عدة منازل بالمدينة العتيقة لعاصمة النخيل تشكل قنابل موقوتة تهدد سكان كل من حي الحارة والملاح وبوسكري وديور الصابون وغيرها بالتشرد والضياع وفقدان الحياة أحيانا. مساكن هذه الأحياء شهادة تسجل بؤس الحياة وتحيل على وجه آخر لمراكش العالمية، وهي رواية حزينة تتكرر كل سنة، بسبب انهيار المنازل. "نكره فصل الشتاء لأنه يشكل تهديدا لنا"، هذا هو لسان حال سكان المنازل الآيلة للسقوط، لأنه موسم لا يمر دون أن يخلف خسائر مادية وأحيانا ضحايا في الأرواح، فالتساقطات المطرية أصبحت مقترنة بموت مواطنين جراء انهيار منازلهم فوق رؤوسهم، كأنما آذان المسؤولين اعتادت أن تسمع عن ضحايا "البنايات الآيلة للسقوط". "خدوج.ب"، متضررة من درب العرب بحي الحارة، أوضحت لهسبريس أن 50 دارا تقريبا مهددة بالانهيار بسبب تصدع وتشقق جدرانها، وأن كل السكان مهددون ولا يحسون بالأمن، مضيفة أن وعودا بتنفيذ إصلاح الوضع المزري قدمت منذ 2008، معبرة عن تذمرها من عدم وفاء المسؤولين الذين تعاقبوا على تدبير الشأن المحلي. "فاطمة.س"، سيدة أخرى من حي السلام، في عقدها الثامن، قالت: "منذ طفولتي والسلطات المحلية تقوم بإحصائنا"، موردة، وهي تشير إلى تشققات كبيرة بجدار منزلها، أن "السكان يتلقون خلال الحملات الانتخابية وعودا بالإصلاح، والميزانية صودق عليها، ونحن ننتظر أن تسقط الجدران على رؤوسنا، ويتحول حينا إلى مقبرة جماعية لا قدر الله"، على حد قولها. محمد أبا نواس، عن جمعية الحي والثقافة، أورد، ضمن حديثه لهسبريس، أن من سكان أحياء المدينة العتيقة من قضى عمره يجري وراء مساعدة مالية يرمم بها بيته، أو تعويض عن منزله في مكان آمن، لكن هذه الأحلام توارثها الأبناء عن الآباء والمسلسل مستمر في كل هذه حارات المدينة القديمة، بسبب كثرة بيوتها التي بنيت بالطين سابقا، ولكون المنازل يتكئ بعضها على بعض، ما يؤدي إلى كوارث لحظة سقوط بيت من البيوت. وتابع الفاعل الجمعوي عينه مقدما نموذجا بمنزل بدرب لالا بنت العمري بحي "أسول"، "حالته خطيرة لأن البيت مهدد بالسقوط في أي لحظة، وينتظر أن يحصد أرواحا إذا لم يتم إصلاحه، لأن الأطفال يلعبون بجانبه، والمارة يسيرون بمحاذاته"، مضيفا بلكنته المراكشية: "كلما سرت بجانبه أنطق بالشهادتين استعدادا للموت". "تعبنا من دق أبواب السلطة المحلية والمنتخبة لسنوات طويلة، حتى بلغ اليأس بنا مبلغه وشعرنا بالملل الذي منعنا من الاتصال بالمجلس الجماعي المنتخب حديثا"، يورد عاشق دروب المدينة العتيقة، مطالبا بالتعجيل بالتدخل من طرف الجهات المسؤولة لإصلاح المنزل المشار إليه، قبل فوات الأوان. زمن طويل وسكان المدينة العتيقة يجترون المعاناة، وسنوات والإدارة الترابية تعرف التغيرات مثلها مثل المجالس المحلية، لكن وضع الأسر المتضررة بقي على حاله، تواجه الخطر المحدق، فيما المؤسسات المعنية بالتدخل تتبادل الاتهامات، وكل واحدة تعمل على إبعاد المسؤولية عنها وتحمليها لطرف آخر، ما جعل مدينة سبعة رجال تعاني من استمرار النزيف. لتجاوز هذا الوضع الذي عمر طويلا، يقول يونس بن سليمان، نائب رئيس المجلس الجماعي لعاصمة النخيل، إن اتفاقيات تم إبرامها بين وزارة الإسكان وسياسة المدينة ومؤسسة العمران والجماعة الحضرية، تروم تقديم مساعدة للمتضررين بمبلغ مالي قدره 40 ألف درهم لإصلاح المنازل المهددة بالسقوط. النائب الأول لعمدة مراكش تابع قائلا، ضمن تصريح لهسبريس، إن "المجلس منكب على إحصاء عدد المنازل الآيلة للسقوط، ويعمل جاهدا لوقف مسلسل انهيار المنازل فوق رؤوس أصحابها، عبر تسريع وتيرة عملية الاستفادة لمن له الحق في ذلك"، منبها إلى أن قرار إفراغ البنايات الآيلة للسقوط من أصحابها بالقوة لم يصبح قانونا بعد، مشيرا إلى أن المعمول به الآن هو توجيه إنذار لقاطني هذه البيوت لحماية حقهم في الحياة والسكن.