بعد مرور عامين على التراجع الكبير في الأسعار العالمية للنفط والرجة الاقتصادية التي أحدثها، سواء بالنسبة للدول المصدرة للبترول أو المستوردة له، فإن أسعار بيع المحروقات بالمغرب لم يطلها أي تراجع ملحوظ، رغم أن جميع الأرقام الرسمية تفيد بأن المملكة استفادت بشكل كبير من هذا التراجع، من خلال انخفاض فاتورتها الطاقية. وهي مفارقة مازالت صامدة حتى الآن. وإذا كانت خزينة الدولة قد استفادت من تراجع أسعار النفط في السوق العالمية وتقلص إنفاقها على الفاتورة الطاقية، فإن المواطن لم يشعر بأي تغيير يذكر على المبلغ الذي يؤديه مقابل البنزين أو الغازوال، على الرغم من قرار الحكومة تحرير أسعار المحروقات. الخبير الاقتصادي عبد الخالق التهامي فسّر هذا الواقع بهيكلة أسعار المحروقات بالمغرب، موضحا أن 60 في المائة من الأسعار عبارة "من هوامش أرباح الشركات التي تقوم بالتكرير والتوزيع، بالإضافة إلى تكاليف النقل، والضرائب المفروضة على هذه المحروقات خلال جميع مراحل استيرادها إلى المغرب". وأكد التهامي أن ثمن شراء النفط من الخارج لا يشكل إلا 40 في المائة من هيكلة أسعار المحروقات بالمغرب؛ "أي إن سعر برميل النفط هو مكوِّن بسيط من بنية سعر المحروقات. فحتى لو انخفض سعر النفط إلى 30 دولارا للبرميل، فلن يحصل انخفاض في سعر البنزين؛ إذ إن هناك عوامل أخرى تتحكم في السعر، من بينها الضرائب المفروضة وتكاليف التوزيع والنقل". وقال التهامي إنه بمقارنة الوضع بالمغرب مع الوضع بالدول التي تستورد النفط، "سنجد مثلا أن إسبانيا وفرنسا بقي فيها سعر المحروقات في المستوى نفسه رغم تراجع أسعار البترول في السوق العالمية، في المقابل لا يمكن أن نقارن وضعنا مع دول منتجة للنفط، كما هو الحل بالنسبة للجزائر". من جهته يرى الأستاذ الجامعي عز الدين أقصبي أن هناك مفارقة حقيقية في المغرب، "تتمثل في أنه عندما تتراجع أسعار النفط على الصعيد العالمي فلا وجود لتغيير في أسعار المحروقات التي تباع للمواطنين، في المقابل إذا ارتفعت أسعار المحروقات عالميا يرتفع السعر محليا". وحمّل أقصبي الحكومة المسؤولية السياسية في مراقبة أسعار المحروقات، وودعا إلى ضرورة التعامل بصرامة مع الموضوع لأن المواطن هو الذي يؤدي الفرق، مبينا أن "الدولة باعتبارها أيضا من المستهلكين للطاقة في المغرب، فإن ذلك يرفع من نفقاتها، وسيزداد الوضع تعقيدا مع أزمة لاسامير".