خلافا للتدخلات التي تقوم بها السلطات المحلية والأمنية والوقاية المدنية، من أجل إطفاء النيران التي يُشعلها شباب وأطفال الأحياء السكنية خلال ليلة ما يُعرف بعاشوراء؛ تتعامل السلطات ذاتها مع المحارق التي تُنشأ يوم عيد الأضحى، وسط الأحياء والتجمعات السكنية، بنوع من المرونة وغض الطرف، مبدية تساهلها وموافقتها الضمنية، ما لم يحدث ما يستوجب التدخل. تجريم إضرام النار في الوقت الذي يحارب فيه ممثلو السلطات نيران عاشوراء، بحجة أنها تشكل خطرا حقيقيا على الأطفال والمارة والجيران على حد سواء، مع إمكانية تسببها في خسائر في ممتلكات الغير؛ يُبدي المسؤولون عن حفظ صحة أمن وسلامة المواطنين، خلال يوم عيد الأضحى، تساهلا كبيرا مع المشرفين على إشعال النيران المخصصة لشيّ رؤوس الأضاحي. وعن الجانب القانوني لإشعار النيران وسط الأحياء من أجل شي رؤوس وقوائم الأضاحي، قال عز الدين فدني، وهو محام بهيئة خريبكة، إن أي تصرّف خارج إطار القانون يُعتبر ممنوعا بشكل عام، ومن ضمنها إضرام النار بشكل عشوائي؛ غير أن إشعالها من أجل شي رؤوس الأضاحي أو غيره من المناسبات لا يوجد له نص خاص في القانون الجنائي، على حدّ علمه. وأضاف المتحدث، في تصريح لهسبريس، أن إضرام النار عمدا يُعتبر فِعلا مجرّما في قاعدته العامة ضمن القانون الجنائي، على اعتبار أن ذلك السلوك قد يتسبب في أضرار معينة؛ كانتقال النيران إلى السيارات أو المنازل، مشيرا إلى أن ذلك الفعل الخاص يتحول حينها إلى فعل يستوجب المعاقبة في الإطار القانوني العام. المحارق والبيئة أما من المنظور البيئي، فقد أكّد ياسين ملاس، رئيس جمعية أجيال المستقبل للتربية والتنمية، التي من بين أهدافها الاهتمام بالجانب الطبيعي والبيئي، أن "عملية شي رؤوس الأضاحي تُعتبر تقليدا موروثا جيلا عن جيل؛ غير أن المحرقة تُخلف عدة مشاكل بيئية، نتيجة غياب الوعي لدى بعض القائمين على المبادرة، ومدى خطورتها على المجال الطبيعي بصفة عامة". وأضاف المتحدث أن شيّ رؤوس وقوائم الأضاحي في الشارع العام يسبب، في الكثير من الأحيان، تراكم الأزبال والرماد وسط الأحياء السكنية، ويخلف أدخنة وروائح تُقلق راحة السكان المجاورين، خاصة الأشخاص المسنين والمرضى والرضع والأطفال، في الوقت الذي يعمل فيه المشرفون على العملية، في بعض الأحياء فقط، على إزالة مخلفات محرقتهم. وختم ملاس تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية بالتأكيد على أن لعملية شيّ رؤوس الأضاحي عدة مخاطر على الإنسان والبيئة، نتيجة قلة الوعي والتحسيس، سواء على مستوى الوصلات الإشهارية بالقنوات العمومية، أو من جانب جمعيات المجتمع المدني، وخاصة المهتمة بالمجال البيئية، إضافة إلى مسؤولية الجهات الوصي على القطاع. "التشْوَاط" اجتماعيا أما الجانب الاجتماعي، فقد أجمله بوشعيب الذي يُشرف سنويا على شيّ رؤوس الأضاحي بأحد أحياء مدينة خريبكة، في تقديم خدمة إنسانية لسكان الحي، من خلال تخليصهم من عناء "التشواط"، وما يُخلفه من أوساخ ورماد داخل المنازل، مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 20 و30 درهما للرأس الواحد والقوائم، حيث يتحدّد السعر حسب حجم الرأس ونوع الأضحية. وأضاف المتحدث، في تصريح لهسبريس، أن العملية تعود على شباب الحي، وخاصة العاطلين منهم وذوي الدخل المحدود، بأرباح مالية لا بأس بها خلال يوم العيد، من أجل مواجهة تكاليف الأيام أو الأسابيع الموالية، خاصة خلال السنوات الأخيرة التي يتقارب فيها شهر رمضان مع العطلة الصيفية والدخول المدرسي وعيد الأضحى. وأكّد بوشعيب أن أغلب مزاولي ذلك النشاط يتخذون كل الاحتياطات لإنجاز المهمة في أحسن الظروف، حيث يختارون مكانا بعيدا عن المنازل ومواقف السيارات، ويمنعون اقتراب الأطفال من ألسنة النار، كما يعملون بعد انتهاء العملية على تنظيف المكان، وإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي؛ وهو ما يسمح لهم بتكرار المبادرة في السنوات الموالية، دون إثارة المشاكل مع سكان الحيّ.