإنسانية في بلدنا. وطني الحبيب، بمعبر حقدهم وكراهيتهم، وبمعبر غطرستهم غدرهم وخيانتهم لك، ولجوا إليك ونهشوك بأنيابهم الحادة فأردوك شهيدا على معبر الكرامة… لن تكون يا حميد ابعلي أول أو آخر شهيد، فقد سبقك إلى لائحة الشرف وإلى فراديس الخلد وإلى مواجع الذاكرة مئات الشهداء، الذين رحلوا مخلفين وراءهم وطنا قد قميصه من دبر لما راودته عن قلبه ثعالب المكر والخيانة. وطني الحبيب، نريد فقط أن نحيا، فكيف أحضرت لسيدة سويسرية طائرة خاصة تقلها من وسط الثلوج، وتركت راعي غنم تجمدت روحه قبل جسده وهو يحارب من أجل غنمه التي تشتت وأكل بعضها الذئاب، لم يجد من يخرجه ولا من يدافع عنه من صعوبة ووعورة المكان…فعفوا منك يا وطني، نسيت أن الذئاب والتماسيح هي من ترعانا بسياسة عفا الله عما سلف، عما نهبه الوزراء لتأمين حياتهم بكل رفاهية ورقي وبذخ. كما تعرف جيدا يا وطني الحبيب نحن في بداية فصل الشتاء، بل مازلنا في فصل الخريف، فالشتاء حل باكرا هذه السنة؛ فكم من صورة مؤلمة سنراها بعد؟ وكم من شهيد في المناطق النائية والباردة ستدمع عليه أعيننا؟.. تحرق قلوبنا على فقراء يموتون جوعا وبحصار من الثلوج، يموتون لأجل لقمة العيش هكذا في القرن21 وفي زمن التنمية المستدامة، بينما حكومتك نائمة تخرج بتصاريح وخطابات مبهمة لا يفقهها صاحبها… وطني الحبيب إلى متى تستمر هشاشة هذه السياسة؟ أليست لرئيس حكومتنا دراية بالدستور وبحقوقنا نحن المستضعفين؟ أكتب إليك يا وطني وقلبي يرتجف بردا وألما وضياعا، ألما على من يموتون وسيموتون في جبال الأطلس دون أن تسمع آذاننا عنهم، ودون أن تصغي حكومتك إلى آلامهم وأنينهم، كقطط تموء جوعا وبردا وعطشا؛ فهي أكيد لا تهتم بما يجري في تلك المناطق ولا غيرها، لأنها منشغلة بالزيادة في المحروقات والمواد الأولية، انتهاء باستمرارية في التوقيت الصيفي وتضييقها على المواطن في جميع الجوانب؛ فلا مشكلة أن نربح ساعة ونخسر جيلا كاملا… إن دمكم يا شهداء الأمة نهشته ديدان الفتنة وذئاب الكراسي التي تعوي في صقيع الفرقة، فبعدما سرقوا أحلامنا وآمال شمسنا ونور وطننا، ها هم يسرقونا حياتنا واحدا تلو الآخر. وأنت ترقد في قبرك يا شهيد لقمة العيش ويا مدافعا عن رزقه وغنمه، اعلم أن الشعب ساكن سكون الموت ينتظر موته، والحكومة لم تقم بأي شيء ولو عابر من أجلك، ولم تقل شيئا في حقك، ولو كلمة؛ فلم تطلق عليك سوى زغاريد النسوة في البيوت، فتحولت فوق سماء الوطن إلى سحابة غسلت أجسادنا العارية من أدران الصمت… كيف يا وطني تريد من شبابك ألا يهاجر، ويلقي بنفسه وسط البحار حاملا معه ألم بلده وآمال العيش الكريم في بلاد المهجر، وهو مرتعد من الغرق وسط أعماقها، ليصبح وجبة عشاء لأسماك القرش… شكرا لدمكم الطهور الذي همس في آذاننا قبل أن يتحول إلى عشب أخضر في ذاكرتنا المغربية المتورمة. وطني الحبيب لا نريد شيئا سوى أن نحيا قليلا.