أكمل حزب الأصالة والمعاصرة في الثامن من غشت الجاري ثماني سنوات منذ تأسيسه، وهو الذي ارتبط اسمه خلال مرحلة التأسيس باسم المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة، الذي شغل منصب نائب أمينه العام لحسن بعدي، قبل أن يستقيل منه سنة 2011. ظروف نشأة "البام" دفعت العديد من المتابعين للشأن السياسي المغربي إلى إطلاق وصف "حزب الإدارة" على "الجرار"، على غرار أحزاب أخرى، كجبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية الذي لم يعد موجودا، وحزبي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية. "البام" استطاع أن يجد لنفسه مكانا بسرعة في الساحة السياسية المغربية، إذ حصد أزيد من مليون و300 صوت في الانتخابات المحلية والجهوية الأخيرة، مكنته من تسيير الشأن الداخلي ل5 جهات من أصل 12 جهة. وبعدد الأصوات نفسه تقريبا شد "البام" الأنظار إليه في انتخابات 2009، لكنه احتل المركز الرابع في استحقاقات 2011، التي تعتبر استثنائية بالنظر إلى الظروف التي أجريت فيها والنتائج التي أفرزتها، ليختار "الجرار" مقاعد المعارضة. السنوات الثماني التي مضت على تأسيسه، والظروف التي مر منها مع الأمناء العامين الذين تعاقبوا على رئاسته، جعلت الأصالة والمعاصرة يحاول النأي بنفسه عن وصفه ب"حزب الإدارة"، وهو الوصف الذي اعتبره إلياس العماري، أمينه العام، "اتهاما"، ونعتا يطلقه السياسيون على بعضهم لا يمكن الاستناد إليه. واستطرد العماري، في حديثه مع هسبريس، بأن "جميع الأحزاب المغربية إدارية مدام تأسيسها تم احتكاما للقانون"؛ مستدركا بأن "هنالك أحزابا عانت للحصول على الشرعية القانونية، وأخرى لم تعان"، ومضيفا أن "جميع الأحزاب في العشرية الأخيرة أسست بالطريقة نفسها". كمال الهشومي، أستاذ العلوم السياسية بالبيضاء، اعتبر أن منطلق تأسيس "البام" "كان محط شك، على اعتبار أن التأسيس سبقه وجود جمعية صرح مؤسسوها بأنهم لن يؤسسوا أي حزب"، حسب تعبيره. وأضاف الهشومي أن "طبيعة الأشخاص الذين سعوا إلى تأسيس هذه الجمعية، والذين لهم ارتباط بمسؤوليات داخل الدولة، جعلتهم يخلصون في النهاية إلى تأسيس حزب"، مضيفا: "رغم أن الدستور المغربي يضمن للجميع هذا الحق، إلا أن سياق تأسيس هذا الحزب جعله دائما محط شكوك". "كما أن الانتخابات المحلية التي حصل فيها "البام" على الأغلبية جعلت العديد من المتتبعين يرصدون مجموعة من الشروط غير المتكافئة في التنافس"، يقول المتحدث نفسه، مضيفا: "اليوم، وبعد هذا المسار وما أفرزه من احتقان سياسي كبير، وإن كان إيجابيا للفعل السياسي المغربي، يمكن القول إن موقع حزب الأصالة والمعاصرة، بالنظر إلى تكوينه وسياقه وكذلك الأطياف المشكلة له، جعله محطة تساؤل.. ومع بروز حركة 20 فبراير خفت وهجه قليلا، ليعود أكثر قوة". "كما أن حدة المنافسة بين "البام" و"البيجيدي"، ووصف الأخير له ب"حزب التحكم"، جعلاه دائما يحمل طابع الحزب الإداري؛ ومن المفروض فيه الآن، ونحن على أبواب استحقاقات مهمة جدا، أن ينتبه إلى طريقة تعامله وطريقة تقديمه لمرشحيه..لكن الأكيد في تقديري أن "البام" لم يستطع بعد الخروج من جبة الحزب المنعوت بالتحكم وبالحزب الإداري"، يختم المتحدث نفسه. *صحافي متدرب