دعا فاعلون مدنيون ومهنيون من بائعي الجلود السلطات والقطاعات الوزارية الوصية إلى وضع سياسات خاصة بعيد الأضحى تروم تنظيم مهن العيد بما يقلل من الأضرار المختلفة التي تنتج عن الفوضى الذي يعمها. ويسجل مراقبون تنامي عدة مهن مؤقتة بمناسبة عيد الأضحى لا تخضع لأي توجيه أو توعية من طرف الجهات الوصية، مما ينتج عنه، حسب هؤلاء، كوارث صحية وبيئية مختلفة، وسجل هؤلاء أن أهم تلك المهن التي ينبغي الإسراع بتنظيمها مهن شيّ الرؤوس وجمع الجلود. و في كل سنة و مباشرة بعد صلاة عيد الأضحى، تنطلق في أوساط فئة من الشباب في العديد من المدن حركة دؤوبة تشمل محلات النجارة و أسطح العمارات و الغابات المجاورة لجمع «عود الزناد»، وتهم نفس الحركة جمع الأحجار و الأسلاك والقضبان الحديدية لبناء أفرنة (كوانين) في الهواء الطلق ووسط الأحياء استعدادا لعمليات شي رؤوس الأضاحي وأطرافها التي تنطلق مباشرة بعد الانتهاء من الذبح، كما ينطلق أيضا نشاط مواز يتعلق بجمع جلود الأضاحي. و يتوزع هؤلاء الشباب إلى فرق تتوزع مهامها بين جلب رؤوس الأضاحي من الأسر القاطنة بالأحياء والمعارف و عملية « التشواط « و كسر قرون الرأس و تنظيف وغسل الأطراف، بينما تعمل فرقة على إيصال «السلعة» إلى أصحابها واستخلاص واجب العملية الذي يتراوح في أغلب الحالات بين 20 و 30 درهما. «التجديد» عاينت مجموعة من الشباب في دروب و أحياء مدينة الدارالبيضاء و استقت مجموعة من الآراء حول العملية، وفي هذا الصدد يقول « زكرياء م « تلميذ بالسنة الأولى باكلوريا، اتفقنا نحن مجموعة من الأصدقاء على أن نخوض غمار هذه التجربة، واكتشفنا أنها كلها خطر وخرجنا منها سالمين، رغم بعض الخدوش والاحمرارات من لهيب النار، ولكن غانمين أيضا حيث تمكنا نحن الأربعة من ربح مبلغ 740 درهم لسد حاجياتنا اليومية بما فيها الكسوة و صرف الجيب اليومية». « الطاهر س « بائع السجائر اعتبر فرصة العيد متنفسا له و فرصة لجني المال، وأضاف بفرح واضح أنه أتيحت له فرصة في ربح كبير لم يكشف عن تفاصيله. « موسى س « حارس مؤسسة محترف يجيد شي الرؤوس، قال في تصريح ل»التجديد» إنه في غاية السرور خصوصا مردود اليومين الأولين من أيام العيد، موضحا «جنيت رزقا جيدا يغنيني أياما كثيرة وأتمنى أن يتقبل الله مني و من زبنائي»، موضحا أن «هناك منهم من تصدق علي بأكثر من واجب الخدمة المقدمة له، و آخرون منحوني لحوما». ويسجل مراقبون في كل سنة ما تخلفه هذه الأنشطة من انتشار لمخلفاتها بشكل عشوائي يسبب أضرارا متنوعة، من انتشار الروائح الكريهة والأزبال بشكل يهدد الصحة والبيئة، وعاينت «التجديد» لجوء بعض هؤلاء الشباب وفي إطار الاستعدادات لشيّ الرؤوس إلى نزع أغطية البالوعات الفولاذية للصرف الصحي لاستعمالها في عمليات شيّ الرؤوس، مما يترتب عنه تهديد كبير للأطفال والمارة والسيارات. كما عاينت «التجديد» انطلاق عمليات جمع جلود الأضاحي، حيث ينطلق مند الصباح الباكر شباب ورجال و شيوخ وحتى الصغار من مختلف الأحياء، ومنهم أجانب عن مدينة الدارالبيضاء، وتستعمل في عملية الجمع وسائل مختلفة منها عربات مجرورة باليد و أخرى بالحمير أو البغال «الكاروات» ودراجات عادية وأخرى نارية «يغزن» مختلف الأحياء. ومباشرة بعد عمليات الذبح والسلخ يتخلص كثير من المواطنين من الجلود برميها بمختلف الأزقة والأحياء، ويتنافس هؤلاء في جمعها، و منهم من ينادون بأعلى أصواتهم «بطانا بطانا» «شكون يتصدق ببطانا في سبيل الله»، و منهم من يستغفل البعض بشرائها منهم أو من أبنائهم رغم معرفة عموم المواطنين بعدم جواز بيعها من الناحية الشرعية، حسب ما تؤكده مختلف المصادر الدينية. وتنصب أسواق بيع الجلود بعيدا عن أعين السلطات، وتؤكد مصادر منها أن ثمن جلد الخروف يباع للحرفيين الذين كانوا موزعين بشاحناتهم المتنقلة في أماكن مختلفة غير قارة ب 40 درهم للجلد الكبير و المتوسط ب 30 درهم و الجلود الأخرى الصغيرة والمبثورة ب 10 درام إلى درهمين حسب العرض. وعبر مصطفى، فاعل جمعوي، عن استيائه من بائعي الجلود سواء تعلق الأمر بالمتسقطين أو أصحاب الجملة الذين تركوا جل الفروات الفاسدة في أماكن مختلفة مما نتجت عنها روائح نتنة وسوائل انتشرت في جل الأحياء السكنية لولا تدخل بعض الجهات من جمعيات المجتمع المدني و المقاطعات الجماعية لنقلها إلى أماكن التفريغ بالقرب من مديونة، ودعا المتحدث السلطات المعنية إلى التفكير مليا السنة المقبلة في الاهتمام و ترتيب هذه الحرفة المدرة للدخل بوسائل تستفيد منها الدولة وتقننها حتى تقلل من تداعياتها البيئية والصحية السيئة. وصرح فقهي محمد أمين سوق اللباطة بمقاطعات عمالة الفداء مرس السلطان، أن السوق أصبح عبارة عن نقطة سوداء بحيث يعيش فوضى عارمة لدى الباعة والمشترين وظهرت عادة غريبة في السوق من قطاع الطرق و»المقرقبين» حيت تسمع بين الفينة والأخرى عن حالة سرقة إما بالقوة أو بالنشل و منهم من يدعي بيع الجلود لكن مسلح من أجل الانقضاض على ضحاياه، و أضاف أنه لحد الساعة ما زالت الأزبال منتشرة في السوق، داعيا السلطات المعنية التصدي للمجرمين أولا والباعة الدخلاء وتنظيم الحرفة فإنها مربحة للمواطن و الدولة إذا كانت حكامتها جيدة.