نحن مجتمع بكل إثنياته ننتمي إلى الفكر العربي، لا يمكن أن ننكر أن لنا إيجابيات وأن فينا الكثيرين لهم تأثيرات القيم المظافة على محيطه؛ لكن، من نحن !؟ سؤال يمر في الممرات السرية للعقل بمجرد تواجدك الكثيف في مواقع التواصل الإجتماعي، و أنت تراقب وتلاحظ وتتابع منشورات تعليقات ممارسات معظم الأجيال ستجتاحك أحاسيس توحي يقينا أن عقولنا تؤمن بتشييء الإنسان لا بوجدانيته حتى أصبحنا كائنات نمطية نشبه بعضنا حد الغثيان؛ نؤمن بتمثلات ذهنية رجعية نسميها خطأ بأننا محافظين، في الوقت الذي نحن فيه لسنا محافظين إلا على الجمود وجهالة الذات وارتباك العقل، محافظين على عدم تغيير التمثلات التي اكتسحت عقولنا فأنتجت الإحباط في أرواحنا وأصبحنا نتباهى فقط بأشكالنا؛ التي تعتمد على البصر الذي ينقلب بعد مدة قصيرة جدا خاسرا خاسئا ويصبح يرى في جمالنا قبحه مادم يعتمد على أشكالنا دون البحث في عقولنا وأروحنا، وتعود أبصارنا فائزة فخورة عندما تنظر إلى عقل تَطَهَّرَ بصفاء الروح القادرة على منح البصر لذة النظر إلى جمال من على الأرض؛ إننا لا نقوى على أن نفهم أن ما ترى عيوننا مجرد تمظهرات خادعة؛ نحن شباب بفكر عربي لم نعد نستوعب أن ما يمنح معنى لحياتنا هو أن نواصل إكتساب القناعة أننا وحدنا المسؤولين على جمالنا وقبحنا، وأن وجودنا وعدمنا مرتبط بنا لا بلايكات وتعليقات آخرين هم مثلنا أو أقل منا وحتى إن كانوا أحسن منا، ينقصنا أن نستوعب أن كل شيء مرتبط بذواتنا وبمدى إقتناعنا أن الإنسان بني على ثلاث: 1: رقي الفكر؛ 2: نقاء الروح؛ 3: أناقة الجسد. والأولوية للعقل فالروح ويليه الجسد؛ ولا يمكن أن ينفصل أحدهم عن الآخر بل تمام الإنسان وتصالحه مع ذاته مرتبط بتعانق هذا البناء لا إنفصاله، ولا دور لعناق الهواتف الذكية بين أناملنا إلا في حدود أن الحياة إنما هي لعب ولهو؛ نحن قوم ينقصنا أن نفهم أننا نؤسس فقط لشقاءنا وإحباطنا الداخلي بأفعالنا وممارساتنا، رغم أننا نتظاهر بأننا في قمة فخرنا وتمام ذواتنا، ينقصنا الإقتناع بأنفسنا والثقة فيها والإبتعاد عن تقديس الآخر وتبجيل الحكام، ينقصنا أن نستوعب انه في أغلب الحالات ليس حقيقة أن طاعة أولي الأمر من طاعة الله ورسوله، ينقصنا تطهير أنفسنا والإبتعاد عن الخوض في أعراض الناس وعوراتهم وخطاياهم، والإهتمام بتقوية فن تفردنا والإحتراف فيه والإقتناع بأن في الإختلاف قوة؛ ينقصنا أن نحترم تاء التأنيث لِتُطَاوِعَنَا وتظل حاضرة في مجتمعنا؛ فإن حدث ولم نمتلك فن إحتواءها وقررت الإبتعاد عنا سيفقد المجتمع تاءه ونتحول إلى مجمع وشتان بين المجتمع والمجمع؛ بكل بساطة نحن شباب بفكر عربي نتحدث في كل شيء ولا نفهم أغلب الأشياء، يملأنا الفراغ الفكري والروحي وتملأنا الأجساد التي هي مجرد تراب؛ ولا دور لنا في صناعة الحياة، لأننا لا نمتلك فن ذلك، ونبحث عن أشياء إن تبد لنا تسؤنا، ونبتعد عن أشياء هي كالماء إن إقتربنا منها تسقينا لتحيينا (وجعلنا من الماء كل شيء حيا)؛ نحن قوم ضائع لأنه ليس قانع، نحن فرحون بما لا يبعث على الفرح، وحزينون بما لا يبعث على الحزن؛ فتحولنا بذلك من خير أمة أخرجت للناس إلى أمة تضحك من فراغها الأمم؛ ينقصنا أن نكون كالريم المقتنع بتمام الجمال الذي منحه الله له فيقف واثقا من نفسه، ونحن نقف رافعين رؤوسنا لكن في داخلنا نحس أنها مطأطأة وثقيلة علينا لأننا غير مقتنعين بتمام ما منحه لنا إلاهنا، ينقصنا أن نفهم ونتفهم ان كل هذا القول نسبي ولا وجود للمطلق على هذه الأرض التي صدق الراحل محمود درويش عندما حسم ان فيها ما يستحق الحياة.